لا يُضايقُني أيُّ شيءْ
يردُّ الجميعُ السلامَ
بأفضلَ منه
ويبتسمُ العابرونَ بوجهي
(ولا تقطعُ الكهرباءْ)!
هنا
لا يُضايقني أيُّ شيءٍ
تجي القطاراتُ في موعدٍ ثابتٍ
والمقاهى تُنادي عليَّ لأجلسَ
والباعةُ الجائلونَ
يُحيَّونني
إذ أعودُ إلى (نُزُلي)
إنَّه نصفُ بيتٍ صغيرٍ
لأرملةٍ
وهي تصنعُ خبزاً شهياً
وتُذهلُني كلَّ يومٍ
بطعمِ الحساءْ!
هنا لا يُضايقُني
أيُّ شيءٍ
ففي هذه الأرضِ
أرضٌ
وفوقي سماءٌ
ملوَّنةٌ
مثل تلك السماءْ
هنا
أتسكَّعُ في شارعٍ
شُغلَ الناسُ فيه
بأنفسِهم
يهرعونَ إلى ما يشاؤونَ
يبتسمونَ لأمثالِنا
ويمرُّونَ
جداً خفافاً
كأنسامِ هذا الشتاءْ
هنا
أتناولُ شاي الصباحِ
على شرفةٍ
تتسابقُ نحو الوصولِ إليها
ورودُ الحديقةِ في كلِّ يومٍ
وتلقي عليَّ تحيَّتَها
في المساءْ
هنا
في البلادِ الغريبةِ
دفءٌ
يُلامسُ قلبي
فمعظمُ سكَّانِها طيبونَ
ولم يسألوني لماذا
أُقيمُ لديهم؟
ولا عيَّروني
بهذا الذي ليس يُخفى بوجهي
وأعني
المزيجَ الغريبَ من الحزنِ
والكبرياءْ!!
هنا في البلادِ الغريبةِ
ما يُشبهُ الأهلَ
ناسٌ لهم وجعٌ ربما
مثل أوجاعِ قلبي
لهم غصةٌ
مثل هذي التي
ما تزالُ بروحي
كأنَّ البكاءَ يزيدُ تشبثهَا بي
متى طبَّب الروحَ
هذا البكاء!؟
هنا
في البلادِ البعيدةِ
أُصغي لنفسي قليلاً
وأكتبُ
أكتبُ
في كلِّ شيءٍ
وعن كلِّ شيءٍ
بلا قلمٍ
وأُغنِّي
فأُدركُ أنّي أُجيد الغناءْ!
هنا
(سرعةُ النتِ) مذهلةٌ
والحياة مرتبة
مثل بيتٍ نظيفٍ
تعهَّده مولعٌ بالنقاءْ
تُحدِّثُني هذه النفسُ
أن أعتلي منبراً
وأُنادي على الناسِ
-يا أيُّها الناسُ
لي وطنٌ
صدِّقوني
أنا لستُ منبتةً
لستُ(مقطوعةً من شجرْ)!!
فلي (عزوةٌ)
لي رجالٌ أُقدِّرُهم
ونساءْ!
لي قبورٌ هناك
أعزُّ على هذه الروحِ
من كلِّ ما في الحياةْ!!
هنا
لا يُضايقُني أيُّ شيء
ولكنَّني لا أكفُّ ولو ساعةً
عن حنيني
إلى شمسِه
أهلِه
نيلِه
والصباحاتِ فيه
المساءاتِ فيه
شوارِعه
كلِّ شيءٍ به
وطني
إنَّني
يستبدُّ بي الشوقُ
حدَّ العياءْ!