قلْ للملوكِ إذا طغى السلطانُ
العزُّ باقٍ إن علا الإيمانُ
والنورُ يغمرُ كلَّ قلبٍ خاشعٍ
فيصونُ كلَّ خِصالِه الإحسانُ
لمَّا أقامَ الليلُ حولَ ديارِنا
طارت عيونُ الفكرِ ، ساد هوانُ
وانزاح نورُ العلمِ من أبصارِنا
وبدا لكلِّ فضيلةٍ عدوانُ
وبكت بلادُ العُرْبِ تنعي نفسَها
فاليأسُ عاد وسادت الأحزانُ
لكِنْ قلوبُ الصادقين توجَّهَتْ
للهِ يسبقُ خطوَها الإذعانُ
فأطلَّ مِن بين الجراحِ إمامُنا
وهبَ الضياءَ لدربِهِ القرآنُ
نذرَ الحياةَ لِغرسِ نورٍ خالدٍ
يحميه عقلٌ ساطعٌ وبيانُ
وبدا كأشجارِ النخيلِ إذا علَت
بثمارِها يزهو بها البستانُ
بالحقِّ ينطقُ دونَ خشيةِ فاسقٍ
للحقِّ يقصدُ إنَّهُ الديَّانُ
يسعى لدحرِ الجهلِ يبني قلعةً
للعقلِ يَحفظُ فكرَها البرهانُ
بخواطرِ الإيمانِ عاش مُفسرًا
ذكرًا تُصانُ بهَديِِهِ الأوطانُ
هتفت عقولُ العالمين محبةً
فأحاط منه السامعين حنانُ
والعينُ تذرفُ خشيةً وتضرعًا
حتى يضمَّ حسابَها الغفرانُ
أفهمتَ كلَّ مسامعٍ أسمعتَها
وبدون جهدٍ سارت البلدانُ
للهِ أجنادٌ وأنتَ دليلُهُمْ
وبرَسمِ كَفِّكَ يظهرُ العنوانُ
ويعودُ كُلُّ التائهين لرشدِهِمْ
تسمو بِهم بعد الرضا الأذهانُ
كمْ علَّمَ الدنيا بكلِّ سماحةٍ
فدنا ليجلسَ دونَهُ العرفانُ
كمْ فرَّ مِن شَغْلِ المناصبِ قائلًا
بالدينِ يسكنُ بالقلوبِ أمانُ
نِعمَ الأمينُ على البلادِ بحكمةٍ
مِنهاجُهُ أصغَى لهُ الإتقانُ
قالوا إمامٌ للدعاةِ بعصرِنا
والقولُ هذا نالهُ النقصانُ
هذا لعَمري صار نجمًا خالدًا
يلقى السبيلَ بعلمِهِ الحيرانُ
سيظلُّ مثلَ الشمسِ في عليائها
يرجو النجاةَ بزادها الجوعانُ
سيظلُّ مثلَ النهرِ يمنحُ باسمًا
مِن فيضِ ماءٍ يرتوي العطشانُ
يا مَنْ أراد العلمَ سارع واقتبس
مِن منبعٍ شهدتْ له الأزمانُ
واعملْ بعزمٍ في رخاءِ شعوبِنا
ينظرْ إليكَ بعفوِهِ الرحمنُ
( إلى روح إمام الدعاة فضيلة الشيخ
محمد متولي الشعراوي )