زمن الصحافة الجميل مضي ولن يعود ثانية مهما حدث.. زمن كانت للصحافة المصرية بريقها.. وللصحفي مكانته العالية ..زمن كانت الصحافة سلطة رابعة.. زمن عاش فيه أستاذي ومعلمي عيد باطة رحمة الله عليه.
عيد باطة كان كاتبا ومتحدثا من طراز فريد لايمكن أن يتكرر نسج بأنامله مقالات عدة في صفحة المقالات بجريدة الجمهورية ومقالا وحيدا في جريدة عقيدتي بعنوان إنتباه أثار جدلا بين علماء الدين ثم أصبح مسئولا عن صفحة الرأي ليكتب كل أسبوع إفتتاحية الصفحة بمايتناسب وقدر ما ينشر لكبار الكتاب والمفكرين.
عاش زمنا كانت الكلمة فيه مقروءه ومفهومه..كانت الناس تتسابق علي شراء الصحف لما فيها من وجبة غذائية ثقافية دسمه.. عمل عيد باطة تحت رئاسة علي أمين ومصطفي أمين وأنيس منصور وسمير رجب ومحمد حسن الألفي وكان أخرهم ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم الحالي ..تعلم من أهم جيل في الصحافة المصرية وسار علي نهجهم ومبادئهم .
كان ودودا لكل من يقترب منه متفاعلا معهم في أفراحهم وأحزانهم جريئا في مواجهة الصعاب مع الأصدقاء ومع كل من يلجأ اليه.. يقحم نفسه متصدرا الموقف في قضايا الأخرين ليخرج بحلولا غير تقليدية ونهائية. تقضي علي الموقف نهائيا.. وعلي العكس في الزمن الجميل للصحافة ووقع في مشكلة كبيرة مع سمير رجب وأخذت حجما كبيرا وقتها تخلي عنه الجميع ولم يجد بجواره أحد من الأصدقاء يظهر معه في الصورة ولكن الكل كان متعاطفا معه من خلال التليفون أو المقابلات البعيدة عن مقر الجريدة ورغم ذلك ظل يحمل هموم الناس الي أن وصل الي سن المعاش ليجدد له ياسر رزق عاما واحدا ويحرمه من تجديد أربعة سنوات أخري هي المدة المكفولة لرئيس مجلس الإدارة تجاه الصحفي الذي يصل سن الستين.
عاش عيد باطه يحمل الإبتسامه لكل من يستحقها ومن لا يستحقها عاش قريبا من الفقراء والضعفاء بعيدا عن أصحاب المناصب والثراء وكانت ابتسامة هؤلاء تجعله في قمة. سعادته.
يعشق أولاده بصورة غير عادية قلقا عليهم بصفة مستمرة كان حلمه أن يشهد حفل تخرج أبنه الأصغر وكان يقول لي وهو في صحته هل سأشاركه فرحته في هذا اليوم ؟ سأجلس في بيتي أستقبل المهنئيين من الأهل والأصدقاء عقب تخرجه ؟وكنت أرد عليه بأنك قلت نفس الكلام في شقيقه الأكبر والحمد لله شاركته الفرحة وربنا يبارك في صحتك وتشارك الأبن الأصغر فرحته ولكن كانت إرادت الله فوق كل إرادة ولقاء الله كان الأسرع.
مات عيد باطة وهويعيش معي بروحه وصوته وكلماته وأرائه الثاقبة مات عيد باطة وترك لي أنا شخصيا كنزا من العلاقات الطيبة بأساتذة الجامعات والمفكرين والكتاب والشعراء مات عيد باطه وأنا أشعر فعلا كما كان يقدمني للناس علي أنني أبنه البكري بعد شقيقه المستشار عماد باطه مات عيد باطة وكل زملاءه وأصدقاظه يتواصلون معي بكل حب وود كأنه موجود بيننا لايغيب عني وعنهم.رحم الله أستاذي ووالدي وصاحب الفضل علي في طريق صاحبة الجلالة.. فأقل ما أقدمه له في هذه الأيام المباركة أن أدعو الله أن يغفر له وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم كل أهله وأحبابه الصبر السلوان.