إن التنمية هي أساس النمو ولكن لا تضمن وحدها تحقيق النمو؛ حيث أن النمو يعنى إنتاج السلع والخدمات في الدولة يكون أكبر من النمو السكاني في الدولة، ولكن التنمية لا تركز فقط على حجم الإنتاج ولكنها تركز أيضاً على هيكل هذا الإنتاج. إن الأموال التي تخصص للإنفاق في الموازنة العامة للدولة لها دور في تحقيق التنمية وذلك من خلال استخدام تلك الأموال في الإنفاق الاستثماري، وكذلك بالنسبة للإيرادات فيجب أن تتأكد الدولة من أن إنتاجيتها تتكون من الدخل والثروة اللذين تولدا من النفقات.
لذلك يأتي دور الدولة في تأهيل وتعزيز مشاركة القطاع الخاص؛ حيث تحديد المجالات والفرص التي يتدخل فيها القطاع الخاص في إطار تشجيع الاستثمار وتطوير بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية وتنسيق الجهود والتعاون بين دور الدولة ودور القطاع الخاص. كما أن دور الدولة يمثل أهمية كبرى في الإصلاح الهيكلي الإداري للدولة وحوكمة الشركات المملوكة للدولة، وإتاحة التمويل المصرفي وغير المصرفي، وتيسير إجراءات التخليص الجمركي؛ ما ساهم في تعزيز شراكة القطاع الخاص ودور القطاع الخاص.
أن هذه المبادرة الجديدة لدعم القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية ليست الأولى من قبل الدولة التي تقف دائما بجانب هذه القطاعات الإنتاجية والعاملين فيها في الأزمات لدعمهم ولمساعدتهم على مواجهة التحديات والأعباء المترتبة على الأزمات الاقتصادية وتداعياتها السلبية الصعبة، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج بكل مراحله، لن هذه المبادرة ستساعد القطاعات الإنتاجية على الاستمرارية وحل إشكاليات التمويل لبعض المشروعات.
وفي هذا الإطار، تحاول الدولة جاهدة تقليل أثر المزاحمة المالية، وأن تكون الاستثمارات الحكومية محابية للاستثمار الخاص. وتحدث المزاحمة المالية ذلك عندما تُقرر الحكومة تمويل زيادة الإنفاق العام من خلال زيادة الاقتراض من القطاع المصرفي؛ وذلك بطرح أذون وسندات خزانة؛ وذلك لأن أدوات الدين الحكومية تتمتع بمعدل عائد مرتفع وخطورة شبه منعدمة،
فتتجه البنوك إلى زيادة الاستثمار في هذه الأدوات، وبما يؤدي إلى مزاحمة الاستثمار والاستهلاك الخاص عن طريق خفض حجم الائتمان المتاح لهما، مع رفع معدل الفائدة المطلوب. وهو ما تم خلال الفترات السابقة حيث اتخذ الائتمان المحلي المقدم للقطاع الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي اتجاهًا تنازليًا ليصل إلى 24.0% في عام 2019.
توجه الاقتصاد المصري لبرنامج إصلاح اقتصادي يهدف لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في تلك المرحلة، وتعديل نظام التسعير باستخدام الأدوات الضريبية. اتبعت الحكومة سياسة مالية ونقدية توسعية؛ للتقليل من معدلات الفقر والبطالة المتزايدة وما نتج عنها من صراعات اجتماعية، مما أدى لمزاحمة الاستثمار الخاص والتقليل من أثره الموجب على النمو الاقتصادي.
شهدت الفترة اضطراب في النمو الاقتصادي؛ حيث حدث انخفاض ثم ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وذلك بين سنة وأخرى، ولكنه تراجع أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008/2009فيما سمي “أزمة الرهن العقاري”
ثم تعافى في العام التالي، لكن الاقتصاد المصري لم يتأثر كثيراً بتلك الأزمة مقارنة بالدول الأخرى وتم إرجاع ذلك لعدد من الأسباب أهمها ضعف تكامل الاقتصاد المصري مع النظام المالي العالمي استهدفت السياسة المالية في نفس العام الحد من الآثار السلبية لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وقد انعكس ذلك على زياده اعتمادات الدعم، هذا إلى جانب ما تقرر بشأن تخفيض التعريفة الجمركية على السلع الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج)
تحديد القدرة على البقاء بشكل أفضل، وهو ما يقوم به أصحاب المصلحة من القطاع الخاص – أي أولئك الذين لديهم مطالبات محتملة لدى الشركة وبشأن أصولها – في حين يمكن أن تلعب الحكومات دور الجهة التي تجمع بين الأطراف المعنية. ويتطلب تحديد القدرة على البقاء عدة اعتبارات، بما في ذلك: الملاءة المالية (سواءً على أساس المركز المالي أو السيولة)، وقابلية التأثر
(ما إذا كانت المصاعب المالية مرتبطة بفيروس كورونا)، وحجم الشركة ومنظومة نشاطها الاقتصادي الرسمي (مع توجيه دعم الشركات متناهية الصغر والأقل رسمية بشكل أفضل عبر آليات الحماية الاجتماعية). وبدأت الدولة في منتصف 2021 المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، والتي تعتمد على إجراء إصلاحات هيكلية؛ لدعم النمو الاحتوائي المستدام.
وينطوي “الإصلاح الهيكلي” على تنفيذ تعديلات هيكلية عميقة ومُلحة في منهج الإدارة الحكومية والسياسات العامة التي تتبناها وأدواتها وصولًا إلى تعديل البنية الهيكلية للاقتصاد الوطني، حتى يقوده القطاع الخاص غير الهيدروكربوني، ويُصبح قادرًا على الاستمرار ذاتيًا؛ دون الاعتماد على الإنفاق الحكومي.
وبناء عليه، ارتفعت قيمة استثمارات القطاع الخاص المنفذة خلال الفترة (2014/2015 – 2019/2020) لتصل إلى نحو (1650 مليار جنيه) بما يمثل نحو (45%) في إجمالي الاستثمارات المنفذة. مقارنة بالفترة (2010/2011 – 2013/2014) حيث بلغت قيمة استثمارات القطاع الخاص (596 مليار جنيه) تمثل نحو (61%) من إجمالي الاستثمارات المنفذة.
مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية والتي تتمثل في خفض أسعار الفائدة على القروض المقدمة لهذه القطاعات لمساعدتها في مواجهة تلك التداعيات السلبية بحيث تكون القيمة الإجمالية للمبادرة المقترحة، التي تبدأ اعتبارا من الأسبوع الحالي
ولمدة خمس سنوات، هي نحو 150 مليار جنيه، منها نحو 140 مليار جنيه تمويل عمليات رأس المال العامل، بالإضافة إلى نحو 10 مليارات جنيه لتمويل شراء السلع الرأسمالية وتقديم التمويل للشركات المنضمة للمبادرة بواقع سعر فائدة منخفض يبلغ 11%،
على أن تتحمل الدولة الفرق في سعر الفائدة معتبراً هذه المبادرة بمثابة أكبر تشجيع في تاريخ مصر لقطاعي الزراعة والصناعة من اجل إقامة المزيد من المشروعات الاستثمارية الزراعية والصناعية الجديدة والتوسع في المشروعات القائمة وذلك سوف يحقق مكاسب متعددة للاقتصاد الوطني في مقدمتها توفير مختلف السلع والمنتجات الزراعية والصناعية للحد من الفاتورة الاستيرادية ومضاعفة الصادرات الزراعية والصناعية. أن هذه المبادرة تتضمن دعم القطاعات الإنتاجية بخفض أسعار الفائدة على القروض المقدمة وتخصيص نحو 150 مليار جنيه منها نحو 140 مليار جنيه تمويل عمليات رأس المال العامل بالإضافة إلى نحو 10 مليارات جنيه لتمويل شراء السلع الرأسمالية
وتقديم التمويل للشركات المنضمة للمبادرة بواقع سعر فائدة منخفض يبلغ 11%، على أن تتحمل الدولة الفرق في سعر الفائدة، وهى مبادرة تشجع على تعزيز الإنتاج واستدامة التمويل والعمل في القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية، وتدعم ملايين العاملين في هذه القطاعات الحيوية. وتستهدف الدولة المصرية جذب استثمارات أجنبية مباشرة سنويًا بنحو 10 مليارات دولار خلال السنوات المقبلة، مع استمرار دفع جهود تنمية حصيلة الصادرات السلعية لتصل إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2025، وزيادة حصيلة قطاع السياحة إلى 30 مليار دولار سنويًا.
أن نجاح هذه المبادرة سوف يحقق مكاسب متعددة للاقتصاد الوطني في مقدمتها الحد من الفاتورة الاستيرادية نتيجة استيراد عدد من السلع والمحاصيل الزراعية والمنتجات الصناعية ومضاعفة الصادرات المصرية من المحاصيل الزراعية والسلع والمنتجات الصناعية إضافة الي إنشاء العديد من المشروعات الزراعية والصناعية والتوسع في المشروعات القائمة مطالباً من مستثمري القطاع الزراعي والصناعي استغلال هذه المبادرة افضل استغلال خاصة أنها جاءت في توقيت في غاية الأهمية لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني.
أن اعتماد المبادرة على تخفيض سعر الفائدة للقروض المقدمة للقطاعين الصناعي والزراعي، يخفف العبء عنهما في ظل التطورات الأخيرة وما صاحبها من ارتفاع في مدخلات الصناعة وضمان عدم انخفاض حجم الإنتاجية، مطالبا باتخاذ إجراءات متوازية أيضا في دعم القطاع السياحي، باعتباره دافعًا رئيسيًا للنمو وتحسين حصيلة النقد الأجنبي في ظل ارتفاع عدد السياح بنسبة 55٪ في الربع الأول من العام المالي الحالي.