كل الوقائع على الأرض وفي الفضاء تؤكد أن الأخلاق هي المعركة القادمة وبامتياز وان الصراع الحضاري سيكون ركيزته الأخلاق.. والويل كل الويل لمن باع دينه وأخلاقه من أجل اوهام وأشباح تملأ الأرض ضجيجا وصخبا لتخلع الإنسان من إنسانيته وتجرده من فطرته التى فطر الله الناس عليها..
الإسلام لا ينازعه منازع في هذه المعركة الحيوية والأعداء يدركون حقيقة ما يمتلكه من قوة لا تقاوم على هذا الصعيد وهم يدركون حجم الخطر الذي يحدق بهم وبخططهم الجهنمية ويخشون أشد الخشية من أي تقدم يحدثه الإسلام على اي صعيد واي اختراق في مجتمعاتهم للقيم الإسلامية يصيبهم بالانزعاج وقد يصل حد الارتباك ولعل هذا ما يفسر ضراوة الحملة على الإسلام كدين وعقيدة ولا تكاد تمر فرصة الا ويتم الهجوم عليه وتشويه المسلمين كأتباع..
ومن عجائب الزمان أنهم يضربون بكل قيمهم وأخلاقهم عرض الحائط ويدهسونها بالاقدام عندما يتعلق الأمر بالنيل من الإسلام والمسلمين وينسون ما يصدعون به الرؤوس من شعارات حول الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان والمرأة وما إلى ذلك من اسطوانات باتت مشروخة وعدم القيمة والجدوى..
نعم الأخلاق هي المعركة الحضارية التى تدور رحاها الان.. وقد بدأت بالفعل منذ عقود.. سرا وعلانية وتستخدم فيها كل الوسائل والأدوات المشروعة وغير المشروعة ومحاولات تمرير المشروعات الهدامة لكل القيم والأخلاق على قدم وساق مرات بصورة مباشرة أو من طرف خفي وحتى بالتهديد والتلويح باستخدام القوة أو فرض عقوبات وغير ذلك .. أو التسلل عبر اتفاقيات وقوانين أممية تتخذ المنظمة الدولية ستارا لتمرير تلك الأخلاق والسلوكيات المنافية لكل الاعراف والتقاليد ومن قبل القيم الدينية..
وأيضا يتم استغلال وسائل التواصل الحديثة بصورة جهنمية في عمليات الاختراق وبث السموم إياها بين قطاعات عريضة من الشباب وغيرهم .. ناهيك عن الافلام والمسلسلات الرهيبة التى تعبث بعقول الاطفال اولا والشباب دائما والأسرة ليل نهار لضرب كيانها في مقتل بتسهيل مرور العلاقات الشاذة والمحرمة واعتبارها أمرا طبيعيا ولا غضاضة في الإنجاب خارج نطاق الأسرة أو ما يسمونه بعيش المساكنة بين المراهقين أو تجربة العلاقات الحميمة قبل الارتباط المقدس واشياء من هذا القبيل في عبارات مغلفة وخادعة.. والعجيب أنهم في إطار حرب الأخلاق يرفضون أن تسمى الاشياء باسمائها الحقيقية ويغضبون لذلك أشد الغضب ويعتبرون ان الأسماء الحقيقية شيئ مقزز ومقرف وثقيل على انفسهم فالزنا عندهم والحمل من سفاح .. إنجاب خارج إطار الزوجية .. العاهرة هي سترونج ويمن والشواذ مثليين ..وليسوا لواطيين..
وهكذا.. أنها حرب حقيقية في المصطلحات للعبث بالعقول وتضليل الشباب وكل المجتمع..
الغريب أن هناك إلحاحا شديدا على تلك الموضوعات وإصرارا على جعلها مادة حية وحاضرة في كل الأعمال الفنية والدرامية وفي برامج خاصة تعد لهذا الغرض الشنيع وللاسف تجد دعما ومساندة من جهات على الأقل مشبوهة لتمرير تلك الأخلاق والوضيعة وتمهيد الأرض للانحلال ومن ثم الانحراف والسقوط المدوي في هاوية الفواحش والرذائل..
السؤال الأهم .. ما موقفنا أمام هذا التحدي الرهيب ؟!
الجواب .. لابد أن نعترف أن المعركة ليست سهلة .. ولا يكفي القول أننا أقوياء بقرآننا ودينا وهو حصننا .. فهذا صحيح ولكن ليس بالكلام تدار المعارك الحضارية ..
ديننا واخلاقنا قرآننا لابد أن يراها العالم كله تجري على الأرض نموذجا عمليا ليس في بلادنا فقط ولكن في كل مكان يحل فيه مسلم .. أخلاقه عنوان يدل عليه .. تكفي للإشارة إليه والقول بأن هذا رجل محمدي هذا رجل قرآني ..
ماذا يعني هذا ؟! يعنى أن تكون أخلاقيا في كل مكان تحل فيه في الشارع في المصنع في المصالح الحكومية والخاصة لخدمة الناس .. أن تكون أمينا مؤتمنا على الأموال والاعراض وكل شيء وعلى دينك ووطنك.. لا يمكن أن تتسرب اليك رياح الخيانة ولا أن يقربك الخونة وتجار الدماء والمستغلين والمحتكرين وكل من لا يرعون في الله إلا ولا ذمة ..
قد يقول قائل.. أنها مثالية أكثر من اللزوم .. والحقيقة أن مثل هذه الأقوال ليس لها من هدف الا تسببط الهمم والنفوس وإثارة الخوف من أشياء ليست إلا في خيالاتهم وفي صلب اهداف أعداء الدين والوطن..
فليكن شعارنا وعنوان حملاتنا التى لا تتوقف في مشارق الأرض ومغاربها وبكل اللغات الحية والميتة .. قرآننا أخلاقنا.. وليس لدينا ما نخجل منه أو نتوارى به بل هو ما نفخر به ونتباهى على العالمين .. ولم لا فقد كان سيدنا وحبيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الارض.. كان خلقه القرآن.. كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم….
القضية ليست مسؤولية جهة ما أو مؤسسة أو وزارة أو هيئة دينيةاو سياسية أو اجتماعية أو أي من مؤسسات التنشئة الاجتماعية أو غيرها .. بل مسئولية الجميع بدءا من أصغر فرد وحتى اكبر مسئول .. وأن يعمل الجميع في تناغم تام وتعاضد .. وليحذروا التنافر والاختلاف أو سياسة النفس القصير..حتى لا يهدم البعض ما يبنيه الآخرون لضمان تمام البنيان.
فمتى يبلغ البنيان يوما تمامه اذا كنت تبني وغيرك يهدم؟!! ..
فلا يصح مثلا أن تهدم الافلام والمسلسلات أو الأغاني التى تتلاعب بالعواطف وتعبث في وجدان الاطفال وتتلاعل بعقول الشباب .. ما تبنيه مؤسسات التعليم بالمدرسة والجامعة والمسجد وغيرها.. بل إنه من العار أن يحدث ذلك التضاد أو يظهر وكأن هناك صراعا على القيم والأخلاق أو شبهة انتصار الغريب الوافد والشراء على الاصيل الراسخ الذي يحمي البنيان وقواعده ..
عندما تكون الاخلاق منهج حياة وطريقة تعامل ووسيلة تواصل ومعراجا الى العلا فأنت في مجتمع آمن لا تخشىى عليه أيا من حملات المغرضين والمنتفعين والمتاجرين وأصحاب الاجندات إياها في أي عصر ولن يضره تغريب او تشريق ولا أي احاديث مفتعلة عن حداثة ومعاصرة ولن يكون للمجون والفجور موضع قدم .. كل من هؤلاء واشياعهم لا مفر امامه سوى ان يحمل عصاه ويرحل غير مأسوف عليه..
&& من اجمل ما قيل في حسن الخلق :
** رجل بلا أخلاق هو وحش تمّ إطلاقه على هذا العالم.
**حسن الخلق يستر كثيراً من السيّئات، كما أنّ سوء الخلق يغطّي كثيرًا من الحسنات.
** من علامة حسن الخلق أن تكون في بيتك أحسن الناس أخلاقاً
** الفقير ليس بالضرورة من لا يملك المال فهناك فقراء: تربية، عقل، أخلاق.
** نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله عن ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الأُلْفة.
&& من اقوال الإمام الغزالي رحمه الله: حُسْن الخُلُق هو الإيمان، وقد ذكر الله صفات المؤمنين في كتابه، وهي بجملتها حُسْن الخُلُق…فمن أشكل عليه حاله، فليعرض نفسه على هذه الآيات، فوجودُ جميع الصفات علامةُ حُسْنِ الخُلُق، وفَقْدُ جميعِها علامةُ سوء الخُلُق، ووجودُ بعضِها دون بعضٍ، يدُلُّ على البعض دون البعض، فليشتغل بتحصيل ما فَقَدَه، وحفظ ما وَجَدَه.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: التودد إلى الناس بالأخلاق الجميلة والبشاشة وحسن الخلق من أكبر الأسباب لراحة القلب والبدن والسلامة من الغل والحقد والمنازعات والمخاصمات والتعلقات المشوشة للأفكار الموجبة للأكدار.
**جمع بعض العلماء علامات حسن الخلق في العلامات التالية:
أن يكون كثير الحياء, قليل الأذى, كثير الصلاح, صدوق اللسان, قليل الكلام, كثير العمل, قليل الزلل, قليل الفضول, براً, وصولاً, صبوراً, شكوراً, رضياً, حليماً, رفيقاً عفيفاً شفيقاً لا لعاناً ولا ساباً ولا نماماً ولا مغتاباً ولا عجولاً ولا حقوداً ولا بخيلاً ولا حسوداً بشاشاً هشاشاً يحب في الله ويبغض في الله ويرضى في الله ويبغض في الله.. فهذا هو حسن الخلق.
** قال أنس بن مالك رحمه الله: إن العبد ليبلغ بحسن خلقه أعلى درجة في الجنة وهو غير عابد, ويبلغ بسوء خلقه أسفل درك في جهنم وهو عابد.
** قال يحيى بن عاذ رحمه الله: في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق.
** قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: حُسن الخلق خير قرين والأدبُ خير ميراث.
&& يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته الرائعة “كم ذا يكابد عاشق ويلاقي” :
فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً *** فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ
فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا *** عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ
وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّنا *** بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ
وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ *** تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ
لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ *** ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ
&& احاديث نبيوة كثيرة للرسول -صلّى الله عليه وسلّم عن حسن الخلق رواها كبار الصحابة رضوان الله عليهم منها :
..“أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خياركُم لأهلِه”.
..“ما شيءٌ أثقلُ في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامةِ مِن خُلُقٍ حسَنٍ، فإنَّ اللَّهَ تعالى ليُبغِضُ الفاحشَ”.
..“إنَّ اللهَ ليبلِّغ العبدَ بحسنِ خلقِه درجةَ الصَّومِ والصَّلاةِ”.
.. “إن العبدَ ليبلغ بحسنِ خلقِه عظيمَ درجاتِ الآخرةِ وشرفِ المنازلِ وإنه لضعيف العبادةِ وإنه ليبلغ بسوءِ خلقِه أسفلَ درجةٍ في جهنمَ”.
.. “ألا أحدِّثكم بأحبِّكم إليَّ وأقربِكم منِّي مَجلسًا يومَ القيامةِ؟ ثلاثَ مرَّاتٍ يقولها قالَ: قلنا: بلى يا رسولَ اللَّهِ قالَ : فقالَ : أحسنكم أخلاقًا”.
.. “البِر حسْن الخلقِ”.
..“أربع إذا كنَّ فيكَ؛ فلا عليكَ ما فاتكَ منَ الدنيا؛ حفظ أمانةٍ، وصدق حديثٍ، وحسن خليقةٍ، وعفة في طعمةٍ”.
والله المستعان ..
megahedkh@hotmail.com