توفيت زوجة أبي الأولى وتركت خلفها ابنة واحدة عمرها 15 سنة ..
فتزوج والدي من أمي بعد فترة ليست بالطويلة ..
فبدأت رحلة أمي مع الإنجاب …
فخلال 11 سنة أنجبت أربعة أولاد وبنتين .. .. ثم أصابها مرض نادر يسمى الضمور العصبي مما أقعدها عن الحركة تماما ..
وبعدها توفيت رحمها الله ….
وهنا تصدرت أختنا من أبينا المشهد فقامت على رعايتنا وتربيتنا بالكامل رغم أن عندها خمسة من الأبناء .. بل أن أمي رحمها الله عندما توفيت كان عندها طفلين أعمارهما دون السنة والنصف .. فقامت أختي بإرضاعهما مع طفلتها التي هي في عمرهما … وظلت ترعى أبناء الأسرتين بصورة مستدامة .. وتقوم حتى بمهام الطبخ والتنظيف والغسيل نظرا لظروف والدنا الصعبة والتي لم تكن تسمح بإحضار خادمة … مما اضطر أختنا الكبرى (خديجة) للانتقال مع أولادها إلى جوار بيتنا (بعد وفاة زوجها) للإشراف على الأسرتين.
والعجيب أننا كنا وما زلنا نناديها يا أمي وليس يا أختي ..
ولم يقتصر بر أختنا وحنانها علينا فقط .. بل كانت خادمة تحت قدمي والدي رحمه الله … فقد كان والدي في آخر حياته وقد قارب التسعين .. قد أصيب بالزهايمر و ضمور في الجسم .. وصعوبة في الحركة .. فكانت أختي هي من تغسله و تلبسه وترافقه إلى دورة المياه وتقوم بكل شؤونه …
ومن المشاهد المؤثرة … أن والدي أصيب في آخر عمره بمرض احتباس البول .. وكان يتألم غاية الألم منه .. .. فكانت أختنا الكبرى تجلسه على فخذها كالطفل الصغير (فقد كان رحمه الله صغير الحجم ) .. ثم تقوم بالضغط على أسفل بطنه .. مصحوبا بالدعاء والتسبيح وقراءة المعوذات حتى ينفك احتباسه … بل وكان كثيرا ما يفعل ذلك على ثياب أختي .. فتقوم بتغسيل والدي وتغيير ثيابه .. وكان هذا المشهد يتكرر في اليوم الواحد أكثر من مرة ..
واليوم يا أستاذي قد بلغت أنا الخمسين .. وأختي قد تجاوزت السبعين واصبحت إمراة مسنة … والحمد لله أن احوالنا المادية قد تحسنت كثيرا .. فاشترينا لأختنا بيتا كبيرا .. واحضرنا لها خادمة …. بل ومن صور رضا الله عنها .. أنني رأيت أحد أبنائها وأحد إخوتي يحملانها على اكتافهما ويطوفان بها حول الكعبة .. ويسعون بها على ذات الحال بين الصفا والمروة …. ولا أذكر منذ سنوات أنها اضطرت للانحناء لغسل قدميها عند الوضوء .. فهذه مهمة نقوم بها نحن وابناؤها .. بل ونتسابق عليها …
فأردت أن أعرض عليكم هذه القصة كتجربة حياتية عشناها وما زلنا .. تعلمنا من خلالها أن بر الوالدين
(دين وسداد) ..
ينال العبد أجره في الدنيا والآخرة .
‘رب ارحمهما كما ربياني صغيرا”