لقد شاهد العالم أجمع ما يجري في غزة من شمالها إلى جنوبها، وكيف لم يُترك مكان للمدنيين ليأمنوا به، واستمع لكل الشهادات الحية من داخل فلسطين، حول إعدام الاحتلال الإسرائيلي للناس في بيوتهم بعد مداهمتها والتمكن من أهلها،
وكذا اقتياد الأسرى وإعادة كثيرٍ منهم جثثا بعد استخراج أحشائهم وسلخ جلودهم بصورة لا يصدقها عقل بشر، وكذا إعدام الآباء أمام أبنائهم، والأزواج أمام أعين زوجاتهم، كل هذه الصور الوحشية وهذا الانتهاك لأبسط القيم يتم بأيدي الصهاينة، الذين زعم الغرب أنهم بلد غربي الحضارة، وأرادوه نموذجا للمنطقة التي يريدونها أن تكون.
ومما لا شك فيه أن من حق الشعوب، بل من متطلبات حفاظها على منجزاتها أن تخرج على طغاتها الذين وإن لم يمارسوا القتل ضدها كطغاتنا، إلا أنهم مارسوا ويمارسون تشويه صورتها وهدم قيمها وأخلاقها التي اعتقدت أن بلادها تتمتع بها وأنها مجتمعات إنسانية تحترم الإنسان وتستجمع قيم الحرب والسلم، فهذه الشعوب وهي تخرج تنتصر لغزة، إنما تنتصر لنفسها وتدافع عن قيمها وحضارتها إن بقي لها شيء من ذلك.
لقد بدا واضحا للعالم أجمع أنه ليس الكيان الصهيوني وحده القاتل للأطفال والنساء والشيوخ في هذه المعركة، وليس وحده الذي يقوم بهدم المستشفيات فوق المرضى ويقصف المدارس فوق رؤوس النازحين، ويهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، فكل هذا وغيره وما يعجز الواصف عنه مارسته أميركا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من بلاد الغرب أيضا،
وتوفر أسباب تحقيقه، فمن يقدم جسرا جويا من السلاح الفتاك للاحتلال الإسرائيلي، هو الذي يمكنه من تنفيذ هذه الجرائم والفظائع، وهو شريك فيها بالكامل. ولا شك أن الدول العربية والإسلامية التي تخرج منها الإمدادات للكيان الصهيوني شريكة في الجريمة دون أدنى شك، وهي قد خذلت أهل غزة، ولكن لعلهم الطائفة المنصورة بإذن الله تعالى، التي لا يضرها من خالفها من الأعداء وأعوانهم، ولا من خذلها من الأنظمة العربية.
أظهرت هذه العملية ازدواجية المجتمع الدولي ومدى تكتله مع الكيان الصهيوني من خلال هذه العملية، في حين صمت عن عملية جنين وقتل مئات الفلسطينيين يوميا، وكذلك اقتحام ساحات الأقصى الشريف من قبل المستوطنين وشرطة الصهاينة بالأحذية، وكذلك أظهرت الصمت السياسي العربي وخيبته تجاه قضية القدس وفلسطين.
نصر هزم إسرائيل نفسيًا أمام العالم، بل أظهر ضعف جيشها ومخابراتها وأنها مجرد صوت دعائي فقط يخيف ولكن في الحقيقة عندما تقترب منه تجده هواء فارغا، نصر مختلف لأنه أثبت أن ما بني على باطل فهو باطل مهما لمعته مليارات الدولارات والقوى الدولية، فصدق القضية وصدق عزائم الرجال قادر على هزيمة قوة التكنولوجيا والسلاح وكل شيء.
نصر مختلف لأنه كسر جدار الحرب النفسية التي يمارسها الصهاينة مدعين أنهم قوة لا تقهر وقادرين على اختراق أي شيء وتنفيذ أي شيء؛ فحماس فجرت البالون الهلامي الصهيوني المتشبع بالبطولة المزيفة والضعيفة.
إن ما حدث في طوفان الأقصى يعد من أكبر انتصارات العرب في التاريخ المعاصر، وستعلمون أنها بداية لنهاية كبيرة، بداية لإعادة نهضة وحضارة وأمجاد هذه الأمة؛ لأن هذا الحدث أثبت ان الشعوب لديها حس كبير بقضايا أمتها، وهذه القضايا ما زالت حيه فيها رغم ما تم أنفاقه لطمس هذه القضايا من نفوس وعقول الشعوب الإسلامية،
أثبت هذا النصر أن هذه الأمة بحاجة إلى قائد حقيقي، أمة تريد نصرا حقيقيا، أمة غير متخاذلة كما يعتقد البعض، إنما من يخذلها دوما النخب، أمة حيه يحكمها أموات، ولكنها أمة تمرض ولا تموت؛ فالقادم رغم ما تراه معقدا إلا أن فيه نورا وأملا كبيرا جدا، فاستعدوا أيها الشباب فسيكون لكم دور القيادة، فتسلحوا بالعلم والعقيدة والقضية ولا تركنوا لليأس والاستسلام، فمهما طال الليل لابد للظلام أن ينجلي.
شكرًا حماس لأنها أيقظت الأمل في قلوب شباب أمة، بل شعوب أمة كاملة برغم ضعف الإمكانيات والقدرات، فالقادم خير كبير، وضعف وهوان للغرب وللصهاينة، فلذلك وجب الاستعداد لما هو قادم، بل آن للحضارة ان تعود للشرق كما بدأت في الشرق.
طوفان الأقصى أشعل حماس الشعوب الإسلامية وجعل القدس وفلسطين حديثهم، وأعاد القضية إلى مكانتها الطبيعية وكذلك أعاد التطبيع إلى حجمه، لدرجة من الفرح ونشوة النصر وتقديره تناسى المسلمين بل كافة القنوات ما يجري لأهلنا في إدلب على يد بشار،
كما لم يشعر أحد بزلزال أفغانستان، لأن عملية طوفان الأقصى زلزلت قلوب الشعوب وعادت بهم لأمجاد الأمة وانتصاراتها، فأصبحت الشعوب في شوق كبير لعظمة حضارتها وماضيها وسئمت حاضرها ومن يعتليه.
أيضا كسرت هيبة الصهاينة داخل كل مسلم حر، فكسرت الحاجز النفسي بهدم وإذلال الصهاينة في عقر دارهم، وسوف نجد تحركات شعوبية كبيرة وبطولات قادمة تجاه كل ما هو صهيوني أو من يدعمه، لذلك فإن القادم أفضل بكثير، يراهُ الكثيرون ظلامًا، ونراه نحن نورًا وفتحًا كبيرًا، وأن الغرب وحضارته وصهيونيته وفاشيته في أفول كبير بحضارته ومكانته، وأننا أمام جيل التحرير وجيل نهضة الأمة، فاستعدوا جيدًا يا شباب هذه الأمة..
في مقابل هذا النمط الاستعماري يأتي النمط الآخر الاستيطاني الذي لا تكتفي فيه القوى العسكرية باحتلال البلاد وإدارتها ونهبها، بل تمتد سطوتها إلى الحصول على الأرض نفسها وإنهاء الوجود المادي والقومي والثقافي لأهلها، قبل أن تدعو القوى الاستعمارية مواطنيها للاستيطان في الأرض المُفرَّغة واعتبارهم شعبها الجديد
ومثال ذلك ما حدث في الأميركتين وأستراليا اللتين حلَّ السكان الأوروبيون محل الكثير من سكانها الأصليين، وباتوا هم أصحاب الأرض. وبين النمطين، يأتي نمط ثالث دمج كلًّا منهما وأنتج ما يصفه الباحث “إسلام شحدة العالول” بالكيان الاستعماري الجديد ممثَّلا في إسرائيل. ونتج هذا النمط بالاعتماد أساسا “على التراث العنصري الغربي الذي حوَّل العالم إلى مادة استعمارية لصالح الإنسان الغربي صاحب القوة”، ما يعني رغبة القوى الاستعمارية الصهيونية في نهب ثروات فلسطين وتسخير أهلها لخدمة الاحتلال.
وفي الوقت نفسه، جرى اختلاق شرعية “أرض الميعاد” ونزع الشرعية عن الوجود العربي في فلسطين، واعتبار الفلسطينيين غزاة محتلين يجب إجلاؤهم عن أرض إسرائيل المقدسة، ما يستلزم استيطان الأرض وسلب أكبر قدر ممكن منها، أي إن الاستعمار الصهيوني كان استعمارا واستيطانا في الوقت نفسه، وهو استيطان مستمر وليس حدثا منفصلا، فكل ما يبتلعه من أراضٍ حِل له، دون النظر إلى أي حدود جغرافية أو قوانين دولية.
فإن العمق الثقافي والحضاري لفلسطين، والامتداد العربي الإسلامي لشعبها، كانا مفاجأة لم يتوقعها المستعمر الصهيوني الذي ظن أن تجارب أوروبا في أميركا وأستراليا ستتكرر معه، ولهذا فإن الاحتلال يجد نفسه دائما في حالة تعطش دائمة للإبادة العِرقية والمكانية والهوياتية للشعب الفلسطيني حتى يتمكن من إعلان كيانه دولة طبيعية يفرضها على العالم بصورة نهائية ولا تخشى على نفسها من أي مقاومة بعدها. ولهذا فإن الإبادة لم -ولن- تتوقف.
كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل كدولة مستقلة في 14 مايو 1948 عندما أصدر الرئيس هاري ترومان بيان اعتراف عقب إعلان إسرائيل الاستقلال في نفس التاريخ. تم تأسيس العلاقات الدبلوماسية عندما قدم السفير الأمريكي جيمس غروفر ماكدونالد أوراق اعتماده في 28 مارس 1949.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت إسرائيل ، ولا تزال، أهم شريك لأمريكا في الشرق الأوسط. ترتبط الدولتان ارتباطًا وثيقًا بالعلاقات التاريخية والثقافية بالإضافة إلى المصالح المشتركة.
يلتزم الرئيس ترامب بصفة شخصية بتحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل وفلسطين من شأنه أن يساعد على بدء عهد من السلام والرخاء الإقليميين. يؤكد الرئيس من جديد أن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن التفاوض عليه بشكل مباشر إلا بين الطرفين وأن الولايات المتحدة ستواصل العمل عن كثب مع الطرفين لإحراز تقدم نحو هذا الهدف.
العلاقات الثنائية بين الدولتين قوية، وترتكز على أكثر من 3 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي سنويًا. وبالإضافة إلى الدعم المالي، تشارك الولايات المتحدة إسرائيل في عمليات متبادلة رفيعة المستوى، تشمل التدريبات العسكرية المشتركة، والبحوث العسكرية، وتطوير الأسلحة. من خلال القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب والحوار الاستراتيجي كل ستة أشهر، عززت الولايات المتحدة وإسرائيل تعاونهما في مكافحة الإرهاب.
تعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لإسرائيل . وتُعد أهم خمس صادرات أمريكية إلى إسرائيل : الماس، والآلات، والمنتجات الزراعية، والطائرات، والأجهزة البصرية والطبية؛ وأكبر خمس واردات أمريكية من إسرائيل : الماس، والمنتجات الصيدلانية، والآلات، والأدوات البصرية والطبية، والمنتجات الزراعية. الاستثمار الأمريكي المباشر في إسرائيل موجه في المقام الأول إلى قطاع الصناعات التحويلية، كما هو الحال مع الاستثمار الإسرائيلي في الولايات المتحدة. أبرمت الولايات المتحدة وإسرائيل اتفاقية تجارة حرة في عام 1985، وهي بمثابة الأساس لتوسيع التجارة والاستثمار بين البلدين من خلال الحد من الحواجز وتعزيز الشفافية التنظيمية. ومن أجل تسهيل التعاون الاقتصادي، يعقد البلدان مجموعة اقتصادية مشتركة للتنمية كل عام لمناقشة الأوضاع الاقتصادية في كلا البلدين والإصلاحات الاقتصادية المحتملة للسنة القادمة.
كما تنسق الولايات المتحدة وإسرائيل التبادلات العلمية والثقافية من خلال مؤسسة العلوم الثنائية، والمؤسسة الثنائية للتنمية والبحوث الزراعية، ومؤسسة التعليم الأمريكية الإسرائيلية.