التقرير إعداد: علي حفني درويش – وأمانه موسي
حول موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك العالم إلى «قرية صغيرة» ولكن بمرور السنين أصبحت هذه الشبكة وسيلة للتجسس على المواطنين فى العالم كله، ووسيلة لجمع البيانات الشخصية التى بات اختراقها ممكناً وتحويلها إلى أداة قمع.
فى نهاية عام 2015 بدأت الاتهامات تتجه إلى «فيس بوك» حول انتهاكه المستمر للخصوصية واستخدامه البيانات الشخصية لتوجيه الإعلانات المناسبة للمستخدم، وفى عام 2016 ازداد حجم الإعلانات بشكل فج، فأى عملية بحث على حاسبك الشخصى أو على هاتفك الذكى ستجد إعلانا بخصوصه على «فيس بوك»، مما أثار حفيظة الجميع، حيث وصل الأمر إلى تسجيل المحادثات بين المستخدم ومن حوله وتوجيه الإعلانات لهم.
يقول محمد سعد خبير تكنولوجيا المعلومات والتشفير، واستشارى التسويق الرقمى: إن بداية «فيس بوك» كانت بهدف التواصل الاجتماعى، ولكنه حاليًا أصبح منصة خصبة لبعض الجهات لاستخدامه فى تهديد الأمن القومى داخل بعض الدول وجمع المعلومات عنها، موضحًا أن هناك بعض الأقاويل التى تؤكد أن «فيس بوك» أعظم اختراع مخابراتى على مستوى العالم، خاصة وأنه يتم استخدامه بشكل مجانى مما أتاح الفرصة أمام الجميع لاستخدامه، وفى نفس الوقت يتم تطويره بصورة مستمرة من خلال بعض التقنيات الجديدة التى تعمل على نفسية المستخدمين لنشر أكبر قدر من المعلومات.
وأشار «سعد»، إلى أنه أضحى التعرض للقرصنة أو الاختراق أمرًا مألوفًا بين مستخدمى منصات التواصل الاجتماعى، وأكثرها شيوعًا «فيس بوك»، كما أنه مع الانتشار الواسع للموقع تولدت وتواجدت شركات جديدة مهمتها جمع المعلومات وتصنيفها، متابعًا أن تزايد عدد مستخدمى «فيس بوك» جعله وسيلة تستخدم فى الدعاية لمنتجات الشركات المختلفة.
وأشار إلى أن حدود مصر الإلكترونية لا تقل خطورة عن حدود مصر الجغرافية، ويجب على الدولة التركيز بنسبة أكبر فى حماية الحدود الإلكترونية لأنه منصة شائعات كبيرة يجب التصدى لها وكذلك يتم استخدامه من جانب «هاكرز» لاختراق الخصوصية، وقد يستخدم فى اختراقات اقتصادية وهى لا تقل أهمية عن حروب الحدود.
وأضاف الخبير المعلوماتى قائلًا: يثير «فيس بوك» الكثير من التساؤلات حول مزاياه وعيوبه، بالإضافة إلى الاتهامات المتكررة بشأن تحيزه لبعض القضايا والمشكلات الأخلاقية والأمنية، موضحًا أنه من أبرز مساوئه انتهاك الخصوصية وتسريب البيانات، وتحيزه فى عرض المحتوى، لذا بدأ البعض فى البحث عن بدائل لـ«فيس بوك» توفر تجربة أفضل، فى حين يظل البعض الآخر ملتزمًا بالمنصة بسبب العوامل الاجتماعية والمهنية التى ترتبط بها، وفى نهاية الأمر أى بديل آخر بطبيعة الحال هو طرف ثالث سيكون بنفس الآلية لأن هناك تعطشًا لبيانات المستخدمين لتوجيههم من خلال حملات مخصصة وهذه البيانات تقدر بملايين الدولارات.
وأوضح أنه لمواجهة تلك الاختراقات، يجب توفير برامج تدريبية وحملات توعية للمستخدمين حول أساسيات الأمن المعلوماتى على الإنترنت، وكيفية حماية أنفسهم من التهديدات السيبرانية، وتعزيز قوانين الأمان الرقمى والتشريعات لتوفير حماية أفضل للمستخدمين ومعاقبة المخالفين، علاوة على التحذير من التصيد الاحتيالى، مثل عدم النقر على روابط مشبوهة أو إدخال معلومات شخصية حساسة على مواقع غير موثوقة، كذلك تحديث برامجها وأنظمتها بانتظام، حيث تتضمن التحديثات تصحيحات للثغرات الأمنية وتعزيز الحماية، وعلى الجهات المعنية العمل على توعية المستخدمين بأهمية عدم مشاركة معلومات شخصية حساسة على الإنترنت، مثل الرقم القومى أو أرقام الحسابات المصرفية.
فى السياق نفسه، أكد اللواء محمود الرشيدى مساعد وزير الداخلية السابق لأمن المعلومات والإنترنت، أن «فيس بوك» يعد من أهم واخطر تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث إنه أحدث تغيرات جذرية فى كافة مناحى حياتنا المعاصره، وهو ما يستوجب سرعة الاستعداد لضمان ترشيد استخداماته فى الصالح العام والشخصى، ولمواجهة مخاطره وتهديداته الكارثية إذا ما أسىء استخدامه أو تطورت تطبيقاته إلى ما يعرف بالذكاء الخارق الذى يمنحه قدر من الإرادة الذاتية والقدرة على اتخاذ القرارات أيًا كانت دون مشورة وتوجيه العنصر البشرى.
وأضاف «الرشيدى» أنه يجب على الدولة والمجتمع والأفراد الاستعداد التام لمواجهة عمليات التوسع فى تطبيقات الذكاء الاصطناعى وتأثيراته المختلفة الحالية والمرتقبه، وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال: الاستعداد القانونى والتشريعى لتجريم وعقاب أى استخدامات غير آمنة وغير مشروعة لكافة التطبيقات الإلكترونية، والاستعداد الأمنى للارتقاء بالمستوى الفكرى والتنظيمى والتكنولوجى والميدانى والمهارى لرصد وضبط المخالفين والحد من المخاطر التكنولوجية، بالإضافة إلى سرعة العمل على محو الأمية الرقميه، التى تتعارض تماما مع مجريات العالم الرقمى الذى دخل فى كل مناحى الحياة، ولا يمكن تجاهله، فضلًا عن الاستعداد التوعوى بتعظيم حملات التوعية التكنولوجية بالاستخدام الآمن والرشيد لكافة إنجازات ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأهمها شبكة الانترنت ومواقع التواصل والتطبيقات التكنولوجية والتى استوعبت كافة مظاهر أنشطة واحتياجات حياتنا المعاصرة.
وأكد أننا لا نملك القدرة على إغلاق موقع التواصل الاجتماعى الأشهر فى العالم «فيس بوك» لأن السيرفرات التى يبث منها توجد خارج مصر، مناشدًا المواطنين بتوخى الحذر والإبلاغ عن أى معلومة تخص مجموعات «فيس بوك»، التى تحرض على الفساد، بالاتصال بإدارة مباحث مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات.
من جانبه قال الخبير القانونى، أيمن محفوظ، إننا أصبحنا نعيش فى عالم مواز للواقع الفعلى، ولكن مصر تنبهت لخطورة هذه الجرائم وأنشأت وحدة شرطية لرصد جرائم الواقع الافتراضى، حيث صدر القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذى يكافح كافة طرق الاعتداء على الانفس والاموال عن طريق الإنترنت، والاعتداء على قيم المجتمع وخصوصية أفراده، ووضع المشرع عقوبات الحبس لمدة تصل إلى 5 سنوات والغرامة 300 ألف جنيه للاعتداء على القيم الأسرية.
وأضاف أنه طبقا لنص المادة 327 عقوبات والتى تنص على أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، ومن يهدد بإفشاء أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، هذا بالإضافة إلى عقوبة الابتزاز الإلكترونى المعاقب عليها طبقا لنص المادة 25 من قانون الانترنت الجديد بانتهاك خصوصية الأشخاص سواء كانت صحيحة أو خلاف ذلك، أو جرائم التحرش عموما وكذلك نص المادة 26 من ذات القانون وهى ربط محتوى الانترنت بمحتوى مناف للآداب، والمادة 27 الخاصة بإنشاء حساب على الإنترنت بقصد تسهيل ارتكاب جريمة والعقوبة تصل إلى 5 سنوات والغرامة لمدة مماثلة مع الغرامة التى تصل إلى 300 ألف جنيه.