الآن وفي كل مكان من العالم، لا نرى سوى الحروب، والقتل، والهرج أينما نولي وجوهنا، حروبا دمرت كل شيء، وأتت على الأخضر واليابس، حروبا لا تعرف للرحمة مكانا، ولا ترجو لله وقارا، فكم من طفل بريء فتت القنابل جسده، وجعلت منه أثرا بعد عين بعد تحويله إلى أشلاء منتشرة هنا وهناك، في تعبير صارخ، ومشهد فاضح، يعبر عن همجية البشر، وفقدان الإنسانية لكامل معانيها، وما كانت الأمور لتصل إلى ذروتها السيئة في عصرنا الحالي من انعدام الضمير الإنساني، وانحطاط المستوى القيمي والأخلاقي، لولا استغلالنا العلم ببشاعة لا تتصور، وتوظيفه في مجالات لا تخطر على بال بشر من حيث تخريب حضارات الأمم والشعوب، مما جعل كوكبنا الأرض مكانا أضحى العيش فيه مستحيلا، إذ كيف لنا أن نحلم لأبنائنا بمستقبل بشري عظيم، ونمط إنساني رفيع ونحن اليوم نرى بشكل مباشر كيف تباح عمليات التقتيل الهمجي الممنهج، وتؤيد فيه عمليات التهجير القسري كرها وإكراها، هل هذا هو غاية العلم وهدفه، ألم يكن حريا بنا جميعا توظيف العلم في خدمة البشرية واستغلاله في كل ما هو إيجابي ونافع حتى نتمكن عن حق بالعيش في سلام ووئام وأمن واطمئنان، بعيدا عن الحروب والعنصرية والكراهية والأحقاد، حيث يقول الزعيم السياسي الأمريكي مارتن لوثر كنغ: “علينا أن نتعلم العيش معاً كإخوة، أو الفناء معاً كأغبياء”.
وفي مقابل هذا الأمر، نجد نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين همه الوحيد نشر ثقافة التسامح بين الأديان والتعايش السلامي بين مختلف الأمم والشعوب، لبناء مستقبل تسوده المحبة والوئام، مستقبل يهنئ فيه أبناؤنا وأحفادنا، مما سيمكنهم لا محالة من حمل مشعلنا المنير نحو الأفق المشرق بالأمل واليقين، وكلنا لازلنا نتذكر تلك الواقف الانسانية التي عبرت بكل صدق عن سمو الروح البشرية، وارتقاء العقل عبر تغليب المنطق على المصلحة الذاتية وكذا القضاء على الغطرسة الامبريالية والهيمنة الاستعمارية، إذ أعلن بشكل صريح المغني الأمريكي الشهير “Bob Dylan” عن معارضته الصريحة إزاء الحرب التي شنتها بلاده على شعب الفيتنام زمانئذ، كذلك هو الحال والمثال بالنسبة للبطل الرياضي الأمريكي الملاكم “Mohamed Ali Klay” الذي أعلنها كصرخة مذوية هزت أركان العالم لما صاح بأعلى صوته نهارا وجهارا “لا للحرب ضد الشعوب، لا لتدمير الإنسان والإنسانية” كما نهج نهجهما المغني العالمي البريطاني الشهير “روجر واترز” مؤسس الفرقة الغنائية العالمية “Pink Floyd” إذ عارض كل حروب عصرنا الحالي، وسبق له أن جسد رفضه للدمار الانساني والخراب الحضاري والعمراني بأن ذهب إلى مقبرة في دولة إيطاليا وهناك أعلن حداده الرسمي داخل تلك المقبرة التي كانت ترقد بها أرواح ألاف الجنود الأبرياء الذين لا ذنب لهم في الحرب العالمية الأولى والثانية بل كانوا مجرد حطب ووقود لها في نفس الوقت، وقد كان والد هذا المغني الشهير هو الآخر من ضحايا إحدى الحربين المذكورتين ها هنا، حيث يقول المغني المكسيكي الشهير “Carlos Santana”:السلام لم يأتي مطلقاً عن طريق إلقاء القنابل السلام الحقيقيّ يأتي عبر تثقيف وتنوير وتعليم الناس أن يتصرفوا بشكل خلقي مقدّس”.
لذا، فقد تبين لنا دونما شك، بأن العلم قد اكتشف كل الدمار بحيث اجتهد العلماء بعلومه واخترعوا لنا الصواريخ الفرط صوتية، والطائرات الحربية الشبحية، وأم القنابل الأمريكية، وقنبلة القيصر الروسية، والصاروخ الباليستي النووي الحامل لأزيد من عشرة رؤوس نووية القادر على محو قارة بأكملها ومحو شعوبها في أقب من طرفة عين ولا غرابة إذا ما علمنا بأن هذا الصاروخ النووي الخطير والبشع يحمل اسم “الشيطان” فهنيئا لعلمائنا وهنيئا لنا بما توصل إليه علمنا من تطور فاضح، ومسخ صارخ، ولنعلم جميعا بأن الحروب لن تجدي نفعا في فرض السيطرة على الشعوب وإذلال الأمم، وحده الحب الانساني القادر على تحقيق السلام العالمي الشامل عبر نشر ثقافة التسامح والتعايش، وتعدد الثقافات وقبول الآخر والرأي الآخر من خلال التواصل الهادف والبناء، وتجسيد مبدأ الدبلوماسية الثقافية في مختلف أرجاء العالم، كما ينبغي لنا ألا ننسى أبدا رسالة الشيطان الأكبر “إبليس” الذي كان يحمل اسم “عزازيل” قبل طرده من الملإ الأعلى، وتسليط غضب الله عليه إلى يوم الدين، فلا هم لدى هذا الشيطان اللعين سوى تدمير البشر أجمعين، وجعلهم غدا يوم الدين كحطب جهنم خالدين، ولن يتحقق له هذا الغرض سوى من خلال استعانته بشياطين الإنس قبل مردة الجان.
وختاما، يحق لي كرجل مناشد للسلم والسلام العالمين، ومناهض لكل أشكال العنصرية والعنف والكراهية، أن أتحدث بشكل مقتضب عن دور الثقافة والفن والرياضية في إرساء أسس السلام، ونشر مباهج التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والأديان، وكنموذج حي ها هنا سأقتضي بما سعى لتحقيقه ولوقت طويل الفنان التشكيلي المغربي المحترف والمقتدر “محمد خلافي” الذي جعل هاجسه الوحيد خدمة البشرية جمعاء من خلال دأبه نشر مفاهيم المحبة والوئام والسلم والسلام دوليا، عبر نشره للوحاته الفنية بمختلف أروقة المعارض الدولية للفنون التشكيلية كان آخرها مشارتها الفعالة بمعرض الامارات العربية المتحدة، والتي توج بها بأحسن جائزة تنم عن نبل العمل الفني ورقي الفنان العربي الأصيل.