مع الجهد الخرافى للإعلام المصرى عن انجازات الحكومة، أرى أن الشعب أصابته الشيخوخة المبكرة، فنحن نربى أولادنا بالتعب والشقاء، وترعاهم الدولة بمليارات الجنيهات، مع أحلامنا الكبيرة التى تكبر مع الجيل، لنقدم لمصر جيلا قويا يصنع المعجزة، ولكن سرعان مايتبخر الحلم الكبير بعد سنين من المذاكرة والنجاح والتفوق الدراسى، ليصدم أولادنا واقع ضائع، فالشباب أكثر من 60% من الشعب فى دولة تستورد كل احتياجاتها من الغذاء والصناعات، بينما طاقتها مهدرة بفعل فاعل، فلا عمل أو أملا قريبا أو حتى بعيدا، مع حكومة لا تحترم مستقبلهم ولا تسأل عنهم، ليجدوا أنفسهم بلا ثمن فى سوق البطالة بعد سنين من الضنى والمعاناة، فالدولة من ناحية الواقع لا علاقة لها بأبنائها، وليسوا ضمن خطة النهضة التى تسير بالفهلوة ولا تؤمن مستقبلهم ، الحقيقة أن شبابنا فقدوا ثقتهم فينا ولم نعد القدوة للأسف، حرمناهم حق الحياة، لأن الأجيال الحالية والسابقة، جرفت المستقبل وفرص الحياة أمامهم، ولم تبق شيئا لهذه الأعواد الخضراء، بعد حصار الغلاء والديون طويلة المدى. مامعنى أن الدولة لا توفر فرصا العمل أو الاستثمار الحقيقى لاستيعاب الشباب؟! أين تلك الآمال العريضة التى كنا نرسمها لمستقبلهم ..لينتهى المطاف بهم إلى تلك الجريمة القائمة فى حقهم، فيتخرج فى الجامعات والمعاهد والتعليم الفنى نحو 1.5مليون من خيرة شباب مصر الطامح للمستقبل، لكن لسوء التخطيط وجدوا الطريق مظلما، ليأخذوا دورهم فى التحنيط، بالمنازل والمقاهى والشوارع، أو حالات الانتحار المرتفعة نتيجة الصدمات، فتجد خيرة الخريجين يقبلون على أعمال متدنية أو يظلون عبئا إضافيا على أسرهم، لأن عجلة الإنتاج الحالية تدار بالسماسرة والمرتزقة، بينما توقفت آلة الإنتاج الصناعى والزراعى والنشاطات الاقتصادية، بما لا يتواكب مع الحد الأدنى من احتياجات الوطن، فى دولة بها خيرات لاتنتهى، لكن الجهلة أو أصحاب المصالح بددوا إمكاناتها فى بحر الفساد الذى يحاصرنا الآن، وصارت هناك طبقة جديدة من الأغنياء الجدد من “الهبش” المادى والإعلامى، بينما مصر علميا وعمليا أغنى دول العالم من حيث الموقع والإمكانات والخامات والعلماء، يمكنها إنقاذ بلدنا وشبابنا فى مشروعات وطنية إنتاجية كبرى ..كم من قصص ومآس رأيتها لشباب كان واعدا، انتهى أمله ..نحتاج من الدولة خريطة عمل جادة للإمكانات البشرية والطبيعية تستوعب الشباب الآن ومستقبلا، هؤلاء أبناؤنا سرقنا أعمارهم وصرنا عقبة حياتهم.. لن نغفر لأنفسنا أننا أهدرنا مستقبل جيل كامل واكتفينا بتصريحات الضلال، وتجاهلنا أن فى كل بيت كارثة اسمها شاب عاطل، فى الوقت الذى أوقفت فيه الهيئات الإنتاجية والمؤسسات تعيين أى شاب حتى إن كل العاملين بها تزيد أعمارهم على 50 عاما، أى أنه لا يوجد جيل ثان يحمل أو يواصل المسيرة .. كما لو أننا نستعد لنهايتنا ونهاية بلدنا ..مصر !