مئات الآلاف من الشباب يمتلئون بالشر والفساد ، واننا لن نجد له علاجاً . ثم ان الآباء والأمهات ينسون دائماً أن هناك اسباباً واضحة للانحراف ، هى الاضطرابات النفسية او المشاكل العائلية او مشاكل البيئة الاجتماعية . ثم مشاكل الزمان الذى نحياه عموماً . وعندما نسأل عن فترة المراهقة نتبين ، ان بين كل مائة شخص هناك تسعون منهم على الأقل يجيبون بقولهم : كل منا ارتكب اثناء المراهقه بعض التصرفات الخارجة عن القانون . بدءاً بالتحرش بالجيران ومشاكستهم والكتابة على الجدران وثقب عجلات السيارات وسرقة بعض الأشياء التافهة والهرب من المدرسة وعدم احترام قواعد المرور . هذه المشاكل الصغيرة تظهر عند الشباب لكن الذى نراه دائماً فى قاعات المحاكم ان الأحداث الجانحين هم ابناء الفقراء ، لأن ابناء الأسر القادرة يجدون من يحبهم ، ومن يعتذر عنهم ومن يدفع التعويض المناسب . لذلك لا تتجه الأمور الى التعقيد الذى يقود الى الشرطة وحتى عندما يصل الأمر الى الشرطة او القضاء تتغلب (الرأفة) استجابة لوعود الأسرة بأنها ستربى الابن وتعاقبه او تعالجه نفسياً . لكن الأمر يختلف بالنسبة للفقراء . ورغم ان البعض يقول بوجود علاقة بين (الفقر) وضعف القدرة على الضبط الأخلاقى ، لكن هذا ليس صحيحاً . فالصحيح هو ان الفقراء لا يقدرون على الدفاع عن أنفسهم وليس عندهم من يدفع عنهم التعويض ويسكنون فى احياء مزدحمة وعادة ليس لهؤلاء مستقبل واضح . وعلى أية حال هناك من الشباب يقعون فى الانحراف لأسباب قاهرة .. مثل الذين يعانون من جنون السرقة دون ان يسرقوا ما يفيدهم ، وفى معظم الأحيان تكون هذه المسألة منتشرة بين البنات . وفى أغلب الأحيان يوجد اختلاف بين هؤلاء الذين يعانون من جنون السرقة وبين اللصوص المحترفين . ان بعض الآباء يشجعون الأبناء دون ان يدروا على الانحراف والجنوح . مثل الأم التى تضبط فى حاجات ابنها سكيناً مسروقة فتحقق معه وتحصل منه على الاعتراف بالسرقة ثم تسأله بسرعة : هل رآه احد وهو يسرقها ، ومن المؤكد ان الابن سيقول : لا .. لكن سؤال الأم ينبه الابن الى انه يمكن ان يسرق دون أن يراه احد .. مثال آخر .. عن الأب الذى يشكو من الابن الذى يهرب من المنزل لكنه يحكى هذه المسألة بنوع من الفخر عن جرأة الابن فى ان يهرب طوال هذه المدة .. هذه الحكاية امام الابن يمكن ان تنمى فى الابن نزعة الاعجاب بما يفعل . ان الأب والأم عندما يخلقان عند الابن او البنت درجة من الشك فى النفس يسمحان للابن بأن يفعل ما يشكان فيه . وعندما يؤكدان للابن انه ينحرف ، فإنه سينحرف . الانحراف لا يأتى دون سبب . وليكن علاج من ينحرف دائماً فى الوقت المناسب . وهروب الشاب او الفتاة من المنزل تكمن وراءه رغبة فى البحث عن اسرة أكثر حناناً . ورغبة الابن فى الاستقلال يجب ان نحترمها ويجب أيضاً ان نضع القواعد التى تطلب منه ان يحترمها . والشاب الذى يرتبط بالأسرة فى علاقة صداقة يستطيع ان يتكيف اجتماعياً مع الفتيات وتكون نزعة الانحراف عنده اقل خطورة . اما الفتاة التى ترتبط فى علاقة صداقة فإنها تستطيع ان تستمع لنصائح الأم والأب وان تنفذها حتى وان كانت تعارضها ظاهرياً . الآباء والأمهات لا بد وان يتفانوا فى حب الأبناء دون ان يكونوا لهم عبيداً . ولا يجب ان يتردد الآباء والأمهات فى وضع مقاييس واضحة للسلوك امام الأبناء ، لأن الأبناء يسيرون فى النهاية على الطريق الذى يرسمه الوالدان . يبدأ منع الانحراف من الطفولة . فالأم تدرب الابن على النظام واحترام الآخرين وعدم الاعتداء على الوالدين ومعاملة كل من حوله بأدب .