” العناد” أثناء مفاوضات السلام بين أي فريقين متحاربين ليس في مصلحة كليهما.
نعم.. من حق الطرفين أن يحصلا على أكبر مكاسب في تلك المرحلة “الفاصلة” لكن عليهما أيضا أن يدركا أن الأمور إذا عادت إلى المربع” صفر” فسوف تتعقد أكثر وأكثر.
الآن.. أمريكا أدركت أكثر من أي وقت مضى أنه لابد من التدخل الحاسم لوقف هذه المجازر الدامية التي يرتكبها حليفها المقرب والمحبب إلى قلبها وذلك بعد تماديه في ارتكاب جرائم تدخل بالفعل في نطاق الحرب ضد الإنسانية جمعاء لاسيما بعد أن أخذت أنباء تتسرب من داخل المحكمة الجنائية الدولية بمدينة لاهاي بهولندا تشير إلى أنها في الطريق إلى إدانة نتنياهو واثنين من أفراد عصابته الحاكمة.. وعندئذ سيوضع الجميع في “ورطة” ليس من السهل الخروج منها مما حدا بأمريكا أن تبحث من الآن عن حل تحاول خلاله تجريد المحكمة من صلاحياتها وبالتالي ليس من حقها إلقاء القبض على المدانين وبالتالي عدم مطاردتهم في الداخل أو الخارج.
أيضا.. هذه الانتفاضة من جانب طلبة الجامعات الأمريكية والمظاهرات التي لا تهدأ لا شك أنها تسبب إزعاجا للرئيس بايدن وإدارته الحاكمة مما يحتم ضرورة العمل على إنهائها وهذا الإنهاء ليس سهلا وسط اتساع دوائر المظاهرات وإصرار الطلبة على وقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين مع إنزال العقوبات الاقتصادية والعسكرية ببنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الذي بات يتعرض لحملات ضارية من جانب أبناء شعبه أنفسهم والذين تشتد مظاهراتهم ضده لإجباره على الاستقالة أو الهرب.
من هنا.. حرص الرئيس الأمريكي جوبايدن على الاتصال بالرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ثبت للعالم أجمع أنه منذ اللحظات الأولى لاندلاع القتال في غزة قد أعلن كلمة الحق ومعها المطالبة بوقف إطلاق النار في نفس الوقت الذي ينبغي فيه الإسراع بتنفيذ حل الدولتين.. وكيف أنه بدون هذا الحل سيظل الصراع قائما بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. ليس هذا فحسب بل لقد حذر الرئيس السيسي مرارا وتكرارا ومازال يحذر حتى الآن من توسيع دائرة الصراع التي من شأنها سقوط المزيد من الضحايا من الجانبين..
أقول اتصل الرئيس بايدن بالرئيس السيسي مؤيدا لرؤيته وساعيا معه من أجل سرعة إنقاذ ما يمكن إنقاذه..
في نفس الوقت فإن بنيامين نتنياهو يجب أن يعرف مهما كابر وعاند وارتدى ثياب البطولة الكاذبة أن الخناق يضيق حول رقبته يوما بعد يوم وبالتالي ليس أمامه سوى تقديم تنازلات بعينها.. وأن ينحني أمام الرياح العاتية ليدعها تمر إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
على الجانب المقابل فإن حركة حماس هي الأخرى مطالبة باتخاذ نفس الموقف ولابد أن قادتها قد أدركوا جيدا أنه يستحيل استمرار القتال الذي أسفر خلال الفترة الماضية عن استشهاد الآلاف منهم.. وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم.. ومدارس أبنائهم..و..و.. فضلا عن تعرض ما يقرب من مليون و300 ألف منهم إلى موت محقق إذا ما لم يتم الاتفاق على “الهدنة” بما تتضمنه من تنازلات لا مفر منها كما أشرت آنفا وذلك بعد أن تنفذ إسرائيل تهديداتها باجتياح مدينة رفح التي لم يجدوا سواها مأوى لهم بعد “نزوحهم” الكبير من غزة.
في النهاية تبقى كلمة:
إنها لحظات فارقة في حياة كلٍ من الفلسطينيين والإسرائيليين سواء بسواء وإن لم يحاول كل منهما التمسك بطرف الخيط مهما كان رفيعا أو أن يتعامل مع الواقع المرير بشيء من العقلانية لضاع كل شيء منهم وظلوا ينزفون البقية الباقية من دمائهم إلى أن يأتي يوم تجف فيه هذه الدماء وتطوى فيه الصحف.. كل الصحف.
و..و..شكرا