، بعد عودته من غربة في سفر طويل، بكل شوق ولهفة محملا بالهدايا أن يجتمع بأشقائه وشقيقاته ،فرحا بتواجده وسطهم ، لكن صدمه أن لم يجد أيا من أبنائهم ولابناتهم،لم يرهم، لم يحتضنهم، لم يسمع ما كان يمني نفسه بسماعه عمو،خالو ،بكل ود يخفي تساؤلاته عن سر غيابهم ،والرد فرط انشغالهم في أعمالهم ،ليكتشف من خلال الحوار أن منهم من يشاهد مباراة في الاستاد، والآخر في القهوة مع أصدقائه ،وغيره في “الجيم “صالة التدريب الرياضي ، والبنات لم يعدن للتو من أعمالهن ،أو اصطحبن الصغير للطبيب، وبينما يشربون الشاي سألهم عن أبنائهم ، فوجيء بالردود محصورة مابين رفض بعضهم لفكرة الزواج، إما لقلة ذات اليد ، أو لخوفه مما حدث لأقرانه بعد الزواج ، أقلها فسخ الخطوبة ،وصولا لزيجات لم تعمر لأكثر من عدة شهور ،مابين مطلق أو مخلوع ، مطاردات وضياع كل ما جناه ، الشقة لمطلقته الحاضنة ،وثمن بيع السيارة للصرف على القضايا وأتعاب المحامين ،عودته للإقامة مع أهله ،أما البنات فمطلقات أو خالعات ، حجتهن كما سمعها من أشقائه وشقيقاته انحصرت في عدم قدرتهن على التكملة ،تجربة وانتهت ،الزواج عطلها عن طموحاتها، تأكد له رفض أبناء وبنات العائلة مناقشتهن في ذلك ،فتلك حريتهم الشخصية ،وحياتهم، ولن يقبلوا بفرض الوصاية من الآباء والأمهات والأخوال والأعمام ، لمح في عيون أشقائه وشقيقاته دموعا متحجرة فلقد جفت مآقيهم إثر حزنهم العميق ، ودعهم نادما على سؤاله إياهم إذ نبش جروحهم ، عابثا في رماد الجمر من تحته آلمهم وآلمه ، انكفأ على نفسه معتزلا كي لايؤلم أحد بسؤال إجابته شجية ، وسافر ثانية ، مرددا كلها غربة في غربة .
