عندما سألت مقدمة البرنامج الدكتور مجدي يعقوب أشهر طبيب امراض وجراحة قلب في الوطن العربي والذي منحته الملكة اليزابيث لقب Sir فارس على أعماله في جراحات القلب والذي أسس أكبر برنامج لزراعة القلب والرئتين في العالم حيث أجرى أكثر من ٢٥٠٠ عملية زراعة قلب ورئتين ،عن ماالذي يتعب ويمرض القلب؟
كانت المقدمة تتوقع أن يقول لها التدخين أو ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول مثلا أو الأمراض الوراثية لكنه فاجأها فقال:
(الحزن )
قال لها:
(رأيت كثير من القلوب التي أصبحت هشة ومحطمة بسبب الحزن وكسر القلب) .
أنا أعرف أحد الأصدقاء كان يمارس الرياضة يوميا ويمشي بضعة كيلومترات صباحا ويحرص على أن يكون طعامه صحيا تماما لكنه دخل في أزمة قلبية فجأة قبل مدة من الزمن ، أنا أعلم أنه كان حزينا .
فلايمكن أن تدخل منجم للفحم وتخرج ناصع البياض أو تصارع الذئب وتخرج بلا آثار مخالب على جسدك.
حين وصف مظفر النواب الحزن العتيق الذي لاوصف له قال :
مو حزن لكن حزين
مثل ماتنكطع جوا المطر
شدة ياسمين
انه مو كتلك موحزن
لكن حزين .
مثل صندوك العرس ينباع
خردة عشك
من تمضي السنين
مثل بلبل كعد متأخر
لكه البستان كله
بلايا تين
هكذا ..هنالك حزن يسري في الدم يمتص الروح ببطئ يدفعك إلى النوم الطويل حين تتحجر المآقي.
وستقدم لك الحياة بعض التعويضات ،ترميها لك وهي تنظر بطرف عينها ،كحفلة عيد ميلاد لمحتضر ،كباقة أزهار نمت في مقبرة ، بشعة كقلادة جواهر في عنق كلب .
أشد أنواع الحزن ذلك الذي يدفعك إلى النوم الطويل ، هذا لأنك تتمنى الخلاص فتهرب من الواقع ثم تصحو لتجده أمامك يخرج لك لسانه ويرفع في وجهك أصبع الوسطى .
عندما نكتب عن الحزن نعلم أن الحزن لالون ولا شكل له
فهو يأخذ لون وجوه الحزانى وشكل خيباتهم ،له نفس بشري ورائحة بخور محترق في محراب ذكريات قديمة.
ثم يقول النواب على لسان الحزانى:
ياحزن وحياة حزنك ماعرفتك
كنك مغير مشيتك
حاط ريحة رخيصة كلش
يارخيص شكد بكيتك