يعد الابتكار أحد نتاجات البحث العلمي ومقوم رئيس من مقومات الأمن القومي المصري؛ لأن شتى مسارات التنمية الحقيقية تقوم على هذا الجانب العقلي؛ حيث تستفيد مجالات التنمية منه بصورة وظيفية تجعل بلادنا الحبيبة في مصاف الريادة والتنافسية وتحتل مكانتها التي تليق بها بين دول العالم قاطبة.
والابتكار من الأساسيات التي اهتمت بها رؤية مصر 2030 كونه يمكن الفرد من أن يحصل على مرداه سواءً ارتبط ذلك بتلبية الاحتياجات أو التطلعات أو التحقيق لرفاهية مرغوب فيها عبر نافذة الابتكار التي تُعد ضمانة للمنتج غير التقليدي وفق مستويات الأصالة والجدة، وهذا ما تعيشه المجتمعات الراقية التي أخذت طريقها نحو النهضة مبكرًا، ومن ثم سعت الدولة المصرية إلى اللحاق بهذا الركب؛ كي تحقق رؤيتها المستقبلية التي تعتمد على تخطيط قائم على فكر قويم بتوجيهات رئاسية تحمل مقومات النهضة ومساراتها.
والثقافة بأنماطها المختلفة تشجع على الابتكار؛ حيث تستثمر ما لدى الفرد من طاقات بصورة إيجابية؛ لينتج صور من الممارسات والأفكار الإيجابية التطويرية، التي يتم تطبيقها على أرض الواقع، كما يسهم ذلك في زيادة المعرفة وتطوير السلع وتحسين الخدمات، بل وخلق تقنيات جديدة يمكن توظيفها في العديد من المجالات ، كما تسمح ثقافة الابتكار بأن يستطيع الفرد منا أن ينافس الأخرين، ومن ثم يمكنه أن يعظم من صورة العطاءات أو حتى الموارد الطبيعية بما يدعم الريادة في الأسواق المفتوحة، ولا شك من أن ثقافة الابتكار تشمل كافة المجالات العملية والحياتية ويطور من مسارات التنمية بشكل فاعل، وهذا ما يعضد أن الابتكار لبنة الأمن القومي المصري في مجمله.
وهناك علاقة وثيقة بين الثقافة والابتكار والإبداع؛ فالثقافة هي المحيط الذي ينشأ فيه الفرد وتشكل طريقة تفكيره وتصوره للعالم، وتؤثر على كيفية رؤية الأفراد للمشكلات والفرص وتوليد الأفكار الجديدة، كما أن للقيم والمعتقدات السائدة في الثقافة دور في تشجيع أو تثبيط السلوكيات الإبداعية؛ فالثقافات التي تقدر الإنجاز الفردي والمخاطرة والاستقلالية تميل إلى تشجيع الابتكار والإبداع أكثر كما تحترم التنوع وتشجع التفاعل بين الأفكار المختلفة وتكون أكثر حيوية وإبداعًا؛ فالتنوع الثقافي يوفر مصادر متعددة للأفكار والمنظورات ويؤكد على أهمية التعليم والتدريب على المهارات الإبداعية وأنتاج أفرادًا أكثر قدرة على الابتكار من خلال توفير البيئة الثقافية والمادية والتكنولوجية والمؤسسية التي تفجر طاقات وإمكانات الأفراد وتشجعهم علي التجريب والتطوير والعمل الإبداعي، وفي المجمل تلعب الثقافة دورًا محوريًا في تنمية وتحفيز الابتكار والإبداع في المجتمعات فهي توفر السياق والبيئة التي يزدهر فيها النشاط الإبداعي لدى الأجيال الناشئة وتعزيز مكانتها في عالم متسارع التغير.
وتعتمد ثقافة الابتكار على ركن مهم يتمثل في مقدرة الفرد على الربط الوظيفي بين خبراته السابقة وتطلعاته المستقبلية؛ ليتخذ من البحث العلمي مسارًا آمن لتحقيق ما تستهدفه التنمية الشاملة في سياجها المستدام بالدولة المصرية التي تبذل قيادتها السياسية جهودًا حثيثة من أجل نهضة البلاد ورفعة شأنها، كما تحرص على دعم أمنها القومي عبر بوابة التنمية.
وفي دولتنا العريقة هناك العديد من البرامج الإصلاحية التي تتبناها الدولة ومؤسساتها الوطنية ومنها وزارة الثقافة المصرية والتي تقوم على أسس ومعايير الابتكار كي تحقق مستويات من التنمية التي يرتضيها الشعب المصري ليحيا حياة كريمة تليق بتاريخه وحضارته، ومن ثم كانت التنمية المستدامة القائمة على ثقافة الابتكار طريقًا قويمًا نحو النهضة، والضامن لتحقيق الأمن القومي المصري وفق معيارية الابتكار.
وتحرص وزارة الثقافة المصرية على أن تضاعف الاهتمام بالابتكار من خلال فلسفة البحث العلمي؛ حيث العمل على تضافر الجهود تجاه زيادة الإنتاجية المعرفية والفكرية لتعمل بقصد على تنمية الموارد البشرية باعتبارها الداعم الرئيس للتنمية بصورها المختلفة، ومن ثم ارتبطت بمقومات الأمن القومي المصري بشكل رئيس؛ فيصعب تحقق الجدوى الاقتصادية المنشودة بعيدًا عن مؤسسات وطنية تنتج المعرفة وتستثمر المعلومات لتفرز التطبيقات العلمية التي مناحي التنمية، كما تهتم بمخرجات التنمية المعرفية ونتاجها المتجدد؛ حيث هناك حرص تمثل في التأكيد على توظيف تلك المخرجات بشكل مباشر في مسارات وألوان الفنون التي تسهم في التنمية المتنوعة، ومن ثم أصبحت الأنشطة البحثية الخاصة بالمجالات الثقافية في تزايد مستمر، وتتمكن من أداء دورها الوطني في مرحلة البناء والنهضة المستمر، ومن ثم تزيد من منعة الأمن القومي المصري بصورة فاعلة.
وقد عمدت الدولة المصرية على توفير المصادر الداعمة لمراحل الابتكار والإبداع ونماء البحث العلمي؛ فوفرت مصادر المعلومات من خلال بنوك المعرفة المتطورة، وأتاحت سهولة الاتصال للمؤسسات والأفراد بقواعد البيانات الرقمية داخل الهيئات والمؤسسات التعليمية والثقافية، كما حرصت الدولة المصرية على دعم البنية التحتية المعرفية وتيسير إمكانية الوصول السريع إلى مصادر المعرفة والبيانات العلمية، مما يساهم في تحفيز الابتكار والإبداع والبحث العلمي على المستوى الوطني.
وجهود الدولة المصرية متواصلة ومستمرة لدعم ثقافة الابتكار في البلاد فحرصت علي تعزيز وإنشاء حاضنات الأعمال والمراكز التكنولوجية في مختلف المناطق لدعم رواد الأعمال والمبتكرين وإنشاء مدن للعلوم والتكنولوجيا؛ لتركيز الجهود البحثية والتطويرية في مجالات الابتكار، وتشجيع المشاريع البحثية والتطويرية في الجامعات والمعاهد العلمية، كما حرصت علي إطلاق مسابقات وجوائز للابتكارات المتميزة في مختلف المجالات، وتهدف هذه الجهود إلى بناء بيئة داعمة للابتكار وريادة الأعمال، وتعزيز المكانة التنافسية لمصر على المستوى الإقليمي والعالمي.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة _ جامعة الأزهر