ماذا يمكن للكلمات أن تبوح وهي في لوعة الوداع فأنا في غاية الحزن والتأثر لوفاة زميلي وأحد أصدقاء عمري #موسىزينلموسى
في مثل هذه المناسبة لا أجد الحروف، فأجمعها بصعوبة وهي ممزقة تستحضر الذكريات المشتركة•
ليس أمرّ من الفقدان، وخاصة فقدان شخص نحت اسمه في التاريخ الثقافي لوطننا وامتدت تجربته في العالم العربي، فكان رائدا من رواد المسرح القطري، والثقافة العربية ولم يبخل على امتداد عقود في بذل الجهد من أجل تطوير وتعزيز حضور بلده وتمثيلها في الداخل والخارج.
بدأت العلاقة بيننا مبكرة جدا وبعد السنة النهائية للمرحلة الابتدائية وكنت حينئذ شابا قرويا ، قد انتقلت من قرية #الغارية إلى العاصمة #الدوحة، ومعارفي محدودة للغاية ، وصادف أن كان معي على مقعد الدراسة الشاب موسى زينل موسى . ومنذ ذلك التاريخ نشأت علاقة ود وزمالة لم تزدها الأيام إلا رسوخا ، شعرت منذ البداية بأنني ولم ينهها إلا الموت،وجدت رفيق درب عالي الهمة وصادقا صدق المخلصين،
وكان قرارا اتخذناه معا مع مجموعة من الطلاب الأصدقاء التحاقنا ب #المعهد_الديني الثانوي في الدوحة وعلى نفس كرسي الدراسة لمدة ست سنوات ، جمعت بيننا مقاعد الدراسة ، ولكن أيضا الصداقة بعد الدراسة ، كنا نلهو معا ونلتقي في بيوتنا ونتشارك الهوايات ونتقاسم السراء والضراء ، مازلت أذكر نقاشاتنا في قضايا السيئة والأدب والمسرح والفكر، فقد كان موسى مهتما بالثقافة وصاحب أفكار وخفة دم لا تمل وتمر ست سنوات في المعهد الديني من أجمل سنوات عمر الشباب عشناها على المستوى الشخصي والأسري مع مجموعة الأخوة والأصدقاء رحم الله من مات منهم وأطال الله عمر الحي.
ثم انتقلنا طلبة إلى #القاهرة ، وما كان لنا أن نفترق فقد جمعتنا شقة واحدة في الأربع سنوات التي قضيناها في القاهرة ، وازددنا اقترابا من بعض وحملنا معا هواجس إقامتنا في #القاهرة ورغم أني التحقت ب #جامعةالأزهر كلية #الشريعة وهو بكلية #دارالعلوم #جامعةالقاهرة ، فإن دراستي في الأزهر لم تطل إذ انتقلت لأدرس مع صديقي في كلية دار العلوم. وكانت القاهرة قلعة الفكر والفن والأدب بما انعكس على ثقافتنا ومسيرة حياتنا
وقد كانت تلك الفترة من أجمل السنوات وكنا مشهورين في الجامعة وارتبطنا بعلاقات رائعة مع الأساتذة والطلبة من كل مكان من ديار العرب ، وعشنا حياة ثقافية ثرية بما كانت الحياة القاهرية تجود به فشكلت تلك السنوات قاعدة ومنطلقا لثقافتنا ومسيرة حياتنا.
ثم انتقلت إلى #وزارةالخارجية وعاد المرحوم لدراسة الماجستير بدار العلوم وافترقنا ولكن بقيت الصداقة الصادقة تربط بيننا ، وبقي موسى في القاهرة ساطعا بمعارفه في عالم الثقافة والفن والمسرح ليكون من كبار المثقفين القطريين في الخارج كما الداخل .
والمرحوم شخصية تتمتع بمواصفات استثنائية ، تجعل من يعرفه ، لا يمله و لا ينساه ولا ينسى نقاء روحه ولطف معشره، وخفة دمه وثراء معرفته ، في قطر كما في عالم العرب.
عدت وزيرا للإعلام والثقافة عام 1992 ، واخترت المرحوم وكيل الوزارة للشؤون الثقافية ، فكان نعم المعين بعلمه وعلاقاته وثقافته و تفانيه في العمل، ولم تخل لي مهمة في الخارج دون أن يكون موسى معي ، فقد كنت أأنس بصحبته واستنير برأيه
ثم عاد للعمل معي عام 2018 حين أصبحت مرة أخرى وزيرا للثقافة، مستشارا ، وكان نعم المستشار ونعم المعين.
واليوم بوفاة المرحوم انطفأت شمعة مضيئة من شموع الثقافة والمسرح القطري والعربي، وأسدل الستار على حياة كانت مليئة بالإبداع.
وها أنا اليوم في لوعة لفقدانه فالقلب حزين بغيابه ، وسيبقى خالدا بسيرته وبأعماله النبيلة وبسمعته الناصعة و بروحه المرحة.
كل من عرفه لا ينساه، ففي هذا اليوم يحزن المسرح القطري لفراقه ويحزن المثقفون القطريون والعرب على خسارة قامة ثقافية بارزة،
رحم الله موسى زينل وأسكنه فسيح جناته وجزاه بقدر بما قدم لوطنه وأمته
تعازي لأسرته الكريمة ولإخوانه الأعزاء (إسماعيل وابراهيم ومحمد ويوسف وعلي)
ولزملائه الأعزاء وأصدقائه في كل مكان.
رئيس مكتبة قطر