*علاء ابو العزائم رئيس الاتحاد العالمي للتصوف:
*طريقنا هو الحل ..لأنه يستوعب المختلفين ولا يعرف الإقصاء
*انهم يهاجوننا لأنهم لا يقبلون من يختلف معهم
*الرسول أول من احتفل بمولده ..فصام يوم الاثنين
*أعترف بأن بعض أئمتنا ليسوا على المستوى المطلوب
*
*التصوف فكرة وأتباعه بشر يطبقونها فيصيبون ويخطئون
*الإحسان أساس الفكرة ثم يكون الورع ومراقبة الله
*ابن تيمية وصف الصوفية بأنهم من الصديقين بالنسبة لزمانهم
*الزهد لا يعني ترك العمل وإنما ألا تمتلك النيا قلوبنا
*أصحاب الرأي الواحد ..لا يعرفون أن الصواب يتعدد
حوار
فريد ابراهيم
يواجه التصوف والصوفية هجوما ضاريا واتهامات كثيرة تبدأ باتهام التصوف بأنه من معوقات الحياة لأنه يركن إلى الدعة وترك العمل كما أنه بدعة ابتدعها البعض في دين الله وصولا إلى ما لحق ببعض قادته من اتهام بجرائم خلقية يترفع عنها الشباب المتهور بل يرتكب بعضهم آثاما شركية ،فيدعون لأنفسهم ما لله سبحانه وتعالى
الجمهورية تواجه الشيخ علاء ابو العزائم رئيس الاتحاد العالمي للتصوف بهذه الاتهامات
- بم تفسرالضجة القائمة حول التصوف هذه الأيام ؟
** لو تأملت فيما حدث فستجد أن هناك ضجتين حدثتا: واحدة تحدث كل عام، والثانية جاءت هذا العام في عقبها الأولى هي الضجة التي تعودنا عليها حول الاحتفال بمولد سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وهذا العام لم تكن الضجة عادية في مصر لأن وزير الاوقاف فضيلة الدكتور أسامه الازهري أعلن بعد توليه المسئوليه أنه سيتعاون مع الصوفية في تحقيق أهداف وزارته فأصبحت الحرب على التصوف على أشدها خاصة وأن التيارات الأخرى لم تعد مقبوله في الشارع المصري والعربي ،فإذا أضفنا إلى ذلك سقوط أشد التيارات حربًا على التصوف في البلد الذي كان يدعم هذا التيار المتشدد ماديا ومعنويا فإننا سنجد فلول هذا التيار تتصرف بتهور في هجومها وتسعى بكل ما لديها للنيل من التصوف والصوفية بكل ما أوتيت من قوة لذا ستجد الهجوم يأخذ مناحي عدة أولها مهاجمة الفكرة نفسها وهي فكرة التصوف وثانيها مهاجمة المنتمين لهذه الفكرة ففي مهاجمة الفكرة كان أهم ما قالوه إن الاحتفال بالمولد النبوي لو كان أمرا طيبا لكان سينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ” طبعا هما ما يحبوش نقول على سيدنا رسول اللّه سيدنا” أول من يحتفل به ونحن رددنا ونرد دائما بقولنا نحن نتفق معكم في استخدام هذا المقياس ونعلن لمن لا يعرف أن سيدنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أول من احتفل بمولده حين رد على من سأله لماذا تصوم يوم الاثنين قال :” هذا يوم ولدت فيه” فهو يحتفي بيوم مولده بالصيام في هذا اليوم وهم يقولون إن الصحابه لم يحتفلوا بيوم مولده ونحن نسأل الم يكن أكثر الصحابة رضوان الله عليهم يصومون يوم الاثنين تأسيا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أنهم كانوا يحتفون بمولده وهم أعلم الناس بكلامه وبسنته. - إذن هناك دليل من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جواز الاحتفال بمولد سيدنا رسول اللّه ؟
** نعم ..وهذه ليست المشكله وانما المشكلة هي أن فريقا من الناس كل قضيته محاربة التصوف وأكثرهم أنصاف متعلمين والباقي مهما تأتي له من أدلة لن يعود عن موقفه ونحن لا نطلب منهم أن يعودوا لإننا نعلم أن للهوى أثرًا كبيرًا في موقفهم وإلا لقالوا ما قاله علماؤنا الأولون: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ” وللإمام محمد ماضي أبو العزائم مقولة لتلامذته يقول فيها ما معناه : هذا ما أعلمه فإن وجدت من هو أعلم مني فخذ بيدي اليه” وهذه كانت آلية تعليمية لدى العلماء تلاميذهم ألا يأخذوا كلام علماءهم دون تمحيص وتفكر ،ولعلك تذكر أن كثيرين هم العلماء الذين أثّموا من أخذ العلم دون تفكّر فيه وهو قادر على التفكر وبالتالي لو كان مهاجمو الاحتفال بالمولد النبوي قضيتهم هي الحقيقة لقالوا: هذا رأينا الذي نراه صوابا وقد يكون خطأ وهذا رأيهم الذي نراه خطأ وقد يكون صوابًا أما ما يحدث فهو تكفير المحتفلين بمولد سيدنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وتكفير كل الصوفية. - لكن كثيرين من رموز التصوف لهم سلوكيات مشينة وموثقة ولا علاقة لها بمباديء الاسلام مثل الذي يدعي أنه ينفع ويضر في فيديو منتشر فضلا عن سلوكيات لا يفعلها المسلم البسيط؟
تقصد ما أشيع ونشر مؤخرا ووصل إلى المحاكم وأنا أقول لك: إن هذا إحدى تداعيات الهجوم الشرس الذي يواجه التصوف من خلال تصيد انحرافات وأخطاء ـ وها أنا أقول لك انحرافات وأخطاء نحن أول من يحاربها – ثم يقومون بتضخيمها ونشرها على أنها التصوف وهذه مغالطة بشعة فالتصوف شىء والصوفيه شىء . التصوف فكرة والصوفية بشر يحاولون تطبيق الفكرة منهم من يخطىء ومنهم من يصيب ومنهم من يتخفى في هذه الفكرة لينفذ إلى أغراض له أيا كانت هذه الأغراض ومنهم مدع يسعى إلى تشويه الفكرة نفسها بادعائه الإيمان بها ثم يظهر انحرافه ويدعو إليه ليشوه الفكرة نفسها وربما تذكر أننا أقمنا كثيرًا من المؤتمرات تدور كلها حول نقد الذات ومهاجمة الذين يسيئون إلى التصوف من أهل التصوف ،وقد يكون قد بلغك فكرة المؤتمر الذي نرتب لعقده حول الصدق والأمانة ،وكيف تكون هاتان القيمتان سجية في المسلم ونخاطب بذلك المريدين تأسيا برسول الله الذي كانت أبرز صفاته قبل البعثة الصدق والأمانة وذلك في إطار احتفالاتنا بذكرى المولد النبوي الشريف، - إذا عدنا إلى” الفكرة ” كما تقولون فإن منتقدي التصوف يرون أن التصوف لا أصل له وأنه بدعة ابتدعها قوم في دين الله بل قال أحدهم أن هذه البدعة لو كانت من دين الله فإن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه لم يبلغ ما أمره الله والعياذ بالله؟
- دعني أرد على هذا السؤال المركب واحدة واحدة ؟
أولا أن التصوف فكرة يعني اعتقاد أو ايمان له جوهر ما والفكرة التي قام عليها التصوف تبدأ من رد سيدنا رسول الله على سيدنا جبريل عندما سأله: ما الإحسان فقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: *الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك ” الصوفي يدرب نفسه ويدربه شيخه على تطبيق هذا المبدأ بما يستتبع ذلك من ورع ناتج عن هذه المراقبة اللحظية ،فتصور أن انسانًا في كل حركاته وسكناته يذكّر نفسه أن الله يراه فيما يصنع فلا شك أنه سيتخلى عن كثير مما كان يفعل مما يغضب الله، ولا شك أن هذا يورثه ورعا هذا الورع يزرع في قلبه الزهد فيما سوى الله والزهد الحقيقي لدي الصوفية هو أن يملك الصوفي الدنيا لكنها لا تملكه فالزهد هنا يعني العمل والاجتهاد والغنى والتفوق وكل ما يحقق السيطرة على الدنيا لكن القلب لا شىء فيه من ذلك لأنه معلق بالله وبالتالي فالتصوف له أصل من الدين وهو مبدأ الإحسان أما اسمه فقد أخذ من أهل الصفة هؤلاء الفقراء من المهاجرين وممن ليسوا من أهل المدينة المنورة وكانوا يقيمون في مكان بالمسجد النبوي يسمى صفة وكانوا من الزهاد وبعض العلماء قالوا تفسيرات أخرى لا مجال للحديث عنها هنا وبالتالي فالتصوف ليس بدعة.
أما من قال إن البدعة لو كانت من دين الله ولم يخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه والعياذ بالله لم يبلغ كما أمره الله ،فهذا الرجل وهو الالباني يغالط في دين الله مثلما يغالط في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فماذا يقول في جمع سيدنا عمر بن الخطاب المسلمين في صلاة التراويح وقد صلاها سيدنا رسول الله فردًا ولم يخرج إلى المسلمين حينما اجتمعوا ليصلوها معه جماعة ،فهل كان سيدنا عمر مبتدعا أم أن هناك بدعة حسنة يقرها الدين كما قال العلماء وهل كان سيدنا عثمان مبتدعا حينما جعل لصلاة الجمعة أذانين وإذا كان الالباني يصفى الصوفيه بالشرك والإبتداع فماذا تقول هذه التيارات التي تلتزم ما قاله الامام ابن تيميه وهو الذي قال في كتابه «الفتاوى الكبرى» بالجزء الحادي عشر :”والصوفيون قد يكونوا من أجلِّ الصديقين، بحسب زمانهم؛ فهم من أكمل صديقي زمانهم، والصديق في العصر الأول أكمل منهم». ثم يقول والصديقون درجات وأنواع» ويعدد هذه الانواع. ثم يقول: «ولأجل ما يقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه، تنازع الناس في طريقهم: - فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا: إنهم مبتدعون، خارجون عن السنة.
- وطائفة غالت فيهم وادعوا أنهم أفضل الخلق، وأكملهم بعد الأنبياء.
وكلا طرفي هذه الأمور ذميم. والصواب: إنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين،
وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب، أو لا يتوب» فماذا يقولون في هذا هل ابن تيمية مخطىء أم الألباني
*لماذا ترون أن التصوف هو الحل ولم تقصرون ذلك على التصوف ولا تكون التيارات الأخرى هي الحل؟
**لإن التصوف لا يرفض الآخرين، هو يدعوا الى فكره ويحترم فكر الآخرين هو يدخل الى الله وإلى الناس والى الدنيا من باب الحب ،هو لا يدعي الأفضلية على الآخرين ولا العصمة ، وإنما يرى أنه يجتهد في الوصول إلى الله فقط ولا ينكر على الآخرين اجتهادهم هو لا يستكبر على الآخرين بل يرى التواضع هو الطريق الاسرع إلى مرضات الله لذا سمى الصوفية أنفسهم الفقراء أي الفقراء إلى الله ،فالتصوف إن صح التعبير فكر استيعابي وليس اقصائيًا، وكما تعلم فإن هناك من التيارات مالا تقبل إلا ما تراه هي فقط وما دونها كافر ولا تقبل إلا الذين منها ويستحيل أن تقبل أن الحقيقة لها جوانب متعدده وأن المختلفين قد يكونوا جميعا على صواب لأن كل واحد يرى الصواب من زاويته، بدليل أن المذاهب التسعة الإسلامية التي كانت موجودة وما زالت قبل وجود مثل هذه التيارات الإقصائية كانت لا تكفر بعضها ولا تفسق بعضها ولا تشكك في بعضها بل إن بعض الأئمة كان إذا صلى في مسجد أمام آخر اتبع آراء هذا الإمام في السنن احتراما له وتأدبا معه و التصوف يرى أن الناس جميعها خلقت للتعاون وتتعارف لقوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ” والآية تقول يأيها الناس لم تقل المؤمنين والا المسلمين وانما قالت الناس فالصوفي رجل يسير إلى الله في عمر كونه كما يرى ويتعاون مع خلقه ولا يرفض المختلفين معه وانما مبدأه ” وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين” - لكن ألاترى أن يرتكب بعض قادة التصوف جرائم سلوكية بل جرائم عقدية كأن يدعي أنه الشافي وأنه من يدخل الناس الجنة أمر مفجع ؟
** نعم أنني معك فيما تقول وبالفعل هناك من قادة الصوفية من ليسوا على المستوى الذي يليق بالتصوف وهو نقيصة توجد في كل الفئات من البشر فقد قرأنا عن قادة دينيين عالمين ارتكبوا جرائم يعجب العقل أن يقع فيها من في مثل مكانتهم وأنا هنا لا أبرر للصوفية وانما أقر بوجود مثل هذه النقائص الفردية التي نسعى لتخليص التصوف منها وفى النهاية فإن البشر هم البشر والغواية الشيطانية تلحق البسيط من الناس وتلحق بمن في مكانة من يقود الناس .