غيّبني القدر عن هذا العالم الأزرق، مقيّدا إيّاي جرّاء حادث ألمّ بي، فما عادت يدي قادرة على الكتابة، ولا أفكاري تجد سبيلها إلى الحروف، أعاني من وطأة الكسور والرّضوض، لكن.. ما يؤرّق روحي ويدميها أكثر، هو ما نعيشه جميعا من ظروف عصيبة تدمي القلوب! ففي ظلّ هذه الظّروف القاسية الّتي نرزح تحت ثقلها، تتسلّل إلى نفوسنا أوجاع كثيرة، تنهك قوانا وترهقنا، تجتاح كلّ شيء وتسلب منّا الفرح، تحوّل أحلامنا إلى سراب، وتجعل طموحاتنا أشبه بسفينة تائهة في بحر لجيّ؛ كزهرة تزهر صباحا وتذوي مساء.
هكذا هو حالنا، فبينما نحاول التّشبّث بأهداب الأمل، تتكاثر الأشواك في دروبنا، وتغمرنا ظلمات اليأس الّذي نتجرّع مرارته، ونحمله فوق أكتافنا.
كلّ الأشياء الّتي نحلم ببقائها تفرّ منّا كفرائس خائفة، تتلاشى في أفق الزّمن، كأنّها لم تكن يوما حقيقة نعايشها.
وحدها فرحتنا بتلك الأشياء تبقى، تقاوم زحف النّسيان، وتتحدّى قسوة الواقع؛ كشموع صغيرة تضيء ظلام اللّيل الدّامس، وتبقى معها الذّكريات والأحلام الّتي لا تموت، وذلك الأمل الذي لا يخبو، الّذي نستمدّ منه القوّة.
لنحلم! فلم يبقَ لنا غير الحلم، نلوذ به ونعانقه في ليالي اليأس الطّويلة، لنحلم بعالم يشرق فيه فجر جديد، عالم تتلاشى فيه الظّلمات وتختفي صرخات الألم، عالم يعمّه السّلام والأمان، تزهر فيه القلوب بالمحبّة وتتسامى.