إن فكرة التوازن بين مواجهة التحديات وتحقيق الآمال والطموحات ينبغي أن تقوم على فلسفة الحكمة في التناول، وهذا ينطبق على السياسة الاقتصادية المصرية التي سعت إلى تحسين الحالة الاقتصادية ومهدت الطريق من خلال تدشين بنية تحتية وتقنية أساسية في كافة ربوع الدولة، وهنا نجد أن توظيف تمويل صندوق النقد الدولي رشيدًا في تناوله.
ورغم التحديات السلبية على الاقتصاد العالمي؛ إلا أن سياسية الإصلاح التي انتهجتها الدولة المصرية دارت حول فكرة جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة وإبرام الشركات الاقتصادية مع العديد من دول العالم، وقد كان أمرًا بالغ الصعوبة، بل لا نغالي إذا ما قلنا مستحيلًا إذ لا تدار أي مشروعات اقتصادية بعيدًا عن مقومات البنية الأساسية التي تحقق عامل الأمن والأمان بالنسبة للمستثمر أو الشريك.
وباعث الطمأنة حيال آليات الإصلاح الاقتصادي بدت واضحة في ممارسات البنك المركزي من خلال سياسات مدروسة ساهمت في نمو الاحتياط النقدي وحدت من حجم التضخم رغم الأزمات الاقتصادية العالمية التي أجبرت دول عديدة لرفع سعر الفائدة بصورة فجة، وهذا يؤكد مدى حرص الدولة على تحقيق الغايات الاقتصادية بما لا يؤثر سلبًا على المواطن وبما يلبي الاحتياجات والمتطلبات الأساسية للمجتمع المصري كله.
وأود الإشارة إلى أن هناك من ينتقد السياسة المصرية على طول الخط، كونه يتبنى فكر هدام سبيله الرئيس النقد السلبي المستدام، ناهيك عمن يدبرالمكائد من أصحاب المصالح الضيقة الذي لا يدركون ماهية الأوطان ولا ينظرون إلا للمنفعة في حد ذاتها، ومن لديه أجندات خاصة تستهدف النيل من مقدرات هذا الوطن العظيم، ومن ثم لا داعي لأن ترهق نفسك في الالتفات لتلك الفئات أو تضيع وقتك وجهدك في الرد على ما ينشرونه من شائعات مغرضة.
ومنذ بدء المرحلة الأولي في برنامج الإصلاح الاقتصادي التي تبنته الدولة المصرية حرصت القيادة السياسية على تحقيق الحماية الاجتماعية؛ فقد شهدنا العديد من التوجيهاتٍ والقراراتٍ الرئاسيةٍ في هذا الشأن؛ حيث الرعاية لكافة فئات الشعب بما هو متاحٌ من موارد؛ ليستطيع المواطن أن يفي بمتطلباته الأساسية، وأن يستشعر دور الدولة وجهودها المتواصلة في توفير احتياجاته، ومن ثم نيل حقوقه؛ ليصبح مسئولًا عن حماية مجتمعه واستقراره وشريكًا في التنمية بكافة أنماطها؛ ليؤدي ما يوكل إليه من مهامٍ بإتقانٍ وتفانٍ؛ ويستطيع أن يواجه الصعوبات والأزمات والتحديات على المستويين الداخلي والخارجي.
ناهيك عن مبادرات الدولة التي استوعبت من خلالها التفاوتات الاجتماعية كي لا تضار الطبقات محدودة الدخل جراء الإجراءات التي تتخذ في ضوء مراحل برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ فنظرية العدالة الاجتماعية تؤكد من خلال مبادئها وفرضياتها على توزع الموارد المادية في ضوء معاييرٍ محددةٍ، وتوفير الاحتياجات الأساسية من رعايةٍ صحيةٍ وتعليميةٍ واجتماعيةٍ وغيرها من أنماط الرعاية بصورةٍ متساويةٍ، والمساواة المطلقة في إتاحة الفرص التي تسمح للفرد بأن يصل وفق جهوده إلى ما يستهدفه من غاياتٍ مشروعةٍ على المستويين العام والخاص.
وتنويه فخامة الرئيس على ضرورة مراجعة الموقف مع سياسات صندوق النقد الدولي كي لا يضار المواطن تدل على شعوره النبيل تجاه شعبه وأن يدرك من يمر به من معاناة وظروف صعبة؛ فغايته الكبرى وسعيه المتواصل وجهده الذي لا يضعف ينبري حول تحسين ظروف المواطن رغم التحديات الاقتصادية العالمية المتلاحقة وبناء الدولة ضمانة لأجيال المستقبل.
وأرى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري نال تقدير العالم والقائمين على إدارة صندوق النقد الدولي، وهنا نثمن دور الدولة وقيادتها تجاه التنافسية الاقتصادية التي انطلقت من رؤية استراتيجية سديدة تم تطبيقها على أرض الواقع؛ حيث العمل على استغلال الإمكانيات والموارد الفنية والمادية والمالية والتنظيمية والمعلوماتية بالإضافة إلى القدرات والكفاءات ليتحقق التميز والريادة المشار إليها والقيمة التي يدركها المستثمر.
والدولة تسعى بكل قوة إلى تنشيط الصناعة حيث العمل على إعادة تشغيل المصانع بكامل طاقاتها وقدراتها على مستوى الصناعات القومية والصغيرة، وفي هذا الإطار دفعت الدولة بكافة التسهيلات التي من شأنها تشجع أصحاب الصناعات والحرف والمهن بمختلف أنواعها لبدء العمل، ووفرت لهم الحماية التي تحفزهم وتحثهم على العمل المتواصل؛ ليضاعفوا من حجم المنتج؛ بغية فتح مسارات التصدير على مصرعيها.
نثمن ما تقوم به مؤسسات الدولة من سياسات الإصلاح والبناء والتنمية، ونقدر الجهود التي يبذلها فخامة الرئيس، ونؤكد بأن مصر على طريق الاستثمار المستدام بما توجده من فرص استثمارية في العديد من المجالات التنموية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر