يُنسب لأكثم بن صيفي التميمي رضي الله عنه عبارة [ من مأمنه يؤتى الحذر ] .. والمعنى أن الخطر قد يأتي الإنسان من حيث أمن … وبضرب المثال يتضح المقال…
في كل نظام سياسي طاغوتي جبار، يوجد ثغرة أو ثغرات، تكون سبباً في اجتثاث هذا النظام من فوق الأرض ما له من قرار…
واقرأوا التاريخ:
أوجد الله في ظهر النظام الفرعوني أربع ثغرات، لتهدم أكبر جدار للكفر والظلم والفساد عبر التاريخ كله، إذ تربى موسى عليه السلام في قصر فرعون، وكانت الثغرة الثانية في آسيا امرأة فرعون المؤمنة، التي أقنعت فرعون بتربية الطفل في القصر، ثم ماشطة ابنة فرعون المؤمنة، ثم مؤمن آل فرعون…
كانت هذه الثغرات بمثابة أعظم الثمرات، التي قصمت الظهر الفرعوني إلى زوال… فحُجةُ الإيمان من نبي الله موسى عليه السلام وقعت في أفئدة سحرة فرعون، فبينما كانوا أول النهار سحرة كافرين، انقبلوا آخر النهار مؤمنين…
ولما أفلَ نجم بني أمية في المشرق، لم يبق منهم إلا فتيان أخوان، عبدالرحمن بن معاوية وأخوه، فأمسك العباسيون بواحد، وفر عبدالرحمن هارباً يسبح في نهر الفرات، حتى شاء الله له أن يُحيي الخلافة الأموية في الأندلس، بعد أن أسقطها العباسيون في دمشق… بل ويقمع عشرات الثورات التي حيكت ضده من قبل أبي جعفر المنصور، الذي لقبه صاغراً بصقر قريش…
ولما بطش التتريون بالدولة الخوارزمية في آسيا، تركوا خلفهم ثغرة وحيدة، كانت مع مرور الأيام هي الطعنة الإيمانية التي استأصلت شأفة التتار للأبد من الدنيا كلها… تلك الثغرة هو سيف الدين قطز، ابن أخت جلال الدين الخوارزمي، الذي أعمى الله قلوب التتريين عن قتله، ليبيعوه في سوق الرقيق، حتى إذا اشتد ساعده، وصار حاكماً لمصر، تربص بالمغول في عين جالوت، ليقضي على خضراءهم لغير رجعة….
وصدق الحق جل وعلا [هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) الحشر