تعد الصحافة الفنية من أهم وأكثر الموضوعات الصحافية قيمة وفائدة نفسية وانسانية لما تحويه من قيم فنية مختلفة في التصدي لأشكال الفنون الكثيرة من أدب، شعر، سينما، مسرح، فن تشكيلي، نقد أدبي، نقد فني وكثير من أشكال الفنون ومحاورها، فهي تريح النفس وترقى بالذوق العام وتساعد على النمو الثقافي والمعرفي بأشكال الفنون المختلفة، ولكنها دوما تتعرض للمشكلات والمخاطر والانتهاكات والمجاملات على المستوى المهني وخاصة في العالم العربي، فتجد الصفحة الفنية في أغلب بل يمكن في كل الصحف المحلية على مستوى الوطن العربي تحتل المكانة الأخيرة في ترتيب الأولويات، فتكون للأخبار المحلية ثم الاقتصادية والرياضية نصيب الأسد من التغطية والاهتمام وتقبع الصفحة الفنية في ذيل القائمة، وهذا يعرضها لكثير من التقليل بأهميتها، لذا إذا كان هناك أخبار أو تغطيات مهمة كمؤتمرات أو فعاليات سواء محلية أو عالمية فتكون الصفحة الفنية هي المعرضة للإقصاء، وهذه المكانة المستصغرة للأسف تضع الصفحة الفنية في كثير من المشكلات منها المجاملات سواء في التعيين أو في التغطية وذلك لأن من ضمن مهامها أيضا الدعاية والاعلان عن الفنانين وأعمالهم، ويتعرض الصحافي الفني لكثير من الضغوط منها سياسة الجريدة وسياسة الدولة بشكل عام في الوقوف الى جانب الفن والفنانين متغافلين عن أن النقد البناء هو أهم وأول سبل الاصلاح والرقي، ومن المشكلات الكبرى التي تواجه الصحافة الفنية هي التخصص فمن المؤكد أن الصحافي الفني لا يمكن أن يكون ملما بكل الفنون فهو ليس بالشاعر والأديب والرسام والمسرحي، وهذا طبيعي وليس من المعقول أيضا أن تخصص الجريدة فنانا لكل قسم وليس بالضرورة للفنان أن يفهم بالنقد وأغلب الفنانين لا يستطيعون الحديث عن أعمالهم، بل ينتظرون آراء الدارسين والمهتمين بالنقد وهم مرآتهم للوقوف على الحقيقة والسير بالطريق الصحيح نحو مسيرتهم، وللأسف هذا يمكن أن يكون موجودا في أزمان سابقة مع بدايات الصحف والجرائد الكبرى في الوطن العربي حتى لو بشكل ضئيل، أما الان فالموضوع شبه منتهٍ، فتجد الصحافي الفني مطلوبا منه أن يغطي كل الفعاليات ويتحدث وينقد كل الفنون، وهذا أكبر ظلم للطرفين سواء الفنان أو الصحافي، ويفترض بل يجب على الصحافي الفني أن يكون مثقفاً شغوفاً ملماً بمعرفة عامة عن شتى أشكال الفنون وذلك لما تقتضيه أوضاع الصحافة الفنية في الوقت الراهن، ومن الغريب أن نجد الاعلام الفني بشكله المرئي والمسموع سواء في القنوات التلفزيونية أو البرامج الاذاعية أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي الآن تجد الصحافة الفنية هي الشغل الشاغل والاهتمام بأخبار النجوم تحتل الصدارة والاهتمام بالأمور الأخرى من سياسة أو اقتصاد..، وذلك ظهر بشكل كبير في السنوات الأخيرة وخاصة مع وجود القنوات الفضائية حتى وجدنا كثيراً من الصحافيين والاعلاميين الكبار توجهوا الى الفن الذي يحتل المكانة الأكثر شهرة وأكثر طلبا على القنوات، مثل هالة سرحان، ومنى الشاذلي، والعديد توجهوا الى البرامج الحوارية والتي تغلب عليها استضافة الفنانين والاهتمام بالفن أكثر من غيره من الأشكال الأخرى، بالطبع تتم استضافة سياسيين وعلماء ومشاهير في كل المجالات ولكن لا شك أن الاهتمام الأكبر ينصب على الفن، وهذا يعد اختلافا كبيرا وعلى النقيض تماما من العمل الصحافي وخاصة الورقي، ولا أعلم هل هذا يعدل الكفة أم أنه قلب للموازين، أعتقد أن الكلمة المقروءة أيضا تعرضت لهذا الاجحاف وهذا الظلم في حقها، وهذا ليس مبشرا بالخير، فلا تزال الكتابة والقراءة أهم رافد من روافد الثقافة والمعرفة والتي يقع على مسؤوليتها الصدق في المعلومات والحقائق المقدمة وللأسف نحن أصبحنا شعوبا غير قارئة ولا مهتمة بذلك وخاصة جيل الشباب الحالي، فسوق الكتب والمكتبات ومعارض الكتب في انخفاض دائم، ولكن يبقى الأمل دائما موجوداً، فبين الحين والحين تظهر وجوه مبشرة بالخير تؤكد أن الكلمة المكتوبة لها من المكانة والأهمية ما يجعلها دوما بخير، ويبقى الامل في عودة تواجد وازدهار الصفحات الفنية التي تلقي الضوء على الاشكال الثقافية والفنية العظيمة من شعر وأدب وسينما ومسرحي وفن تشكيلي وتثري الساحة الفنية والثقافية.
Omarfawzi3041966@gmail,com
نشر بجريدة النهار الكويتية