هناك لحظات تضيق فيها الدنيا حتى تشعر أنها تطبق على أنفاسك، تتزلزل الأرض تحت قدميك، وتجد نفسك وحيدا وسط عاصفة لا تهدأ، تحاصرك الأسئلة بلا إجابة، وتتكاثر الأحزان في صدرك كأمواج لا تعرف السكون.
تبحث عن يد تنتشلك، عن كلمة تطمئن بها روحك القلقة، لكن لا ترى إلا أبوابا مغلقة، ووجوها جامدة، وأصواتا خافتة لا تملك لك ضرا ولا نفعا.
وحين تتساقط الحلول، ويتبدد صدى رجائك في أفق صامت، تتجلى الحقيقة المطلقة، واضحة كالشمس، ثابتة كقدر لا مهرب منه:
ليس لها من دون الله كاشفة
حين تدرك أن البشر سراب، وأن الأبواب التي طرقتها لم تكن سوى جدران صماء، ستوقن أن هناك بابا واحدا لا يغلق، ويدا واحدة لا ترد، ورحمة واسعة لا حدود لها… باب الله.
كل ما يعصف بقلبك، ويثقل روحك، ويخنق أنفاسك، لا راحة منه إلا بالله.
قد تغلق أمامك أسباب الأرض، لكن أبواب السماء لا توصد، وقد يخذلك من ظننتهم سندا، لكن الله لا يخذلك أبدا.
فهو الذي يكشف الضر إذا مسك، وهو الذي يبدل الضيق فرجا، وهو الذي إذا أراد شيئا قال له _ كن فيكون.
حين تستسلم قواك، ويثقل عليك الزمن بأحماله، وتغدو الأيام متشابهة، لا فرق بين ليلها ونهارها، ستدرك أن النجاة ليست في كثرة التدبير، ولا في الركض خلف أسباب لا تملك أمرها، بل في السجود الذي يرفعك، في الدعاء الذي يشق ظلمة اليأس، في اليقين بأن الله أقرب إليك من كل شيء، أقرب من وجعك، من دموعك، من نبضك المرتجف.
لا تبحث عن العون فيمن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا تنتظر الدفء من قلوب باردة، ولا الرجاء من يد مرتعشة، فليس للضر إلا كاشف واحد، وليس للهم إلا مفرج واحد، وليس للمستضعف إلا سند واحد _ الله.
فكن مع الله يكن معك، واطرق بابه بقلب يملؤه اليقين، وكن واثقا ان كل ما يحزنك زائل، كل ما يبكيك مؤقت، كل ما استعصى عليك، سيفتحه الله في لحظة لم تكن تتوقعها.
وحين تنكشف الغمة، ستدرك أن المفتاح كان دوما في يديك _ العودة إلى الله.