هل الحب يكملك أم يكشف حقيقتك؟!!..
وهل الحب الحقيقي يبحث عنه أم يكتشف في الداخل؟!…
يا من تبحث عن الحب، أأنت العاشق حقاً؟!!.، أم أنك العطشان الذي يظن أن الماء في يد الآخر؟!!..
إن الحب ليس جوعاً تشبعه، بل نوراً تضيئه، فكيف للنور أن يستجدى؟!..
في دهاليز الروح، حيث يهمس القلب للوجود، وحيث تتجلى الأسرار في صمت الكينونة، هناك يولد الحب الواعي المستنير، ليس كوهج عابر يشتعل ثم ينطفئ، بل كضوء داخلي يبدد ظلام الجهل بالذات، ويفتح أبواب الحقيقة على مصراعيها..
الحب ليس إمتلاكاً، وليس قيداً، وليس مسرحاً لمخاوفنا، بل هو فضاء شاسع، فيه يرقص العاشق بلا خوف، ويمتد كالمحيط بلا نهاية.
ما هو الحب الواعي المستنير؟!!…
هو ذاك الحب الذي لا يبحث عن إكتماله في الآخر، بل ينبع من فيض داخلي، من روح أدركت أنها كاملة، فأحبت لا لأنها محتاجة، بل لأنها وجدت الحب متأصلاً فيها.، إنه الحب الذي لا يعمى بل يبصر، لا يقيد بل يحرر، لا يتوسل بل يشع.
إنه ليس ناراً تأكل صاحبها، بل شمساً تدفئه دون أن تحرقه.
الحب الواعي ليس عاطفة جياشة تنطفئ عند أول إختبار، بل نضج نفسي وروحي، حيث يتطلب:
1- إدراك الذات بعمق:
أن تنظر إلى داخلك كما تنظر في مرآة صافية، فتتأمل ظلالك ونورك، دون إنكار أو خوف.، وأن تدرك أن الحب لن يرمم جراحك، بل وعيك بها هو ما يشفيها.
2- رؤية الآخر كما هو:
الحب ليس وهماً تسقطه على شخص، بل لقاء بين حقيقتين.، أن تحب شخصاً يعني أن تحتضن نوره وظله، دون أن تحاول تغييره ليوافق صورتك المثالية.
3- التواصل بصدق وشجاعة:
في الحب الواعي، لا يخشى الصدق، بل يحتفى به.، الحديث هنا ليس لعبة شد وجذب، بل هو موسيقى تعزفها الأرواح بانسجام.
4- التوازن بين الإستقلالية والأرتباط:
لا ذوبان يفقدك ذاتك، ولا إنفصال يجعلك وحيداً، بل لقاء بين كائنين مستقلين يختاران السير معاً، لا لأنهما لا يستطيعان العيش دون الآخر، بل لأن وجودهما معاً يثري الحياة.
الحياة السعيدة ليست بحثاً عن الحب، بل إكتشافاً له في الداخل، حيث يظن الكثيرون أن الحب هو مفتاح السعادة، لكن الحقيقة أعمق، فالسعادة لا تهدى لك من الخارج، بل تكشف لك من الداخل.
الحب الواعي ليس شعوراً مؤقتاً، بل حالة من الوجود، تتجلى حين يكون الروح في سلام، والعقل في وضوح، والقلب في إنفتاح.، فلا يمكن للحب أن ينمو في أرض مليئة بالخوف، بل يحتاج إلى تربة غنية بالوعي والقبول والتسامح.
- كيف نصل إلى الحب الواعي؟!!…
تحرر من الأوهام:
لا تجعل الحب قيداً، ولا تبحث عنه كمن يبحث عن ملجأ من نفسه.
كن ممتلئًا بذاتك أولاً:
لا تدخل الحب وأنت نصف، بل وأنت ممتلئ.، فالحب ليس إكتمالًا، بل مشاركة في الإكتمال.
تعلم من ألمك، لا تهرب منه:
الألم معلم، لا عدو.، إحتضنه، تفهمه، ثم أطلقه كطائر يستحق الحرية.
مارس العطاء دون خوف:
لا تعطِ لتأخذ، بل أعطى لأنك ممتلئ بالعطاء، تماماً كما تشرق الشمس دون أن تنتظر إمتنان أحد.
بشكل عام، الحب الواعي هو أنت حين تصبح نوراً
يا من تبحث عن الحب، أعلم أن الحب لم يكن يوماً في الآخر، بل كان دائماً فيك.، وحين تتوقف عن اللهاث خلفه، وحين تسكن روحك في حضن وعيها، ستدرك أن الحب لم يكن يوماً شيئاً تملكه، بل كان دائماً شيئاً تكونه.
فكن أنت الحب، يكن العالم لك مرآة من نور.