مُمارسَة المَرأة لِلعمَل السَّياسيِّ يُعد إضَافة لِلمجَال؛ حَيث تَبذل أَقْصى مَا فِي جُهدَها؛ مِن أَجْل صِناعَة مُستقْبَل وَطنِها الحَبِيب، بَل وتُقدِّم أَفضل مَا لَديْها مِن نَتاج فَكري وَعَملي؛ فَهي نَبْع لِلعَطاء، وَلَها صَولات وجَولات في هَذا الخِضَمِّ، وقَد حَقَّقت العَديد مِن النَّجاحَات، سَواءً ارْتَبط بالسَّياسَة وأَعَمالها، أَوْ بِأي مَجَال مِن المَجالات التَّنمويَّة والخَدميَّة فِي البَلاد؛ ومِنْ ثَمَّ نَصِفُ المَرأة بِأنَّها دَعامة بِناء الأوْطَان، وَصَاحبة المَهَام الجِسَام، ومَالكة الرُّؤى المُستنيرَة والسَّديدة عَلى السَّواء.
شَراكة المَرأة فِي العَمل السَّياسيِّ، تُؤكِّد عَلى أَنَّ الدَّولة المَصريَّة تَنتهِج الطَّريقَ القَويم، نَحو تَحقيق نَهضَتها، واسْتَدامة تَنميتها، وتَعظيم حَضارتها، وتَرسيخ المَفاهيم الرَّئيسَة فِي ثَقَافتها، والمُطالع لِعُمق التَّاريخ، يَرصُد المُسَاهمات الجَليلَة للمَرأة المَصريَّة، مُنذُ الأزَل؛ فَلَها خَبرة وبَاع ومَقدرة عَلى تَحمُّل الضُّغوط، وفِطنة مُنقطعة النَّظير حِيال إِدَارة الأزَمات والقَضَايا الشَائِكة عَلى المُستَويين المَحليِّ والدُّوليِّ، وتَستطيع أَن تُواكب كَافَّة مَسَاقات التَّقدُّم والتَّطوُّر؛ حَيثُ تَطرَح أفْكَارًا ورُؤى تَبهر بِها الخُبراء، فِي شتَّى المَجَالات.
تَأثير المَرأة المَصريَّة فِي الحَياة السَّياسيَّة، وَاضح مُنذ أَن أُتيحَت الفُرصَة أَمَامها بِشكْل حَقيقيِّ مِن قِبَل الدَّولة، وقَيَادتها السَّياسيَّة الرَّشيدة؛ فلَم يَكُن تَمثيلها مِن أَجل مُواكبة التَّحضر، ومَا تُنَادي بِه مَنابر حُريَّة المَرأة فِي العَالم؛ لَكِن لِأَنَّها تَستحق المَكَانة التي تَتَبوَّؤها بِجَدارة، وهُنَا يَنبغي أَن نُلقي الضَّوء عَلى صُورة الإنْجَازات، التي حَقَّقتها فِي الحَقل السَّياسيِّ المَصريِّ؛ حَيث سَاهمت بِقوة فِي دَعْم مُؤسسَات صُنع القَرار السَّياسي؛ فَكان لِمُشاركتها البَنَّاءَة قَاسمًا مُقدَّر، فِي لِجان تَدشين الدُّستُور وَمَواده، وَصَياغة القَوانين، وكَان لَها حُضور مُكثَّف فِي المُشَاركة الانتَخَابيَّة، مِن حَيثُ التَّرشُّح والتَّصويت؛ ومِن ثَمَّ صَنعت حَرَاكًا غَير مَسبوق، شَهد لَه القَّاصِي والدَّاني.
المَجال العَام السَّياسيُّ فِي مِصْر مُواتيًا لمُشارَكة المَرأة، ولَيس هُنَاك تَحدَّيات، أَو عَراقيل، تَمنع انغَماسها فِي هَذا الخِضمِّ؛ لِذا سَاهمت المَرأة بِقوة فِي ضَخِّ دِمَاء جَدَيدة، فِي كَافَّة الأَحْزَاب السَّياسيَّة المَصريَّة؛ فَأضْحَت مَليئة بِزهُور يَانَعة، تَفوح أَفْكَارها النَّيَّرة الأجْوَاء السَّياسيَّة، ورَغم الحُضور الوَاضح للمَرأة المَصريَّة؛ إلَّا أَن مَطالبها لَم تَكن لِذاتها؛ كَونها لا تُؤمِن بالفِئوية؛ لَكن تَحرص عَلى تَحقِيق المَصلحَة العَامَّة دُون الخَاصَّة؛ ومِن ثَمَّ مَكَّنت لِنَفسها، ورَسَّخت الثَّقة تِجَاه مُمَارسَاتها النَّبيلَة، وفَكرَها الرَّاقِي؛ فَغاية مَا يَشغُلها هُموم الوَطن، ومَقصَدها المُعلَن والمُضمَر، الحِفاظ عَلى هَذا الوَطن، ورَفْع رايته عَاليَة خَفَّاقَة.
لَمسَات المَرأة المَصريَّة فِي الحَياة السَّياسيَّة رَأينَاها؛ فِيما حَقَقته مِن إنْجَازات عَلى المُسْتَوى الوَزَاري والبَرلمَاني؛ كَونها تَمْتَلك الحِكْمة، وتُحسِن التَّصرف، وتُواكِب فَلسفَة التَّقدُّم والتَّحضُّر، وتُحافِظ عَلى ثَوابتها، وعَقيدتها، المُستلْهَمة مِن قِيم المُجتَمع النَّبيلَة؛ فَإيمَانُها بِالوَاجب الوَطَني، جَعَلها تَتخلَّى عن احْتَياجَاتها، وتُكرِّس جُهودها؛ مِن أَجل وَطن يعِيش فِي قَلبها النَّقيِّ الطَّاهر؛ فَقَد أَضحت رَكيزة رَئيسة لِلتنميَة فِي مَجَالاتها المُختَلفة، وَهَذا اثبَت للجَميع أَن مَكانة المَرأة المَصريَّة مُستحَقة؛ فَهي أَيقونَة للرُقِي، وسَاهَمت فِي إِحدَاث تَغيير لَيس فِي الثَّقَافة المُجتَمعيَّة القَديمَة فَحَسب، بَل أَحدَثت تَغييرًا مَحمُودًا فِي الثَّقافة العَربيَّة أَيضًا؛ فَصَارت تُحَاكي بَلادَنا العَظيمَة فِي هَذا الشَّأن.
إِنَّ تَأثير المَرأة المَصريَّة الفَاعِل فِي الحَياة السَّياسيَّة، جَاء مِن شَجاعة تَمتلكها؛ حَيث مَقدرَتها عَلى التَّخطيط، والتَّنظيم، وَإدَارة المَشْهد، وحُسن تَوظِيف المَوَارِد، وَقُوة صَوتها فِي الحقِّ، خَلق حَالة مِن الطُّمَأنينَة في المُجتمَع، بَل ساهَم في تَشجِيع الجَميع، تِجَاه مُمَارسة العَمل السَّياسي، رُغمَ ثِقل مَهَامه، وصُعوبة الاستَمراريَّة فَيه؛ كَونه يَتطلَّب عَطاءً مُستدَامًا، وَإيثَارًا، وَمَحبَّة لِلوطن، وَوَلاءً لِرمُوزه؛ ومِن ثَمَّ باَتت المَرأةُ أَداةَ بِناءٍ، فِي السَّياسة المَصريَّة، عَلى كَافَّة مُستَوياتها، الدَّاخليَّة والخَارجيَّة.
لِلمرأة المَصريَّة اليَد العُليَا فِي تَحرير البَلاد، مِن أَصْحَاب الفِكر المُنحَرف؛ فَقد كَانت قَاطرة الثَّورة التي أَطَاحت بِحكم الإخْوَان؛ ومِن ثَمَّ سَاهمت فِي رَسم طَريق وخَريطَة النَّهضة لِلوطَن؛ كَي يَتجنَّب الدُّخول فِي نَفق مُظلِم، وبِنَاءً عَلى ذَلك نَستطيع القَول وبِكُلِّ ثِقَة، أنَّ المَرأة المَصريَّة شَريكة فِي صُنع واتِّخاذ القَرَار، بجَميع كَيَانات هَذا الوَطَن العَظيم، وأنَّ تَأثيرها فِي السَّياسة المَصريَّة فَاعِل، سَوف يُسطِّره التَّاريخ بِماء مِن ذَهَب.. ودِّي ومَحبَّتي لِوطني ولَلجَميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر