من أقوى وأفضل المسلسلات التي قدمت في شهر رمضان هذا العام مسلسل «أولاد الشمس» ليكسب الرهان الذي نؤكد عليه دوما أن القصة والكتابة الجيدة هى أساس قوة أي عمل بغض النظر عن الأسماء والنجوم المشاركة مع الأخذ في الاعتبار أن وجود محمود حميدة أضفى الكثير للعمل ولكن للحق الممثلون الشباب كانوا أيضا نجوما بتقديم أداء ممتع ورائع..
أحمد مالك (ولعة)، طه الدسوقي (مفتاح)، معتز هشام (قطايف)، فليكس (ألمظ) قدموا أداء متناسقا خاصا مع التناغم في اختلاف الشخصيات بين الهادي والرزين والعصبي والصعب المراس، اختلاف الشخصيات ساعد كثيرا في تميزها وتقديم وجبة تمثيلية ممتعة، وذلك إلى جانب الممثلين الآخرين الذين لهم بصمة في الدراما مثل فرح يوسف، ضياء عبدالخالق، أحمد محمود أو الجدد الذين أضافوا بصمة أخرى مثل دنيا ماهر وجلا هشام ومريم الجندي، وللحق تقديم العمل في 15 حلقة كان جيدا لتكثيف الفكرة والتركيز عليها وعدم الاطالة..
المسلسل يحكي معاناة الأطفال في دور الأيتام أو مؤسسات الرعايا حيث يتم استغلالهم في أعمال مخالفة للقانون مثل السرقة والنصب على يد مدير الدار الذي يعرف تاريخهم الذي يجهلوه تماما ويحاول استغلال بعض الثغرات في حياة كل منهم للسيطرة عليهم، ويتضح في النهاية أنه عم أحدهم وأخفى ورق ملكية نجل شقيقه للدار، بل وأخبر والدته بوفاته ليستفيد منه ويستغله في تواجده بالدار كأحد الأيتام.
المسلسل يكشف عن أوجه حقيقية مخيفة وخفية لمخالفات ومآسي دور الرعايا وأجمل ما يميزه إلقاء الضوء على مثل هذه الأوضاع وهذه المشكلات التي يعاني منها الأيتام سواء في الدار أو بعد خروجهم منها للحياة بعد بلوغ السن القانونية..
عاب المسلسل كثيرا الذهاب إلى الاكشن والتشويق على حساب الرسالة القوية التي بنيت عليها الفكرة الأساسية وهى حقوق الأيتام وكفالتهم ومكافحة استغلالهم، كما كان للايقاع البطيء والمشاهد غير المحسوبة أثر سيئ على قوة العمل وتسلسل الأحداث مما جعل البعض ينفر من المتابعة خاصة في حلقاته الأولى، لكن هناك بعض المميزات التي يمكن أن يكون أسيء فهمها ولكن بالفعل هى كانت نقاط قوة للمسلسل منها التصوير الرائع بالديكور والألوان القاتمة الخافتة والمعبرة تماما عن الجو العام للدار، فرغم جمال البناء من الخارج إلا أنه من الداخل يبدو معتما قابضا للنفس بممرات طويلة وسقوف عالية ونوافذ مغلقة جعلت إحساس الحصار والعزلة يترسخ في ذهن المشاهد ليرسخ مفهوم الظلم والاستعباد الذي يعاني منه هؤلاء الأطفال حيث لا يختلف كثيرا عن السجون..
الأبطال الحقيقيون الذين ظهروا في الحلقة الأخيرة هم أجمل ما قدمه العمل وأضافوا قوة ما بعدها قوة على العمل وختام مسك لمحاكاة الواقع وتوثيقه وتقديم الأمل من رحم الألم الذي عانوا منه بتقديم نماذج مشرفة استطاعت قهر الظروف والتغلب على قسوة المجتمع في نظرته لهم، وكان لظهورهم على الشاشة أكبر الأثر في قوة تأثير المؤسسات الاصلاحية إذا أحسنت عملها والتأكيد على الاهتمام بها والرقابة الدائمة والمستمرة عليها حتى نرى مثل هؤلاء النماذج الصالحة لنفسها ومجتمعها.
وحكاياتهم عن المواقف التي تعرضوا لها سواء في الدار أو خارجها والمآسي التي تعرضوا لها في مواجهة المجتمع بعد بلوغ السن القانونية والاندماج في المجتمع والدراسة والعمل كانت الأكثر تأثيرا في العمل برمته، وخاصة تأكيدهم على المواقف والمشاهد الحقيقية التي قدمها العمل والتي أضفت عليه كثيرا من المصداقية والاستحسان.
كانت هناك مشاهد كثيرة قوية ومؤثرة مثل موت قطايف ومفتاح، ومشهد لقاء ولعة بأمه وعدم استطاعته التعبير عن مشاعره وهى لم تستطع أن تصدقه وتترك لقلبها الحكم على مشاعرها لعلمها بوفاته والجميل الشبه الكبير بين الأم وأحمد مالك، وكثير من المشاهد على مدار العمل امتازت بقوة الأداء التمثيلي المميز والغناء المتميز للمطرب بهاء سلطان في تتر العمل.
كما قامت وزيرة التضامن الاجتماعي د. مايا مرسي بتكريم فريق العمل والشركة المنتجة.
العمل من تأليف مهاب طارق وإخراج شادي عبدالسلام وتمثيل محمود حميدة، أحمد مالك، طه الدسوقي، معتز هشام، فليكس، فرح يوسف، دنيا ماهر، مريم الجندي، مينا أبوالدهب.
«أولاد الشمس» صرخة استغاثة ونداء مهم للاهتمام بالأيتام ودور الأيتام.
Omarfawzi3041966@gmail.com