هل تعلم ان السيدة اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما كانت تذهب الى النبي ﷺ وابوها كل يوم في المساء الى جبل ثور من أجل ايصال الطعام لهما على مسافة 4000 متر خارج مكة المكرمة في طرق متعرجة وعرة وفي ظلام الليل وارتفاع الجبل 750 متر فوق سطح البحر وتعود نفس المسافة وهي تحمل وزن طعام ومؤن لمسافة 4كم ذهاب ومثلهم عودة باجمالي 8 كم !!!
فهل تعلم أنها كانت تفعل كل هذا وهي حامل في طفل من زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه ؟!!!
وهل تعلم انها هاجرت بعد ذلك الى المدينة وهي حامل في ابنها عبد الله وقطعت مسافة اكثر من 400كم راكبة على دابة في طرقات وعرة ليل نهار دون ان تشتكي بكلمة !
وهل تعلم انها حين تزوجت الزبير كان فقيرا معدما لا يملك إلا فرسه فكانت هي من تسوس الفرس .
تسوس الفرس يعني تطعمه وتسقيه وتنظف ظهره وتراقب حاله ان مرض وتنظف روثه ثم تأتي بالتراب المشمس وتضعه مكان الروث المبلل !!
ثم تدق له النوى كما بالصورة في شيء اسمه (حوطة ودرهوبة) يعرفها اهل البادية اليوم خصوصا كبار السن .
وشغلة دق النوى تأخذ وقتا طويلا وهي تمسك الحجر في يدها وهي امرأة يدها ليست كيد الرجل وغالبا حامل لانها انجبت 8 أبناء من الزبير .
وكانت تأت بالنوى من أرض زوجها على مسافة ثلثي فرسخ كما قالت هي يعني حوالي 4كم متر ذهاب ومثلهم عودة !!
ثم تستقي الماء اي تحمل الجرة الفخار أو القربة الجلد وتذهب الى البئر وتنزل الدلو بالحبل فيه ثم تخرجه وتصب في جرتها ثم تحملها فوق راسها أو ظهرها وتعود الى بيتها !!!
ثم تطحن الدقيق وغالبا دقيق شعير ونادرا يكون طحين قمح ثم تعجنه بيديها ثم تأت بالحطب من خارج البيت وتعود فتكسر الحطب وتوقد النار وتعجن الدقيق ثم تجهزه لوضعه على النار في رحلة عذاب يعرفها جيدا اهل الريف والبادية !!
لاحظ ان كل هذا في لهيب حر مكة الذي يحرق الجلد ان بقي به طويلا وفوق الحر هناك تراب الريح والعواصف لان وقتها كانت الارض مفتوحة ليس كما اليوم !!
كل هذا وهناك تحضير الطعام وتنظيف البيت وغسل ملابسها وزوجها واطفالها ثم تعد الطعام ولا تنسى طبعا الصلوات الخمس وقيام الليل وتلاوة القرآن وغالبا تكون صائمة في هذه الايام التي لا تكون فيها حبلى في طفل !!
كل هذا وما سمعنا انها قالت لزوجها يوما انت مقصر بل كانت حامدة شاكرة ذاكرة عابدة لا تبتغي إلا وجه الله ورضاه عنها .
قصة السيدة أسماء رضي الله عنها قصة طويلة وحزينة وصعبة ولا يتحملها إلا الاشداء في الإيمان واليقين والورع والثقة فيما عند الله .
وعاشت حتى كف بصرها ورأت ابنها عبدالله بن الزبير وهو يحارب ويقول لست أخشى الموت إنما أخشى أن يصلبوني فقالت قولتها المأثورة مايضير الشاة سلخها بعد ذبحها ورات ابنها مصلوبا من الحجاج وأقسم الحجاج الا ينزله الا اذا تذللت له لكنها لم تفعل بل قالت وهي تنظر إلى ابنها أما آن لهذا الفارس أن يترجل فلما بلغ الحجاج مقالتها قال الحجاج يكفيني انها تقول ذلك كل ذلك وهي صابرة محاسبة رضي الله عن ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر .