أغرب الحوادث الجنائية التي صادفتني أثناء عملي بجهاز المباحث الجنائية ٠
● كنت أعمل رئيس لفرع البحث الجنائي بشمال قنا – وفي أحد أيام الشتاء ورد بلاغا من زوجة عمرها 37 سنه وتعمل مهندسة وتقيم بمدينة نجع حمادى بقنا – باكتشافها مقتل زوجها بشقتهم بعد عودتها من عملها – وأن مبلغ مالي كبير وكمية من المشغولات الذهبية قد سرقت
- وأضافت أنه ليس بينهم مع أحد أي خلافات ولا تتهم أيضاً أحدا بقتله ٠
● هذا وإنتقلنا وتبين أن باب الشقة ليس به أي أثار عنف – ورأينا الجثة مسجاه بصالة الشقة وهي لرجل عمره 48 عاما وهو من رجال الأعمال الأثرياء بالمدينة – والجثة بها طعنات قاتلة بأله حادة بالرقبة وبجميع الأجزاء العلوية للجسم – وشاهدنا بركة من الدماء تغطي صالة الشقة ٠
● كما تبين وجود زجاجة خمور وكأسين بهما بقايا خمور مكسورة ولفافة بها مادة الأفيون – وكذا عصرنا على أعقاب متعددة لنوعين من أنواع السجائر ٠
●و هنا بدئنا رحلة البحث لكشف غموض هذا الحادث البشع الغامض ٠
● حيث أسفرت التحريات أن القتيل له 3 أبناء بمراحل تعليمية مختلفة ٠ - كما تبين أنه مدمن للخمور وللمخدرات وله علاقات بأصدقاء من المدمنين ولكن كلهم من أصحاب الوظائف والأعمال الهامة ٠
● حيث تم فحصهم جميعاً وتبين عدم صلتهم بالحادث ٠
●كما تأكدنا أيضاً من صحة كلام الزوجة بعدم وجود حلافات بينهم وبين أحد ٠
● وهنا أصبحنا أمام جريمة غامضة حرفياً ولابد من تكثيف جهود البحث لإزالة هذا الغموض٠
● ومن ذلك قمنا بفحص جيران القتيل وكل المترددين علي المسكن وكذا جميع العاملين بشركة القتيل – إلا أنه تبين عدم علاقتهم بالحادث ٠
● هذا وفي الوقت الذي أصابنا قلق وخوف من إستمرار غموض هذا الحادث – فوجئت بحضور أحد جيران القتيل وطلب مقابلتي وإختلي بي بمكتبي – وقال :
يابيه أنا هاقولك كلام مهم بس بشرط متقولش أني قلتلك حاجة - ووعدته بذلك – وبعد أن هديء
تماماً قال :
أنا شفت شاب في العشرينات يتردد علي القتيل عندما يكون لوحده في الشقة مرات كثيرة وشكله مش مضبوط - وأضاف الجار أنه : يوم الحادث عند خروجه لعمله الساعه 30/8 ص وخروج زوجة القتيل وولادها – شاهد هذا الشاب بيدخل شقة القتيل ٠
● وقال : خفت أقولكم الكلام ده من البداية عشان مش بحب المشاكل ٠
● وهنا شعرت براحة شديدة وأننا علي وشك كشف غموض هذا الحادث ٠
● هذا ومن خلال أوصاف هذا الشاب المشتبه فيه التي أدلي بها الجار - توصلنا ل 4 شباب من المنطقة تنطبق عليهم نفس الأوصاف – ولكن في النهاية تم تحديد هذا الشاب – وتبين أن عمره 23 عاما طالب جامعي فاشل – وأن والده طرده منذ عام لسوء سلوكه – وأنه مدمن خمور ومخدرات مثل القتيل ٠
● هذا ومن التحريات المكثفة تبين أنه شاذ جنسياً وله علاقة مشبوهة بالمجني عليه – حيث أكد لنا الطبيب الشرعي بعد عملية التشريح أن القتيل أيضاً للأسف الشديد شاذ جنسياً ٠
● هذا وإستدعينا هذا الشاب فوجدنا به جروح وخدوش بيديه وبإنحاء متفرقة من جسمه – كما تلاحظ عليه الإرتباك الشديد – فواجهناه بالتحريات – فأنكر صلته بالقتيل وأصر علي ذلك ٠
● فعاودنا مناقشته بشكل مكثف
حتي شاءت إرادة الله فانهار معترفاً بعد حوالي 12 ساعة من بداية المناقشة وقال وهو يبكي :
رحتله بعد مازوجته وولاده خرجوا ورحت علشان نتعاطي الخمر والمخدرات وأمارس معه الشذوذ كالعادة لأنه بيديني فلوس ٠ - وبعد أن خلصنا قعدنا نكمل شرب فوجدت القتيل يطلب مني أن أكرر ممارسة الشذوذ معه مرة أخري فرفضت وحدثت بينا مشاجرة والخمرة لعبت براسي فضربته بالسكين لغاية مامات – ورحت أخدت الفلوس والدهب من الخزنة اللي في أوضة النوم وكان مفتاحها فيها نسيه القتيل بعد ماداني فلوس علشان ممارسة الشذوذ –
وخدت الفلوس والدهب وهربت ٠
● وواصل المتهم قائلا :
المسروقات وضعتها بحفرة علي جانب طريق
{بلدة الرئيسية} بنجع حمادي لحد
ماتصرف فيها بعد
كده ٠
● هذا وتم ضبط المسروقات – وتقديم القاتل للنيابة حيث كرر إعترافه وتم حبسه ٠
● وقد علمت بعد ذلك أنه قد حكم عليه بالإعدام شنقاً ٠
■ هذا ومن ظروف هذا الحادث نخرج بعدة نصائح هامة
وهي :
1 – ضرورة ملاحظة الأبناء وسلوكهم ومعرفة أصدقائهم وميولهم ومسلكهم – فإن أصدقاء السوء يحرصون على أن يصبغوا أبنائكم بهذا السوء المدمر ٠
2 – والأهم يجب وبحرص شديد مراجعة تليفونات أبنائكم المحمولة فان بها دلالات كثيرة – ممكن أن تلحقها قبل أن تجرف الابن للهاوية – فنجد هذه الأيام بكثافة علي الفيس فرق وجماعات ودعوات غريبة كثيرة تدعي وتنادي بالشذوذ بكافة أنواعه
وتروج له – وأيضاً يروجون لتعاطي أنواع من المخدرات تؤدي للجنون وتؤدي إلى إرتكاب أفعال إجرامية دون وعي أو تمييز ٠
3 – كما وأنه من المعروف أن الخمور والمخدرات تؤدي لكوارث نحن في غني عنها فاحترسوا ٠
4 – وأشير وأنبه بأن تتعظوا وتتعلموا من الأحداث والوقائع الغريبة التي تحدث بالمجتمع كل لحظة
5 – فلا تلهيكم مصاعب الحياة وغلاء الأسعار وانظروا لأبنائكم بعين فاحصة ناصحة حتي لاتندمون ٠
اللهم احفظ أبنائنا بحفظك المستدام ٠