انا لست شخصا سيئا انا أنسان طيب حدثت له أشياء سيئة .
(ممثل هوليودي)
يولد الطفل صفحة بيضاء فتكتب فيها العائلة كلمات مضيئة او تسودها بالظلام ثم تغرس في وجهها حافة القلم المدببة ،لتترك فيها ندوبا يمضي بقية عمره يحملها كجواز سفر أو دعوة مجانية للدخول في حفلات شقاء لايعلم لمَ يدخلها أساسا.
ندوبا لاتنزف لكنها لاتشفى ولا تنمحي.
طفل لونوا حياته بالأسود ،فلم يعد يعرف مذاقا للربيع غير لدغات الدبابير وجلد يتحسس من غبار الطلع ورائحة ورود نيسان في أول تفتحها.
سيكبر وينعتونه الناس بالأحمق المضطرب نفسيا ،فيصمت حيث لاجواب يسعفه سوى مزيدا من الحماقة أصلها قيح يسيل من ندوب روحه التي يتناسب اتساعها تناسبا طرديا مع عدد الصفعات على وجهه وعدد سنوات عمره وهي تتلاشى أمام عينيه سريعا كما يتلاشى الغبار ويتناثر في مهب الريح من على زجاج سيارة مسرعة على الطريق السريع.
سيتعود على أن يأخذ دور ممسحة تداس بالأحذية موضوعة على أرضية باب الحياة كي يلعق الوحل الملتصق بالكعوب ليدخل بعدها الضيف قاعة الحفلات أنيقا لامع الحذاء.
لماذا يقبل بدور ممسحة الأحذية؟
لأنه طفل مزق روحه الأهمال والرفض وغياب الاحتضان والحب فكبر وهو يحاول الحصول على جرعات حب ودفقات فرح مغشوش يدفع ثمنها كرامة مسفوحة وقلة تقدير للذات ،وهيهات أن يطفئ سراب واحة في الصحراء ظمأ عتيق جفت بقسوته وريقات فتية ظنت أنها ستغدو يوما شجرة باسقة لكن الفلاح كان سفاحا فقطع رقبتها وشوه الجذور.
طفل علموه ألا يشرق لكنه أراد أن يفعل.
وكيف لمن أضاع البوصلة أن يعرف من أين تشرق الشمس!
هؤلاء الذين تملأ أرواحهم الندوب ،الموصومون بالحمق والشر والغباء ليسوا سوى أطفالا في جسد رجل أو امرأة ،أطفال مازالوا يبحثون عن حضن دافئ وحب غير مشروط وشربة ماء صاف طالما حلموا بمذاقها مثل مكافأة ولو لمرة واحدة لجوف طالما سقته الحياة مياه قذرة بطعم جرذ متعفن حتى تعفنت امعائهم كما تعفنت كرامتهم وعزة نفوسهم وكسرت شوكة كبريائهم حتى صاروا مسوخا يهرب الناس منهم ويبصقون هم على انفسهم حين يطالعون صورتهم في المرآة.
ستسألون لماذا يدخل مثل هؤلاء الحمقى في علاقات فاشلة ويرضون بدور ممسحة الأقدام !!
إنه قلة التقدير المغروس في ذواتهم إنه الرفض وعدم استحقاق الحب الذي سقوه لهم مع الحليب وهم يلتقمون أثداء امهاتهم .
أنها محاولاتهم البائسة ليشعروا أن لهم صفات بشرية وليسوا دوابا يمتطي الناس ظهورها طوال النهار ثم يضعون أمامها كومة من البرسيم ليلا كمكافأة قبل أن تعود لحظيرة البهائم حتى يحين شروق شمس يوم جديد .
هؤلاء ضحية اقدارهم وضحية نفوس مظلمة القمتهم الذل مغمس برغيف الخبز الجاف مذ كانوا أجسادا طرية وأرواحا بريئة .
علموك إلا تشرق ،لكنك ستفعل .
لكن يبدو أن الأهم هو ليس أن تشرق بل أن تختار في أي أرض عليك أن تشرق .
لأن هناك أراض ينزعج سكانها من أشعة الشمس ويلعنون نورها ويبترون أشعتها .
هنا عليك الاختيار يامن حكموا عليك أن تنطفئ ،إما أن تستسلم وتسكن حظيرة البهائم التي سجنوك فيها مذ أبصرت أول نورا للشمس رضيعا في مهدك
أو أن تتعلم أن تشرق من جديد ، لكن أختر جيدا الأرض التي ستشرق فيها .
أشرق في أرض يعشق سكانها وجهك ودفئ شمسك ،فالشمس حياة لمن يقدرها ولعنة ونار حارقة لعشاق الغروب .
سيعلمونك ألا تشرق ،فحاول حاول أن تفعل إن استطعت.