تحقيق العدالة الاجتماعية دون الإخلال بحق الملكية من أكبر التحديات التي تواجه الدولة في ملف الإيجارات القديمة. فكيف يمكن إعادة التوازن إلى علاقة مأجورة امتدت لعقود؟ إن إصلاح قانون الإيجارات القديمة لا يجب أن يُفهم باعتباره «انتصاراً لطرف على آخر»، بل هو محاولة لاستعادة التوازن المفقود في علاقة قانونية طال أمدها. ومع تدخل المحكمة الدستورية وتزايد الأصوات المنادية بالتعديل، لم يعد من المقبول تأجيل هذا الملف، بل يجب التعامل معه ضمن رؤية شاملة تراعى الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية.
رغم كثرة ما يثار حول قانون الإيجار القديم والجديد، إلا أن الأمر ليس بالسوء الذي قد يظنه البعض، فالبرلمان يعمل جاهداً للوصول إلى ما يحقق العدالة ويرضي أصحاب العقارات الذين يشعرون بضياع حقوقهم تحت قانون الإيجار القديم، ويرضى أيضاً المستأجرين الذين يخافون أن يجدو أنفسهم بلا مأوى دون سابق إنذار.
أن هذه العلاقة يجب أن تُبنى على أسس من التوازن والاحترام المتبادل، لذا ينبغي أن تضمن التشريعات المنظمة لهذه العلاقة حقوق المالك في الاستفادة العادلة من ممتلكاته، وفي ذات الوقت حماية المستأجرين، خاصة محدودي الدخل، من أي قرارات مفاجئة أو تعسفية قد تهدد أمنهم السكني والاجتماعي
أن الوقت قد حان لمعالجة ملف العلاقة بين الملاك والمستأجرين بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الدولة، حيث أبدى تحفظه على الصيغة الحالية لمشروع القانون، لانها تفتقر إلى التوازن والعدالة، مما لا يخدم المصلحة الوطنية ولا يحقق الاستقرار الاجتماعي المنشود
ما زال قانون الإيجارات القديمة يُثير جدلاً واسعاً في الأوساط التشريعية والقانونية والاجتماعية، لما له من تبعات مباشرة على ملايين من المواطنين سواء من الملاك أو المستأجرين، خصوصاً في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية باتت أكثر تعقيداً.
نشأ القانون في سياق اجتماعي معين خلال القرن الماضي، حين كانت الدولة تسعى لحماية الطبقات محدودة الدخل في ظل أزمة سكن خانقة. فجاء الامتداد القانوني لعقود الإيجار كوسيلة لضمان الاستقرار السكنى، لكنه في الوقت ذاته وضع المالك في موقف غير متكافئ، إذ تقاضى على مدار عقود إيجارات زهيدة لا تتناسب مع القيمة السوقية للعقار.
وهو ما أدى مع مرور الزمن إلى نتائج عكسية، أهمها تهالك آلاف الوحدات السكنية، وعزوف الملاك عن صيانتها أو استثمارها، بل وتحول العلاقة الإيجارية إلى إرث متناقل رغم أن العلاقة الأصلية كانت شخصية ومحددة بأطرافها الأصليين. وفى ضوء التحولات الدستورية التي شهدتها مصر، خاصة بعد دستور 2014، بدأت المحكمة الدستورية العليا تتدخل لحسم الجدل حول شرعية بعض مواد القانون، مؤكدة في عدة أحكام أن الامتداد اللانهائي لعقود الإيجار يُعد مساساً صريحاً بالحق في الملكية، الذى نص عليه الدستور في مادته 35. وقد أصدرت المحكمة في حكمها رقم 70 لسنة 18 قضائية «دستورية» قراراً مهماً يقضى بعدم دستورية بعض أشكال الامتداد القانوني لعقود الإيجار غير السكنية، فاتحة الباب أمام السلطة التشريعية لإعادة تنظيم هذا الملف على أسس جديدة تحقق العدالة لجميع الأطراف
. ويُقدَّر عدد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم بنحو 1.8 مليون وحدة، تتنوع بين السكني والتجاري والمهني والمغلق، فيما تؤكد الحكومة أن السكن البديل سيُمنح فقط للفئات المستحقة، مع الالتزام بآليات تنفيذ قابلة للتطبيق تحترم حكم المحكمة والدستور.
أنه من الأنسب تطبيق نظام مشابه لما جرى في قانون المحال التجارية، حيث تم رفع الإيجارات بنسبة تم التوافق عليها بين الطرفين، ما ساعد على استمرار العلاقة التعاقدية دون اضطرابات. فبعد أن كان الايجار القديم ينص على أحقية المستأجر في البقاء مدى الحياة بالوحدة التي قام باستئجارها وعدم قدرة المالك على رفع سعر الإيجار، كما جاء قانون الإيجار الجديد ليعطي بعض الحرية للمالك والمستأجر فيما يتعلق بمدة الإيجار وسعره.
من هم فئات المستأجرين في قانون الإيجار القديم؟
تعمل التعديلات الجديدة على تقسيم المستأجرين إلى ثلاث فئات لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية، وهي:
الفئة الأولى: الشقق المغلقة وغير المستغلة
تشمل الوحدات التي تُترك دون استخدام أو تُحرم الملاك من الاستفادة منها.
التعديلات تهدف إلى استعادة هذه الوحدات لصالح الملاك، مما يعزز من كفاءة الاستخدام العقاري.
الفئة الثانية: المستأجرون ذوو القدرة المالية
تضم هذه الفئة المستأجرين الذين يمكنهم تأمين سكن بديل دون صعوبات مالية. من خلال نظام إلكتروني حكومي يساعد في تقييم القدرة المالية لتطبيق زيادات إيجارية تتناسب مع دخلهم.
الفئة الثالثة: المستأجرون غير القادرين
تشمل المواطنين الذين لا يستطيعون تحمل زيادات كبيرة في الإيجار أو توفير سكن بديل.
سيتم منحهم فترات انتقالية طويلة مع زيادات إيجارية تدريجية لضمان الوصول إلى قيمة عادلة، مع دعم حكومي مباشر لهذه الفئة.
ما هي ضوابط تحديد الأجرة السكنية في التعديلات الجديدة؟
ستضع التعديلات المنتظرة معايير جديدة لتحديد قيمة الإيجار بناءً على عدة عوامل:
1- تصنيف المنطقة السكنية:
سيتم تحديد قيمة الإيجار وفقًا لموقع الوحدة السكنية ومستوى المنطقة الاجتماعية. على سبيل المثال، تختلف أسعار الإيجار بين شقق تقع في حي الزمالك وشقق في بولاق الدكرور.
2- ربط الإيجار بالضرائب العقارية:
ستُعتمد التقييمات المسجلة لدى الضرائب العقارية كمرجع عادل لتحديد قيمة الإيجار. هذا الإجراء يضمن التوازن بين الملاك والمستأجرين ويعكس قيمة العقار الفعلية.
كيف تعالج التعديلات مشكلة الإيجار القديم؟
تهدف التعديلات إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية، منها:
إعادة استغلال الوحدات المغلقة: تفعيل قوانين تتيح سحب الوحدات المغلقة وإعادتها إلى سوق العقارات. تحقيق العدالة الاجتماعية: من خلال تقسيم المستأجرين إلى فئات وتطبيق نظام إيجاري يناسب كل فئة. تحسين كفاءة العقارات: من خلال ربط الإيجار بتقييم الضرائب العقارية واستخدام معايير محددة لتحديد القيمة الإيجارية.
ما هو قانون الإيجار القديم وما هي مراحل تطوره وأسباب تعديله؟
صدر أول قانون لتنظيم العلاقة بين المستأجر وصاحب العقار عام 1920 لينص على أن تكون قيمة الإيجار مساوية للأجرة المنصوص عليها في أول أغسطس 1914، مضافا إليها 50٪ وعدم جواز إخراج المالك للمستأجر إلا بحكم محكمة.
وفي عام 1941، صدر قانون يمنع المالك من رفع قيمة الإيجار أو طرد المستأجر، وذلك لظروف الحرب آن ذاك. وبعد ثورة 1952، صدرت العديد من القوانين التي تلزم المالك بخفض قيمة الإيجار. ثم جاء قانون الإيجار القديم الجديد عام 1981 لحل الإشكالية بين المالك والمستأجر، والذي حدد قيمة الإيجار ب 7٪ من قيمة الأرض وزيادة الإيجار للعقارات غير السكنية بقيمة تتراوح من 5٪ إلى 30٪ وفقاً لتاريخ نشأتها.
ما هو قانون الإيجار القديم للمحلات وما هي أخر المستجدات الخاصة به؟
تتضمن آخر أخبار تعديل قانون الإيجار القديم للمحلات مشروع قانون يعطي الحق للمستأجر لمد عقد الإيجار لخمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، وذلك للوحدات التي تم تأجيرها قبل عام 1996. وبمجرد انتهاء هذه المدة، على المستأجر ترك الوحدة المؤجرة للمالك ولا يحتاج المالك لحكم من المحكمة لإخراج المستأجر.
ما أن يصدر القانون؛ سيرتفع الإيجار خمسة أضعاف مما هو عليه مع زيادة سنوية 15% (تطبق كل عام) من قيمة آخر إيجار لمدة أربع سنوات، والذي كان مطبقًا حينها زيادة 5 أمثال قيمة الإيجار القديم؛ مع فرض عقوبة على المخالفين لهذا القانون تصل إلى حد طرد المستأجر بالإيجار القديم نهائيًا.
ما هي مبادئ قانون الإيجار الجديدة؟
تتضمن أخر أخبار قانون الإيجارات الجديد إصدار محكمة النقض لستة مبادئ لتنظيم علاقة المالك والمستأجر في ما يتعلق بالأماكن غير السكنية، وهذه المبادئ هي:
١- في حال وجود شركاء، لا يحق لأحدهم – ما لم يمتلك النصيب الأكبر- أن يقوم بتأجير المكان، وإذا فعل فمن حق باقي الشركاء أن يطالبوا بإخراج المستأجر.
٢- في حالة وفاة المستأجر، فإن عقد الإيجار لا يمتد لباقي الشركاء ولكن الامتداد الوحيد لورثة المستأجر الأصلي.
٣- إذا توفى المستأجر الأصلي وقام المالك باستلام الإيجار من الورثة، فهذا يؤدي إلى نشأة علاقة تجارية بين الطرفين.
٤- تحرير عقد الإيجار الجديد لا يمنع تمسك المستأجر بشروط العلاقة الإيجارية السابقة إلا إذا تم نص شروط مختلفة في العقد الجديد.
٥- إقامة الزوجة في منزل إيجار قديم يؤدي إلى امتداد عقد الإيجار ما دامت الإقامة دائمة ومستمرة.
٦- في حال ترك المستأجر الأصلي لشراكة تتعلق بالوحدة التي قام بتأجيرها فإن من حق المالك طلب إخلاء هذه الوحدة.
قانون الإيجار الجديد
كيف أثر قانون الإيجار الجديد علي كل من الملاك والمستأجرين والعقار المراد تأجيره؟
عانى الكثير من الملاك بسبب قانون الإيجار القديم الذي يعطي للمستأجر حق المكوث في الوحدة التي قام بتأجيرها و توريثها لأبنائه مقابل جنيهات قليلة، في الوقت الذي قد لا يجد فيه المالك مكان للعيش له أو لأبنائه وذلك لعدم امتلاكه حق إخراج المستأجر أو ورثته من العقار.
مما لا شك فيه أن من أهم إنجازات قوانين الإيجارات الجديدة هي تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر وتحقيق العدالة لكلا الطرفين، ليحصل المالك على مبلغ عادل من المال وتحدد مدة الإيجار في العقد، فلا يمكث المستأجر بالوحدة المستأجرة مدى الحياة كما كان الوضع في الإيجار القديم.
ما هي المدة التي تم تحديدها وفقاً للتعديلات التي طرأت على قانون الإيجار الجديد وماذا ترتب على ذلك؟
أعطى قانون الإيجار الجديد – الصادر عام 1996 – حرية التعاقد لكلٍ من المالك والمستأجر فيما يتعلق بمدة التعاقد، حيث ينتهي عقد الإيجار بانتهاء المدة المنصوص عليها في العقد، ويمكن تجديد هذه المدة في حال اتفاق الطرفين على ذلك.
ووفقاً لقوانين الإيجارات الجديدة، إذا لم يتم تحديد المدة في العقد فإن الإيجار يعتبر منعقداً لفترة دفع الإيجار، وإذا رغب أحد الطرفين إنهاء التعاقد فعليه إخطار الطرف الآخر.
ما هي القيمة الإيجارية الخاصة بقانون الإيجار الجديد؟
لم يقم قانون الإيجار الجديد بتحرير مدة التعاقد فقط، ولكنه حرر أيضاً قيمة الإيجار لتصبح بالاتفاق بين المالك والمستأجر ويتم تدوينها في عقد الإيجار، كما يمكن أن تخضع هذه القيمة لزيادة سنوية يتم الاتفاق عليها.
أما فيما يتعلق بالوحدات غير السكنية، فوفقاَ للقانون رقم 14 لعام 2001 فإن قيمة الزيادة السنوية المركبة ثابتة تعادل نسبة 1٪ أو 2٪ (حسب تاريخ إنشاء الوحدة )
كم تبلغ مدة عقد الإيجار الجديد؟
وفقًا للمادة 559 في القانون المدني، تبلغ مدة العقد في قانون الإيجار الجديد 3 سنوات فقط وما يزيد عن ذلك يجب أن يتم بمعرفة وترخيص من السلطة القانونية المختصة.
متى يتم إلغاء قانون الإيجار القديم؟
نظرًا لآخر التعديلات على قانون الإيجارات القديم يتم تحديد مدة زمنية لإنهاء العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر لغير غرض سكني. وبموجب هذا القانون، تخضع جميع الوحدات المؤجرة لزيادة سنوية كما ذكرنا سابقًا حتى عام 2027.
هل يحق للمالك زيادة الإيجار القديم؟
تبعًا لـ آخر أخبار تعديل قانون الإيجار القديم 2025 التي بدأ العمل بها منذ مارس 2023، فإنه يحق للمالك زياده الإيجار القديم بنسبة 15% خلال 5 سنوات للوحدات السكنية.
هل ينتهي عقد الإيجار بوفاة المؤجر؟ وهل الإيجار القديم يورث؟
إجابة شقي السؤالين واحدة، نعم يتم توريث عقد الإيجار القديم إلى الورثة ولا ينتهي عقد الإيجار بوفاة المستأجر أو المؤجر، وذلك تبعًا لما نص عليه قانون الإيجارات القديم والجديد المحرر في أحكام القانون المدني رقم 4 لسنة 1996. وعلى الورثة إبداء الرغبة في استكمال التأجير أو إنهاءه خلال مدة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ الوفاة.
هل يحق للورثة تغيير نشاط الوحدات التجارية؟
إذا قام أحد الورثة بتغيير نشاط العين المؤجرة فيعتبر العقد حينها لاغيا تبعًا لـ قانون الإيجار القديم، ويحق للمالك سحب الوحدة من أهل المستأجر فورًا.
ما هي إجراءات طرد المستأجر قانون جديد؟
في حال أراد مالك الوحدة طرد مستأجر على نظام قانون الإيجار الجديد، ينبغي عليه أن يكون مستوفيًا لأحد الحالات التالية:
عدم سداد الإيجار الشهري أو على النظام المتفق عليه
تغيير نشاط الوحدة المؤجرة من سكني إلى تجاري أو إداري
تأجير العقار لطرف ثالث دون معرفة المالك
إحداث ضرر كبير نسبيًا بالوحدة أثناء فترة الإيجار
استخدام الوحدة المؤجرة في نشاطات منافية للآداب والقوانين
الدولة اليوم أمام معادلة صعبة: كيف تحقق العدالة للمالك دون أن تُلقى بالمستأجر إلى مصير مجهول؟ وتكمن الإجابة في حلول تشريعية متدرجة تضمن الانتقال العادل من وضع استثنائي إلى وضع طبيعي. ولذا يجب على المشرع سن قانون جديد يعيد تنظيم العلاقة الإيجارية مع مراعاة البُعد الاجتماعي. إنشاء صندوق دعم المستأجر غير القادر، لتفادى أي أعباء اجتماعية قد تنتج عن رفع القيمة الإيجارية. تطبيق زيادات تدريجية ومدروسة في الإيجارات، تُحدَّد وفقاً للقيمة السوقية ومعدل دخل السكان. مع مراعاة مبدا المساواة وعدم المساس به تحفيز الملاك على ترميم وحداتهم من خلال حوافز ضريبية وقروض ميسرة.
