محمود امين
رغم التوصّل إلى اتفاق كبير يقضي بتبادل ألف أسير من كل جانب، فشلت روسيا وأوكرانيا في تحقيق أي اختراق سياسي خلال أول محادثات مباشرة بينهما منذ عام 2022، والتي استضافتها مدينة إسطنبول التركية دون حضور مباشر للرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي.
اللقاء، الذي عُقد تحت ضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شهد مطالبة أوكرانية بوقف لإطلاق النار مدته 30 يوماً كبادرة حسن نية قبل بدء المحادثات، لكن موسكو رفضت العرض، متمسكة بمطالبها المتشددة، بما في ذلك فرض قيود جذرية على سيادة أوكرانيا.
صورة رمزية لانقسام عميق
عكست مشاهد الاجتماع في قصر دولما بهجة مدى التباعد بين الجانبين؛ وفد روسي ببدلات رسمية داكنة في مواجهة مسؤولين أوكرانيين يرتدون الزي العسكري الميداني. الاجتماع لم يدم أكثر من ساعتين، وكانت نتيجته الوحيدة الملموسة الاتفاق على تبادل 1,000 أسير حرب من كل طرف، وهو الأكبر منذ اندلاع النزاع.
رمزية الانتصار لموسكو
رغم محدودية النتائج، فإن اللقاء منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مكسباً رمزياً، إذ رفض وقف إطلاق النار الذي طالب به الغرب، بينما أبدى استعداداً شكلياً للحوار، في محاولة للحفاظ على صورته أمام ترامب كشريك راغب في السلام.
في المقابل، بدا أن اللقاء مثّل نكسة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي راهن على مبادرة التفاوض المباشر مع بوتين، أملاً في كسب تعاطف واشنطن وكشف ما تعتبره كييف “زيف وعود الكرملين”.
تحركات أمريكية… ومخاوف أوكرانية
في تطور لافت، أشار ترامب إلى رغبته في عقد قمة مباشرة مع بوتين، قائلاً إنه “لن يحدث شيء حقيقي” قبل أن يلتقي بالرئيس الروسي، وهو ما أثار مخاوف في كييف من تهميشها في المعادلة الدبلوماسية.
وبينما كرر زيلينسكي التزامه بالسلام واستعداده لقبول تجميد الجبهات وعدم الانضمام إلى الناتو مقابل ضمانات أمنية غربية، شددت موسكو على مطالبها السابقة، بما في ذلك تقليص الجيش الأوكراني ومنع إعادة تسليحه بدعم غربي، وهي شروط رفضتها كييف مراراً.
ردود فعل أوروبية غاضبة
سارعت الدول الأوروبية الكبرى – بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا – إلى التنديد بالموقف الروسي، ووصفته بـ”غير المقبول”، في بيان مشترك عقب مكالمة جماعية مع ترامب أجراها زيلينسكي من العاصمة الألبانية تيرانا.
زعيم روسي متغيب ومندوب متشدد
أثار غياب بوتين عن المحادثات تساؤلات حول جديّة موسكو، خاصة أن وفدها ترأسه فلاديمير ميدينسكي، السياسي المتشدد الذي طالما شكّك في حق أوكرانيا في الوجود كدولة مستقلة. وخلال الاجتماع، قارن ميدينسكي الحرب الحالية بحرب استمرت 21 عاماً شنها القيصر بطرس الأكبر، مؤكداً أن روسيا مستعدة لصراع طويل حتى تحقق شروطها.
انقسام لا يمكن ردمه حالياً
على الرغم من الضغط الأمريكي، لا تزال الفجوة واسعة بين الطرفين. فأوكرانيا تصر على وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار كأساس لأي مفاوضات جادة، بينما ترفض موسكو ذلك، معتبرة أنه يمنح كييف وقتاً لإعادة التسلح وسط تقدّم للقوات الروسية على الأرض.
ومع تمسّك كل طرف بموقفه، وغياب الثقة وتباين الأولويات بين زيلينسكي وبوتين، تبدو فرص التوصل إلى تسوية قريبة ضئيلة، ما يعمّق المخاوف من استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، بينما ينتظر الجميع تحركات ترامب القادمة.