ما بدأنا وما أردنا العداوة والعداء للغرب – قط – منذ ما قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام حتي أيامنا هذه. لم نكن متعصبين ضد الأوروبيين. بل كنا الضحايا وكانوا القتلة.
من يقرأ التاريخ بوثائقه الدامغة يجد الغرب كارها لنا. يريدنا ضعفاء أذلة لينهب ثرواتنا يتحكم في مقدراتنا بل في وجودنا!
ادعوكم إلي قراءة ما قاله المفكر العملاق الدكتور جمال حمدان في موسوعته “مصر.. دراسة في عبقرية المكان” عندما يتحدث عن “كراهية الغرب لمصر” فيرجع أسبابها التاريخية إلي أن مصر قد ترعرعت عليها المسيحية الحقة وقويت شوكتها بأهلها فكيف- لمصر- هذه ان تتحول من المسيحية إلي أن ترحب بالإسلام الفاتح والذي خلص شعب مصر المسيحي من احتلال وظلم الرومان المسيحي ويعتنق المصريون الإسلام اقتناعا بسماحته وعدالة وعظمة قيمه حتي صارت مصر هي قائدة العالم الإسلامي وقتما تدافع ببسالة عن الإسلام والمسلمين بالفكر والمال والدماء.
الكتابات المنصفة كثيرة بأقلام مفكرين ذوي عدل مقرين بأن الغرب هو من ناصبنا العداء. كراهيته ظاهرة لنا وباطنة. مؤامراته خسيسة دفينة!! يريدنا أن نكون له تابعين خانعين ولا نكون أحرارا.
علينا أن نقلده في طعامه وشرابه ونلبس من أزيائه وتسيطر علي عقولنا قيمه وتغزونا ثقافته وسوقا لمنتجاته ونحن سكاري بلهاء بل ندفع له أموالنا بطيب خاطر!!
لا يريد لنا تقدما ولا قوة بل يريد لنا الضعف والاستكانة والذل والهوان ونقدم له عظيم الشكر بل نقبل يديه لأنه قد تكرم أن نبقي علي قيد الحياة!!
وإلي البدايات المبكرة لعداء الغرب كما رصده المفكر ألبرت حوراني في كتابه “الإسلام في الفكر الأوروبي” شكل الدين الإسلامي منذ ظهوره مشكلة لأوروبا المسيحية التي نظرت إلي المؤمنين وكأنهم أعداء يقفون علي حدودها في القرنين السابع والثامن للميلاد.
وكانت ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا صريحا في قوله يحتاج منا التأمل للغوص في بحر معناه قائلاً: “ليس لنا مشكلة مع المسلمين إنما مشكلتنا مع الإسلام”.
هل نعي ان الإسلام الصحيح هو ما قصده تشرشل بأنه المشكلة للغرب؟ ذلك الإسلام بعدله وعدالته. وتسامحه وسماحته؟! انه الإسلام الذي يجعل الإنسان حرا كريما عزيز النفس قوي الجسد!! انه الإسلام الذي يحض علي العلم حيث طلب العلم فريضة ويحض علي التفكير الذي هو فريضة إسلامية بحسب عنوان كتاب العقاد “التفكير فريضة إسلامية” وبالعلم والتفكير العلمي نمتلك أسباب القوة كما يأمرنا سبحانه وتعالي “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة”.
من المهم ان نلاحظ تعبير القرآن الكريم حيث قال “قوة” بالتنكير وليس “القوة” بالتعريف.. إرشادا وأمرا لامتلاك جميع أنواع القوة المادية والمعنوية طبقا لظروف كل زمان وأحوال المكان وردعا مسبقا لأي عدو حتي النصر عليه ان حاول العدوان المادي أو المعنوي إذا أراد ان يفرض عليه قيمه وثقافته وعاداته وتقاليده!!
لقد كانت الكاتبة البريطانية “كارين أرمسترونج” الراهبة المتخصصة في مقارنة الأديان والإسلام منصفة في شهادتها فقالت: مع ظهور النزعة الغربية لكل ما هو إسلامي والمتعصبة لصالح كل ما غير إسلامي وجد المسلمون ان عليهم مجابهة هذا الفعل برد فعل.
وبعد فهم عميق ودراسة الإسلام واقتناع تام به يدخل السفير الألماني لدي المغرب الإسلام عام 1980 تحت اسم “مراد هوفمان” ثم يفضح الغرب المتعصب ضد الإسلام قائلا: ان الغرب يتسامح مع كل المعتقدات والملل حتي مع عبدة الشيطان ولكنه لا يظهر أي تسامح مع المسلمين فكل شيء مسموح به الا ان تكون مسلما.
ولنا لقاءات ان شاء الله في الجمعة القادمة.