كان الشيخ محمد الغزالي مجدداً ومحارباً للجهل وأنصاف المتعلمين الذين لا يعرفون من الإسلام إلا شكلاً وكان مدافعاً عن دينه بقوة وحجة ومعرفة.. مفسراً للذين لا يعلمون ما أشكل عليهم مطالباً بأن يكون العقل حكماً وحاكماً.. لذا كرهه المتشددون الآخذون من الدين شكله. الخالطون بين جوهر الدين وتقاليد لا علاقة لها بالدين. كما خافه أعداء الإسلام الساعون للقضاء عليه. واتهموه بالتشدد. بل وصل بهم الحال إلي اتهامه بالإرهاب. أما الباحثون عن الحقيقة فقد شكروا له سعيه وحمدوا له توجهه وامتنوا لحجته ومنطقه لأنه أخذ بعقولهم إلي النور. أما العلماء العارفون فقدروا له ما قام به من فرض كفاية برده علي أعداء دينه بلغة سهلة ومنطق بسيط ومباشرة واضحة. وقوة في الحق لا يخشي فيه لومة لائم.
إذن كان الشيخ الجليل ناقداً للفكر الديني من داخله منافحاً عن جوهر الدين ضد المتربصين به باسطاً لمن لا يعرف الحقيقة. لذا كان الذين طالبوه أن يشرح فكره في سؤال وجواب. بلغت مائة سؤال علي حق حيث أحاطت هذه الأسئلة بقضايا كثيرة مازال المجادلون يجادلون حولها ومازالت حية قابلة للحوار بل مازالت سر أزمة العالم الإسلامي.
وإذا أردنا أن نتخير نماذج لمواقفه الثلاثة طول حياته التي كما قلنا نقداً ودفاعاً وتفسيراً فإننا نتوقف عند تناوله للانكسارات التي أحاطت بالأمة الإسلامية كنموذج للنقد فنجده وهو يفسر هذه النكسات يتوقف أمام تحويل الخلافة الراشدة إلي ملك عضوض انتهي بأن أسرتين احتكرتا الحكم بضعة قرون حتي سقط الحكم والخلافة علي يد التتار والصليبيين ثم جاء العثمانيون فقلدوا العرب حتي سقطت الخلافة نهائياً فيقول إن الروح القبلية وليست روح الإسلام هي التي كانت تحكم الأمور وضاعت روح الإسلام أمام تقاليد قبلية عنصرية.. كما أعادوا المرأة بعد أن حررها الإسلام إلي حيث كانت قبل الإسلام فحرمت من التعليم ومن دخول المساجد ومن الصلاة في جماعة.. ويسرد صورة لما حل بالمرأة فيقول جاء في الصحاح عن أم عطية رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في الفطر والأضحي أن تخرج العواتق – الشابات البالغات – والحيض “أي من عندها عذر شرعي” وذوات الخدور “أي من لا تخرج من بيتها مطلقاً” ولكن الحيض يعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب. قال لتلبسها أختها من جلبابها أي تستعير من إحدي المسلمات جلباباً وتخرج لتشهد الجماعة”. قال صاحب “التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول” هذا كان في سالف الزمان.. أما الآن فلا يجوز خروجهن لما هن عليه من زيادة التبرج إلا العجائز إن كان لهن مكان خاص.
ويعلق الشيخ الغزالي: بأن هذا الشرح لصاحب التاج وشروح كثيرة ذهب بعيداً عن مراد الرسول صلي الله عليه وسلم ومن أجل تقاليد غريبة غيروا مراد النبي وأحكام الشريعة.