فوجئت بتقارير تثير القلق والانزعاج عن العجز الرهيب الذي نعانيه في عدد الأطباء والذي يعتبر أمنا قوميا من الدرجة الأولي خاصة وأن هناك تضاربا في الأرقام ولكن في النهاية المعدل الموجود بعيد تماما عن المعدلات العالمية والنسب التي تجعلنا مطمئنين .. والمثير للقلق أن العجز الرهيب ليس في عدد الأطباء فقط إنما أيضا في الكثير من التخصصات .. علاوة علي عجز آخر في التمريض الذي يعتبر عملا مكملا لأداء الأطباء ولايمكن الاستغناء عنه أو إهماله ..
والغريب أيضا أن الأزمة بدأت تتفاقم منذ عدة سنوات دون أن يهتم بها المسؤلون حتي وصلت إلي مرحلة لا يمكن السكوت عليها .. عدد كبير من الأطباء خلال السنوات الثلاث الماضية تقدموا باستقالتهم ووصل عددهم الي حوالي 6 آلاف طبيب وطبيبة .. واحدث ذلك خللا كبيرا خاصة في المناطق الريفية والنائية ..
ويعتبر ضعف المرتبات وعدم صرف حوافز تشجيعية للأطباء وتجميد بدل العدوى عند 19 جنيها هو أبرز أسباب سفر 60 % من الأطباء المصريين الي أوروبا ودول الخليج بحثا عن ظروف مادية وعملية أفضل وهروب من الروتين القاتل الذي يواجهونه والمشاكل التي تعرض حياتهم للخطر و منها التعدي علي الأطباء خاصة في المستشفيات الحكومية التي يتعرضون فيها للإهانة ولا يحصلون علي حقوقهم ماديا ولا أدبيا ..
والغريب أن الوجه الأخر من العملة يتعلق بالزيادة الرهيبة في عدد الصيادلة والتي تفوق المعدلات العالمية بدرجة مبالغ فيها جدا .. واصبح الصيادلة يمتهنون أي مهنة أخري وهو أمر لا يليق بهم بعد سنوات طويلة من الدراسة والاجتهاد .. ويبدو أن التساهل والتجاوز في منح التراخيص للصيدليات كان سببا في زيادة اعدادها بما يفوق حاجة المواطنين المصريين الذين لاحظوا زيادتها بشكل مبالغ فيه دون أي ضابط ولا رابط .. وتسببت المحسوبيات في زيادة عدد الصيدليات بدرجة كبيرة
وعلي خلاف ذلك نجد نقصا حادا في تخصص العلاج الطبيعي الذي أصبح لاغنى عنه ولم بعد نوعا من الرفاهية كما كان ينظر إليه في وقت سابق ..
وهذه الأزمة يجب أن تبحث الحكومة كافة جوانبها وتبذل قصارى جهدها لحلها حتي لا نفاجئ بطوابير من المرضي وغياب شبه كامل للأطباء مما يهدد بكارثة حقيقية .. ومن الممكن أن يتم علاج هذه الأزمة بتخفيض نسبة تنسيق القبول بكليات الطب وفي الوقت نفسه يتم رفع درجات التنسيق للقبول بكليات الصيدلة حتي يتم علاج الخلل في التركيبة الموجودة حاليا