تغير المناخ هو واحد من أكبر التحديات التي تواجهها البشرية في الوقت الحالي، ويعتبر التأثير الذي يتركه على التنوع البيولوجي واحداً من أكثر التأثيرات السلبية. يؤثر التغير المناخي تأثيرًا شديدًا على النباتات والحيوانات والنظام البيئي، وهذا يؤثر على صحة الإنسان واقتصاديات الدول، سوف نتحدث عن تأثيرات التغير المناخي على التنوع البيولوجي. ومن أكثر الآثار البيئية لتغير المناخ الزيادة في درجة الحرارة. ويعتبر الحفاظ على النظم الإيكولوجية من أهم الأساليب التي يمكن استخدامها لتقليل تأثير التغير المناخي على البيئة. ويعد المجتمع العالمي هو الذي يتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الصدد، فعليه أن يتخذ خطوات عملية لحماية النظم الإيكولوجية وتحسين جودة البيئة. ويتأثر التنوع الحيوي بشكل كبير بالتغير المناخي، وتؤثر على بشكل مباشر على الحيوانات والنباتات، حيث يجد جزء كبير منها صعوبة في التأقلم مع التغيرات السريعة في درجات الحرارة والتوزيع الجغرافي للموارد الطبيعية التي تتناسب مع قدرتها على النمو والازدهار. ويتأثر التنوع البيولوجي بالعديد من العوامل، بما في ذلك التغير المناخي والأنشطة الإنسانية. وتؤثر هذه العوامل على الكائنات الحية بشكل مختلف، وتؤثر بدورها على الإنسان والحيوانات والنباتات بصورة مباشرة وغير مباشرة. كذلك يؤثر التنوع البيولوجي على الإنسان من خلال تأمين الغذاء والطاقة والمواد الخام والأدوية، بالإضافة إلى دوره في تنظيم التلوث. فعلى سبيل المثال، يساهم التنوع البيولوجي في تنظيم مجالات العمل الزراعي، ويساعد في الحفاظ على المحاصيل وتوفير الغذاء سواء للإنسان أو الحيوان.
ومن المعروف أن التغيرات في التنوع البيولوجي تؤثر على الأنظمة الإيكولوجية وتمكن أنواع جديدة من الكائنات الحية من النمو والاستيلاء على البيئة. يمكن أن يؤدي هذا إلى انعدام التوازن الإيكولوجي وزيادة خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة. وبشكل مباشر تؤثر التغيرات في التنوع البيولوجي على الحيوانات البرية والبحرية ، إذ تؤدي إلى موت بعض الأنواع إذا لم يكن هناك مجال كافٍ للعيش في بيئاتهم الطبيعية. وأثناء الموجات الحرارية القاسية، يموت الكثير من الأسماك والمرجان والحيوانات الأخرى في بيئاتهم الطبيعية. تأثيرات التغيرات على النباتات تؤثر أيضا على الحيوانات التي تتغذى عليها. اما فيما يتعلق بالبيئة الاجتماعية، فإن تأثير التغير المناخي على التنوع البيولوجي يؤثر على قدرة العديد من المجتمعات على العيش والنمو، خاصة في أماكن الفقر والطقس القاسي. ويمنع التغير المناخي المجتمعات المحلية من الاستفادة من الغابات والبيئات المحيطة بها من خلال تنظيم أنشطة الصيد والزراعة. كما أن التغيرات في التنوع البيولوجي قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وتعرض الشعوب للتهجير والنزوح إذا لم يعد بالإمكان العيش في بيئاتهم الطبيعية.
أما عن الأضرار والتأثيرات السلبية الناتجة عن تغيرات المناخ على مستقبل البيئة والنظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجى فإن معظم الاضرار تتركز فى زيادة وتكرار وشدة الظواهر الجوية المتقلبة، مثل موجات الحرارة، والجفاف، والفيضانات، والعواصف، والحرائق البرية.
بالإضافة إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وتآكل السواحل، وتسرب مياه البحر، مما يؤثر على الملايين من البشر الذين يعيشون في المناطق المنخفضة. ومن أخطر النتائج المترتبة على التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة ذوبان القمم والأنهار الجليدية القطبية، وتضررالتربة الدائمة، مما يقلل من توافر المياه العذبة ويهدد معيشة وحياة السكان الأصليين والمجتمعات المحلية فى تلك المناطق ومستقبليا قد تتعدى الاضرار لمناطق أبعد. والأضرار لا تتوقف عند ما سبق بل تصل إلى فقدان الشعاب المرجانية، والغابات، والأراضي الرطبة، وخللا كبيرا فى النظم البيئية حيث تغيير أنماط دوران المحيطات، مما يؤدي إلى تغييرات في أنظمة المناخ العالمية، مما يقلل من التنوع البيولوجي وفاعلية النظام البيئي للطبيعة الأم، الأمر الذي ينتج عنه أيضا زيادة خطر الأمراض المعدية، وسوء التغذية، ومشاكل التنفس، والضغط النفسي، والنزوح بسبب المخاطر المرتبطة بالمناخ.
ويتطلب الحفاظ على التوازن البيولوجي جهودًا مشتركة من الأفراد والمجتمعات المحلية والحكومات والمؤسسات الدولية. ويمكن تحقيق ذلك عن طريق:
– 1المحافظة على الغابات والمناطق البرية وإنشاء المحميات الطبيعية: تعتبر المناطق البرية أماكن حيوية للعديد من الكائنات الحية. ويمكن للإنسان المساهمة في الحفاظ على هذه المناطق من خلال عدة طرق، مثل دعم برامج الحماية والاستدامة التي تقوم بها المنظمات المحلية والدولية، ومنع التجارب الغير شرعية للأنشطة الزراعية والصناعية والتعدين في تلك المناطق مع التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية لحفظ الأنواع من الإنقراض.
– 2التحول إلى أنظمة غذائية صحية ومستدامة: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي من خلال تحوله إلى نظام غذائي صحي يعتمد على الفواكه والخضروات ومواد البروتين المستدامة، والتخفيف عن الاعتماد على اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة التي تحتوي على مواد كيميائية ومواد حافظة.
– 3الحد من استخدام المواد الضارة الكيميائية: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي عن طريق الحد من استخدامه للمواد الكيميائية، واستبدالها بأخرى طبيعية.
– 4دعم الزراعة المستدامة: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي من خلال الدعم والترويج للزراعة المستدامة والحد من استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية، والانتقال إلى استخدام الموارد المتجددة والنظم الزراعية التي تحمي التنوع البيولوجي وتحافظ على النظم الإيكولوجية.
– 5نشر الوعي والتثقيف: يمكن للإنسان المساعدة في الحفاظ على التوازن البيولوجي من خلال نشر الوعي والتثقيف البيئي في المجتمع وتعليم المجتمعات عن أهمية حفظ الأنظمة الإيكولوجية والتنوع البيولوجي وكيفية الحفاظ عليها.
6- كذلك ووفقًا للأمم المتحدة، يمكن أن توفر الحلول القائمة على الطبيعة، مثل حماية واستعادة الغابات والمستنقعات والشعاب المرجانية، حتى 37% من التخفيف الذي يتطلبه تقليل الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030. كما يمكن أن تساعد تلك الحلول الأفراد والمجتمعات على التكيف مع آثار تغير المناخ، من خلال تقليل مخاطر الفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية وموجات الحر.
فمن بين الخطوات أيضاً التي يمكن اتخاذها لحماية النظم الإيكولوجية وتقليل تأثير التغير المناخي عليها التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على النظم الإيكولوجية، والتشجيع على استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز استخدام وسائل النقل العام والدراجات الهوائية، وتشجيع زراعة الأشجار والنباتات لتحسين جودة الهواء وتقليل الانبعاثات الضارة، وتفعيل القوانين واللوائح التي تحمي البيئة وتحمي النظم الإيكولوجية.
فبالعمل المشترك والجهود المستمرة، يمكن للمجتمع الحفاظ على النظم الإيكولوجية وتقليل تأثير التغير المناخي على البيئة، وتوفير بيئة صحية ومستدامة للأجيال القادمة.
بصفة عامة، يمكن للأفراد المساهمة بشكل كبير في الحفاظ على التوازن البيولوجي والحفاظ على كوكب الأرض للأجيال القادمة من خلال اتباع نظام حياة صحي ومستدام ودعم المبادرات الداعمة إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي.
بشكل عام، يمكن القول إن التغير المناخي وتأثيراته على التنوع البيولوجي يؤثر على جميع الكائنات الحية، بدءًا من البشر إلى الحيوانات والنباتات، ويهدد بوجود نظام بيئي غير مستقر وتوليده مخاطر على الإنسانية والكائنات الحية. ولذا، فإن الحفاظ على التنوع البيولوجي يعد أمراً حيوياً لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القا
الحوكمة البيئية وتأثيرها فى مواجهة التغيرات المناخية
مفهوم الحوكمة البيئية
تعد الحوكمة البيئية (Environmental Governance) أحد المفاهيم حديثة النشأة والمرتبطة بزيادة الوعى المجتمعى وتنامى الاهتمام بمفاهيم الحوكمة والإدارة الرشيدة، لكنها برزت بوصفها مجالا منفصلا منذ أن دخلت القضايا البيئية جدول الأعمال الدولى فى أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وتشير الحوكمة البيئية إلى القوانين والممارسات والسياسات والمبادئ والمعايير التى تشكل كيفية تفاعل الأفراد مع البيئة من جهة، وتسعى إلى تنظيم عمل المؤسسات والمنظمات المعنية بقضايا البيئة من جهة أخرى.
وجاء الاهتمام بحماية البيئة نظرا للتطور الصناعى والتكنولوجي؛ الذى خلق مشكلات بيئية متعددة أثرت على الإنسان والكائنات الحية عن طريق الاستغلال غير العقلانى للثروات الطبيعية دون مراعاة حقوق الأجيال اللاحقة. وعليه، ظهرت الحوكمة البيئية للحماية من كل الانتهاكات البيئية؛ بالاستغلال الرشيد والمستدام للموارد، مساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة من خلا
بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-سفير النوايا الحسنة- مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس استاذ ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس ورئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – عضو اللجنة العلمية والإدارية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- المستشار العلمى لحديقة الحيوان بالجيزة-الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم