قبل سنوات، عندما جرى التفكير فى جعل العطلة الأسبوعية يومين بدلا من الجمعة فقط، تخوف كثير من المصريين من أن العمل سيتأثر سلبا، وأن الخدمات الحكومية تحديدا ستزيد المعاناة من أجل الحصول عليها. لكن مع تطبيق نظام اليومين إجازة أسبوعية، أثبتت دراسات عديدة أن الخدمات لم تتأثر، وأنه جرى توفير وقت وكهرباء وتليفونات وحدثت انسيابية فى الشارع. فى عالم اليوم، عدد ساعات العمل أو أيامه لم تعد المحدد الأساسى لتأديته على أفضل وجه، بل كيفية الأداء ومدى مساهمة التكنولوجيا والمهارات التى يتمتع بها الموظف.
فى القرن الـ19، تراوحت ساعات العمل بين 80 و100 ساعة أسبوعية لأن الجهد العضلى كان الأهم فى منظومة الإنتاج، ومع كفاح العمال تراجع عدد ساعات العمل. فى 1926، قرر هنرى فورد صاحب مصانع السيارات الأمريكية الشهيرة أن تكون 40 ساعة أسبوعيا قائلا إن الدراسات أكدت أن الإنتاجية تزيد ولا تقل. عام 1940، صدر قانون فى أمريكا يجعل ساعات العمل 40 ساعة أسبوعيا. لم يتوقف الأمر عند ذلك، انخفض عدد أيام العمل إلى 5 أيام. وها نحن ندخل مرحلة جديدة.. أن تكون العطلة الأسبوعية 3 أيام، أى أن نعمل 4 أيام فقط.
جربت عشرات الشركات الكبرى ذلك أيام وباء كورونا على أن يكون العمل من المنزل لكن أصبح الأمر سياسة رسمية فى بعض الدول. دبى بدأت من الشهر الماضى تجربة العمل 4 أيام أسبوعيا كجزء من سياسة عامة لدولة الإمارات. الشركات الخاصة بدأت أيضا التجربة لكن هناك تشككا.. هل يمكن لبعض قطاعات الاقتصاد التكيف مع ذلك دون مساس بجودة الخدمة والإنتاجية؟. شركات خاصة قالت إنها تحتاج للبقاء والنمو، و4 أيام فقط ستقيد عملها. العمال والموظفون، من جانبهم، يخشون، خفض مرتباتهم، لكن الرد كان لا تخفيض.
بالتأكيد، ضغط أيام العمل إلى 4، يمثل تحديا، لكن خلال سنوات سيصبح ذلك هو القاعدة. إنها محاولة لإحداث توازن بين العمل والحياة والإنتاج. إنسان القرن 21 يختلف تماما عن أسلافه فى القرون السابقة.