يستهدف المنتدى الحضري العالمي الكشف عن الخبرات التي تمخضت عن الحلول المبتكرة المرتبطة بالتنمية الحضرية التي تضمن حياة كريمة لبني البشر على سطح البسيطة، ومن ثم يصبح هناك حرص على تبادلها بغية تحقيق أقصى استفادة منها، وبناءً عليه تعد نافذة للتعاون بين الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة خاصة المتعلقة بتحسين جودة الحياة.
وتقوم الحلول المبتكرة للتنمية الحضرية على فلسفة العلم والمعرفة والتطور التقني المتلاحق في ظل الاستفادة من العقول التي تمتلك المهارة والرغبة في إحداث تغييرات حقيقية ملموسة على الأرض، ومصر من الدول التي مرت بالعديد من المشكلات والتحديات في بداية نهضتها خاصة في التنظيم الحضاري ومراحله المتوالية.
ورغم حجم التحديات والأزمات إلا أن قيادتها السياسية جعلت يد تحارب وتؤمن وأخرى تعمل بجد في ضوء مناخ داعم؛ فكانت هناك العديد من المشروعات القومية التي يصعب تناولها أو حصرها؛ لكن نكتفي بالعاصمة الإدارية التي باتت نموذجًا ومصدرًا للعزة لجمهوريتنا الجديدة؛ حيث إن القاصي والداني يجمع على أنها من النقلات النوعية في التنمية الحضارية.
وأنظار العالم الآن تتجه نحو المدن الذكية، ومن عزمت مصر بتوجيهات قيادتها الحكيمة على تدشين العاصمة الإدارية باعتبارها من مدن الجيل الخامس الذكية وذلك بعد اكتمال مراحلها، وهذه المدينة روعي في تصميمها تدشين طرقٍ ومبانٍ ومساحاتٍ خضراءٍ ومرافقٍ متميزةٍ مدعومةٍ بالأنظمة الرقمية الذكية بما يتوافق مع التنمية الحضرية العالمية.
والمصريون من جيل لآخر لديهم ثقافة المواكبة والحفاظ على التراث في ذات الوقت، ومن ثم صممت الدولة العاصمة الإدارية التي تناسب عصر التقدم العلمي والتقني وتتوافق مع ثورة المعلومات والاتصالات، وهنا يتناسب الموقع ومقوماته مع أجيال جديدة لديها توجه رقمي يعد من أولويات حياتها العلمية والعملية والمعيشية.
ودعونا نتحدث عن جيل يحمل على عاتقه نهضة مصر؛ حيث الريادة والتنافسية من خلال بيئة متطورة داعمة لهذا الغرض؛ فنحن ندرك أن المدن الذكية يقابلها مجتمعاتٌ ذكيةٌ توظف التقنيات الرقمية في أسلوب وطريقة العمل والحياة، وهذا بالطبع يؤدي لمزيدٍ من الابتكار والإنتاجية غير المسبوقة في إنجاز وتحقيق الأعمال، وهذا مرمى رئيس يكشف عنه المنتدى الحضري العالمي ويؤكد عليه.
والحياة الحضرية في صيغتها الجديدة تستوجب أن تعمل الدولة ومؤسساتها على خلق مجتمعات ومدن تقوم على فكرة التنمية المعلوماتية، ومن خلال توظيفها يمكن تقديم كافة الخدمات التي يطلبها المواطن من أي مكانٍ وفي أي وقتٍ، وبالطبع يرتبط ذلك بقواعد بياناتٍ عالية الأمان وتطبيقاتٍ رقميةٍ ذات فعاليةٍ، وبدون شكٍ ينعكس ذلك على ما يبديه الفرد من رضًا وشعورٍ بالراحة والانشراح والسعادة والإقبال على الحياة بمكتمل طاقته الإيجابية.
إن رؤية الدولة المصرية المدعومة من قيادتها السياسية الرشيدة تدل على استشراف مستقبل البلاد نحو نهضةٍ مستدامةٍ وتقديم حلولٍ ابتكاريةٍ لمشكلاتٍ تفاقمت على مر أزمنةٍ، وتطلع لانطلاقٍ حقيقيٍ نحو إدارة شئون البلاد بصورةٍ تُسهم في تحقيق آمال وطموحات المصريين، والعاصمة الإدارية نموذجًا ناجح للتنمية في مجالات المستدامة وفق خطة الدولة ورؤيتها الاستراتيجية.
وعبر التنمية الحضرية يراعى عنصر التنافسية في التصميم والإخراج؛ فيتوجب أن تصبح البيئة نظيفة مواتية للمعيشة الهادئة الراقية التي يستفيد منها جميع طبقات المجتمع دون استثناءٍ، ومناخ العمل والإنتاجية داعم في مقوماته التقنية واللوجستية، وفرص العمل في ازديادٍ مضطردٍ، ومن ثم تساعد التنمية الحضرية في القضاء على العشوائية والكثافات السكانية والتخبط وصعوبة نيل الخدمات من مراكزها المتعددة.
وندرك أن التنمية الحضرية في ثيابها الجديد تقوم على فلسفة التخطيط الاستراتيجي المصبوغ بماهية الابتكار بكل مرحلة من مراحله، وهذا يسر اختيار المكان المناسب للعاصمة الإدارية المصرية؛ حيث وقوعها على عدة محاورٍ وطرقٍ استراتيجيةٍ؛ فهناك الطريق الدائري الذي يربطها مع القاهرة الجديدة، ويتقاطع أيضًا مع طريق القاهرة السويس وطريق العين السخنة، وبمحاورٍ نشطةٍ مع مدينة نصر.
إن اللمسات الحضرية المبهرة التي رصدناها بالعاصمة الإدارية المصرية تؤكد على براعة الفكر التخطيطي الاستراتيجي للدولة المصرية العظيمة؛ فهناك الحي الحكومي الذي يتضمن مبانٍ وزارية وما فيها من روعة التصميم، وبرلمانٍ معدٍ على أحدث طرازٍ، ومبنى لمؤسسة الرئاسة يدل على عظمة الدولة ومكانتها ومقامها، بالإضافة لمبنى مجلس الوزراء ومراكز المؤتمرات ومدينة المعارض والحدائق المبهرة والمدينة الطبية والاستاد الأوليمبي والمطارات، وهناك الحي السكني المتنوع وفقًا لمعدلات الدخول، والذي يستهدف استيعاب أكثر من ستة ملايين مواطنٍ، وتفردت العاصمة بأطول محورٍ أخضرٍ في العالم يصل طوله إلى (35) كليو مترٍ وفي مراحلٍ متواصلةٍ ومتصلةٍ يكتمل النهر الأخضر بهذا الموقع المتميز.
ويُسهم المنتدى الحضري العالمي في تكوين شراكات مفيدة بين الدول في ضوء ما تمتلكه من خبرات ومقومات تنموية ترتبط بالتنمية الحضرية، ومن ثم تعد العاصمة الإدارية مدخل للاقتصاد الذكي الذي يمكن أن يستهدف إبرام شراكةً دوليةً ومحليةً، فهناك حي الأعمال الذي يشمل مقرًا رئيسًا للبنك المركزي والبورصة ومقرات لبنوك دولية ومحلية، وأبراجًا شاهقةً لمنطقة الأعمال ورجاله، وبنية تحتية تيسر كافة التعاملات الاستثمارية على أرض العاصمة بشكلٍ مباشرٍ وسهلٍ.
وقد أسست العاصمة المصرية على أحدث الطرز التقنية العالمية؛ فقد وجهت القيادة السياسية إلى تدشين مدينة المعرفة، وتوفير ما يلزم من متطلباتٍ لها بغرض تعظيم المنتج التقني، كما أن التركيبة الداخلية تعمل على استيعاب المزيد من العمالة الماهرة، واحتواء العديد من المراكز البحثية في مجالات العلوم المختلفة وخاصةً التقنية منها.
وتستوجب التنمية الحضارية أن تصبح المدن الجديدة مصممة كي تلبي الاحتياجات المتغيرة للمجتمعات؛ فنرى على سبيل المثال أن هناك أنظمة النقل الذكي المدعوم بربط منظومة النقل بالتقنيات الحديثة بما يحقق الأمان والاستدامة والدقة، وفي العاصمة نرى أن ثمة ربط بشبكات السكك الحديدية وبالقطار الكهربائي بعدة مدنٍ، بما يسهل الوصول إليها من كل مكانٍ بالجمهورية.
ومن أجل الحياة الحضرية المأمولة بدأت الدولة المصرية خطواتٍ جادةً من خلال استراتيجيات استهدفت تهيئة مؤسسات الدولة الوطنية من إدارة شئونها عبر الحوكمة الذكية، وهذا الأمر هيأ لها أسباب النجاح في إنجاز أعمالها بهذه العاصمة التي توصف بأنها عالية الكفاءة التقنية.
نثمن جهود مؤسسات الدولة والقيادة السياسية الرشيدة تجاه التنمية الحضرية التي شملت ربوع الوطن، ونؤكد على ضرورة تبني فلسفة تدشين المدن الذكية الجاذبة للاستثمار والميسرة لأوجه المعاملات والتعاملات والأعمال؛ فالفرصة تجاه النهضة المصرية ما زالت قائمةً بأيدٍ وسواعدٍ وفكر أبناء الوطن المخلصين في شتى التخصصات والميادين؛ لتصبح الدولة المصرية في مصاف الدول المتقدمة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.