الحب نقيض البغض، وهو عاطفة وجدانية، حيث تميل النفس والقلب فيها للمحبوب، وهو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، وقد ينظر للحب على أنه كيمياء متبادلة بين اثنين وأول ما يتبادر إلى الذهن عند إطلاق كلمة الحب، هو ذلك الحب المبتذل المؤقت الذي يعرض في الأفلام، والحقيقة هي أرقى وأغلى وأعمق، وشتان بين هذا وما أريد التحدث عنه.
فبداية أول شرارة للحب هي التي تنطلق من الأسرة، حيث أن أول ما يواجهه الطفل هو حب أبويه له، ثم حب إخوته، ثم بعد ذلك الحب الذي يجده من أقاربه وأصدقائه وزملائه، ثم بعد ذلك حبه لزوجته وحبها له،
وفي كل تلك المراحل تكون هناك طريقة مختلفة للتعبير فيها عن الحب. ولكن يجب أن نأخذ خزان الحب بعين الاعتبار، تماما مثل خزان وقود السيارة، فالسائق عليه التأكد دائما من وجود وقود في خزان سيارته؛ لأنه في حال نفاذ الوقود من الخزان ستتوقف السيارة بالكامل، وكذلك الحال بالنسبة لخزان الحب في العلاقة بين أي شخصين، وخاصة الزوجين، يجب التأكد دائما من أن خزان الحب ممتلئ حتى يستمر الحب بينهما وتستمر العلاقة.
إن ما يُشعر شخصًا أنه محبوب ليس بالضرورة ما يجعل شخصًا آخر يشعر بنفس الشيء! وللأسف نحن نميل لأن نُعبِّر عن حبنا للآخرين بنفس الطريقة التي نتمنى أن يُعبِّروا عن حبهم لنا بها.. إذًا عندما لا يستجيب شريك حياتنا إيجابيًا لتعبيراتنا عن الحب نحن نُصاب بالإحباط. المشكلة ليست الإخلاص في حبنا، لكنها في أننا نتكلم لغة الحب الخطأ؛
التحدث بكلمات إيجابية لنفسك سيشعرك بمزيد من التقدير، فتدرب على قول “أنا أحب نفسي وأقبلها”، تسجيل صوتي بعبارات تحفيزية لك، لتساعدك في ترك بصمات إيجابية عن نفسك. إذا كان قضاء الوقت الجيد هو لغة الحب الأساسية الخاصة بك، فيمكنك قضاء بعض الوقت الخالص مع نفسك، بتخصيص 30 دقيقة يوميًا لك، سواء قضاء وقت مع نفسك أو في الخارج أو مشاهدة بعض الأفلام التي تحبها أو قراءة كتاب مفضل.
إذا كنت من الأشخاص الذين يفضلون لغة الهدايا، فيمكنك مكافأة نفسك وكتابة قائمة بالأشياء التي تريدها كنوع من تشجيع الذات، فمنح نفسك هدية سيجسد إيمانك بقيمة ذاتك. تستطيع القيام بالأعمال الخدمية من أجل نفسك، إذا كنت تفضل لغة تقديم الخدمات،
هي كتابة قائمة بما يجب القيام به لجعل حياتنا أسهل وأكثر سعادة والسعي لتحقيق ذلك. أنت لست بحاجة إلى شخص آخر للشعور بلغة حبك الأساسية، حتى وإن كانت لمسة جسدية،
، إذا كنت تتأمل أو تصلي فإنك تضبط عواطفك وكذلك جسدك، وغالبا ما يكون هناك جزء أكثر إثارة، فمثلا نشعر بالقلق فيضيق صدرنا؛ ولذا فيمكنك وضع يدك على قلبك وأخذ أنفاس عميقة لتجلس ساكنًا؛ حيث إنك ترسل التنفس والحب إلى تلك المنطقة من جسمك.
لتحدي الأول سيكون أن تكتشف لغة الحب الأساسية لدى شريك حياتك؛ لذا أقترح عليك ثلاث طرق بسيطة.
أولاً، لاحظ تصرفات شريك حياتك.. كيف يُعبّر عادةً عن حبه وتقديره للآخرين؟ هل تلاحظ أنها تلمس وتعانق الناس؟ هل هو يُشجّع باستمرار؟ هل هي دائمًا ما تُعطي هدايا للآخرين؟ أيُمتعُها أن تتناول الغذاء لمدة ساعتين مع صديق؟ إن شريك حياتك يتكلم لغة الحب الخاصة به بها، ويمكنك تعلُّمها من خلال ملاحظة سلوكه اليومي.
ثانيا, هو أن تسجل شكوى شريك حياتك؛ لأن هذا سيكشف عن لغة حب زوجك أو زوجتك. إذا قال لكِ: “لم نعُد نمضي وقتًا مع بعضنا البعض”، فهو يقول لكِ أن لغة حبه هي الوقت المميَّز. إذا قالت لك: “أظن أنك لا تلمسني أبدًا إذا لم أبدأ أنا بذلك”، فهي تكشف لك أن التلامس الجسدي هو لغة حبها. ستجد أن شكوى مثل “أنا لا أعلم لماذا لا يمكنك مساعدتي في الأعمال المنزلية.” تكشف أن أعمال الخدمة هي لغة حب شريك حياتك.
يجب أن نعلم: أن الحب الحقيقي هو (اختيار) فإذا اخترت أن تعيش حياتك بحب فيجب عليك أن تبذل ما في وسعك لإنجاح تلك العلاقة، لا أن تتركها في مهب الريح؛ لأنك إذا أردت أن تزيد أموالك في البنوك فإنك ستعمل بجد، وإذا أردت أن تزيد لياقتك فإنك ستلتزم بنظام غذائي ورياضي صارم، وإذا أردت أن يكون لك رصيد معرفي وثقافي فإنك ستقرأ كثيرا، لذلك كان عليك عندما تعلق الأمر بحياتك مع شريكك أن تبذل الوسع الكافي لإنجاح تلك العلاقة، ومحاولة معرفة اللغة التي تؤثر فيه، وجعل الحياة تسير على نحو جميل
النفس البشرية خزانة للمشاعر الإيجابية ذات الأثر الفاعل في تغيير حياة الآخرين، وهي زاخرة بما يمكن أن يكون ترياقاً لكثير من العِلل الذاتية وعِلل الآخرين، ومن هنا يمكن اكتشاف العلاج للعديد من معضلاتنا من داخل نفوسنا وقلوبنا ومشاعرنا ومكنوناتنا الداخلية.
نعم، الحب فيه علاج ناجع لكثير من معضلاتنا النفسية والصحية والاجتماعية، وبإمكاننا بنظرة متعمقة للحياة أن نغيِّر مشاعرنا تجاه الآخرين، ونجعلها مشاعر حُبّ وصدق ووفاء وحُبّ للخير لكل الناس، وتمني السعادة لهم جميعاً، بل السعي من أجل تحقيقها؛ لأن النفوس الطيبة والقلوب السليمة ترى سعادتها في سعادة الآخرين، ومن هنا يتحول الحب النابع منها إلى دواء يسري في أوصال الغير، ويعالج ما لديهم من عِلل ومشكلات ومعاناة وآلام.
إن الابتسامة والتسامح والهدوء والراحة النفسية والإيثار والكلمة الطيبة ومساعدة الآخرين وإبداء النصح وحُبّ الخير والصدق في التعامل.. كلها من مظاهر الحب الصادق، وكلها تصنع الفرح، وتحقق الراحة النفسية وسلامة الدواخل لدى الآخرين، وهذا – بلا شك – فيه علاج لهمومهم، ومشاكلهم النفسية والصحية والاجتماعية.
الحُبّ شعور طبيعي للنفس المتوازنة المتصالحة مع ذاتها، وهو ينعكس في راحة البال وراحة الضمير، وصفاء النفس، وحُسْن الظن، والثقة والطمأنينة، وحُسْن العلاقات مع الآخرين، والتسامح والتضحية وخدمة الآخرين، وهي قيم حث عليها الإسلام وكرسها، وأوصت بها السُّنة النبوية المطهَّرة، ولها تأثيرها في علاج الاكتئاب والقلق وأمراض القلب، وغيرها من العلل. إن الحب وحده كفيل بأخذ كل الاسقام بعيداً، لأن المرض أياً كان هو نقص في طاقة الحياة لدى الإنسان وطاقة الحب نفسها هي طاقة الحياة.. الحب هو أنقى صور طاقة الحياة.. فما إن تفتح نفسك للحب إلا وستلاحظ الشفاء في داخلك، ستلاحظه وتشعر به حتى يتجلى ويظهر أثره على جسدك ونفسك.
عندما تشعر أن أحدهم بحاجة لطاقة الحياة… افتح قلبك أولاً للحب، وانفتح على الحب حتى تشعر أنك امتلأت حباً، ثم ابدأ بالسماح لهذا الحب بالتدفق منك إليه، وإن لم تتمكن من فعل ذلك فقط بالنية يمكنك أن تستخدم مخيلتك لتحفز الشعور بالحب لديك…فقط تخيل من تشعر أنه بحاجة لطاقة الحياة.. تخيله أمامك واشعر بالحب الذي في قلبك.. واسمح لهذا الحب أن يمر من خلالك للآخر حتى يشبعه أو حتى تشعر أنه أشبعه.
والمرأة الذكية هي التي تتدفق بجمالها ورقتها رويدا في عيني وروح شريك العمر وذلك ليتقاطر الهرمون لدى الزوج نقطة بنقطة ؛ حريصة ألا تسكبه دفعة واحدة كي لا يتوافد الزهد والشبع عقب الصب الكامل.
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان