إن التقـدم الـسريع علـى مـستوي المؤسـسات وعلـى المـستوى التقني، والتغيـرات الـسريعة المتلاحقـة تـؤدى إلي أنواع متعددة من المواقف الأكثر تعقيدا وغموضا والتي يطلق عليها الأزمات ، والتي يجـب التعامـل معهـا للـتخلص منها والحد من تأثيرها على البشر أولا والمؤسسات والأموال.
وممــا لاشــك فيــه أن الأزمــات يكــون لهــا العديــد مــن الجوانــب الــسياسية والاقتــصادية والاجتماعيــة، والتي يجــب التعامل مع كل منها أثناء إدارة الأزمة وتحت ضغطها.
ويـصعب التوصـل لمفهـوم موحـد للأزمـة وخـصوصا مـع اخـتلاف زوايـا التنـاول، إلا أنهـا تـشترك دائمـا مـع بعضها في مجموعة من الخصائص مثل التهديد للموارد والقـيم والأهـداف، وضـيق الوقـت المتـاح لاتخاذ القـرارات، ونقـص المعلومـات
وعـدم دقتهـا، والمفاجـأة والتي يمكـن أن تحـد مـن جهـود إدارة الأزمـة، وكـذلك استحواذ الأزمـة علـى اهتمام العديـد مــن الجهــات والمؤسـسات والأفــراد بالإضــافة إلـى التعقيــد والتــشابك وتـداخل العناصــر التي تستوجب مواجهتها خروجا مـن الأنمـاط التنظيميـة المألوفـة، والعمـل خـارج الإطـار التنظيمي لـصالح الإدارة الناجحـة للأزمـة،
بالإضـافة لتأهـل مجموعـات العـاملين للالتزام بهـذا وتقـديم درجـات عاليـة مـن طـاقتهم وإمكانيـاتهم لمواجهـة الظــروف الجديــدة المترتبــة علــى التغيــرات الفجائيــة والمواقــف المتــسارعة والتعامــل الــسريع معهــا لمعاصــرة هــذه المواقف بالحلول التي تحد منها حتى لو كانت تتم بطريقة مرتجلة نتيجة التحليل السريع لعناصر الأزمة.
إن مصر نجحت في مواجهة التحديات الداخلية وأهمها قضية الإرهاب والتطرف والتأزم الاقتصادي،
لان مصر قامت بالعديد من الخطوات سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، بالإضافة إلى تبنى المشروع الوطني للرئيس السيسي في إقامة المشروعات المتعددة في ربوع الوطن، ومحاولة إقامة بنية أساسية جديدة وبناء المدن الجديدة، بالإضافة إلى تحديث قواعد الدولة المصرية،
ليس فقط تطوير الجهاز الإداري، وليس فقط إتمام مشروعات العاصمة الإدارية، لكن في العديد من المشروعات التي أكدت وضع خريطة مصر على العالم. أن مصر نجحت خلال الـ7 سنوات الماضية، ويعود الفضل إلى شخص الرئيس السيسي والدبلوماسية الرئاسية،
وإلى أداء أجهزة المعلومات في مصر المخابرات العامة والخارجية المصرية، بالإضافة إلى التخطيط السياسي والاستراتيجي لمواجهة الصعوبات والمشكلات على المستويات المختلفة.
ويلعب التدريب على إدارة الأزمات سواء سابقة الحدوث أو الجديـدة دورا هامـا في الحـد مـن قـوة الأزمـة وتقليص آثارها. كمـا يلعــب الـدور الإعلامـ ً ً ـى الـذى يقــوم بـه فريقــا مـدربا في الحـد مــن سـوء الــسمعة الـذى يلحــق غالبــا بالمؤسسات صاحبة الأزمة، وفى الحد من الشائعات المغرضة التي قد تحتوى على ابتزاز مـن الآخـرين
من المتوقع أن يزداد عدد السكان في العالم بمقدار النصف خلال السنوات الخمسين القادمة ليصل إلى 9.3 مليار نسمة وأن يستقر في حدود 10 مليارات في نهاية القرن الحادي والعشرين. وفي العديد من البلدان، وبسبب الهجرة من الريف إلى المدن، فإن سكان الريف قد توقفوا فعلا عن النمو، وأن أعداد السكان في الريف والمدن، على المستوى العالمي، يتوقع لها أن تتساوى في عام 2006.
ومن المتوقع، وخصوصا في تلك الأقاليم والبلدان التي تنخفض فيها معدلات نمو السكان، أن يزيد معدل الدخل الفردي وما يواكبه من هبوط مطرد في عدد من يعانون الفقر المدقع. ومن جهة أخرى سوف يشهد العديد من بلدان أفريقيا وأجزاء من جنوب آسيا، انخفاضا في نسبة الذين يعانون الفقر، لكن الأعداد المطلقة يتوقع لها أن تزداد حتى عام 2030، على الأقل، إذا ما استمرت الاتجاهات الراهنة.
وسوف تحدث هذه التغيرات في سياق تزايد الاعتماد المتبادل بين البلدان بسبب التحسينات التكنولوجية غير المسبوقة التي تحدث في نظم الاتصالات والنقل، فضلا عن النمو السريع في المعاملات الدولية. وهذا يعني أن السياسات القطرية يحتمل أن يكون لها، بصورة متزايدة، تأثير على البلدان الأخرى، مما يستدعي زيادة استيعاب طبيعة الاعتماد المتبادل، وخصوصا في قطاع الأغذية والزراعة.
إن الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية يدعو إلى استئصال الفقر المدقع والجوع، وهذا له دلالة مهمة بشأن المنظمة، نظرا للإدراك المتزايد بأن الجوع هو سبب للفقر ونتيجة له، في نفس الوقت. وفي العديد من البلدان النامية، حيث لا تزال نسبة كبيرة من السكان تعاني نقصا مزمنا في التغذية، فان تخفيض معدل انتشار الجوع، سوف يفتح المجال لزيادة النمو الاقتصادي وتحسين التوقعات بشأن الحد من الفقر.
فاستئصال الجوع الذي تعذر على الإنسانية تحقيقه منذ فجر التاريخ والذي لا يزال في صلب أهداف المنظمة، يمثل بدون شك هدفا يمكن تحقيقه في هذا القرن. لكنه غير ممكن التحقيق بالمنهج الإداري المعتاد. فاستئصال الجوع يحتاج إلى إجراءات مدروسة ومنسقة على نطاق واسع جدا تقودها الحكومات وبمشاركة كاملة من المجتمع برمته. والحد من عدد الجياع في العالم يتأتى بصورة أسرع في البلدان التي تطبق السياسات التي تضمن توزيعا أكثر تكافؤا للمنافع التي يحققها النمو الاقتصادي.
وفي تلك البلدان التي تتركز فيها الأسر التي تعاني انعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية، فإن الجزء المهم من الحل يكمن في توسيع الدخول الزراعية لصغار المزارعين وترويج التنمية خارج القطاع الزراعي. ومن جهة أخرى، فإن التركيز هنا ينبغي أن لا ينصب على تشجيع القفزات التقنية الكبيرة لدى عدد قليل نسبيا من المزارعين، بل وعلى الأقل في الفترة الأولى، على تمكين ملايين فقراء الريف من إدخال التغييرات البسيطة التي تقع ضمن إمكاناتهم وتؤدي إلى تحسينات عاجلة في سبل معيشتهم وفي تغذيتهم. وهذا يتمشى مع تفكير الآباء المؤسسين للمنظمة الذين أشاروا إلى أن “المتوسط الحسابي للتقدم يشبه المتوسط الحسابي لتجارة الحجم الكبير: حيث أن ربحا ضئيلا من المستهلك الواحد مضروبا بعدد كاف من المستهلكين ينتج ربحا كبيرا”.
والتقدم نحو استئصال الجوع يمكن التعجيل به من خلال شبكات الأمان التي تضمن للأسر التي لا تستطيع عادة أن تنتج احتياجاتها الغذائية أو تشتريها، مستلزماتها من الطعام، وللأسر التي لديها ما يكفيها من الطعام، لكنها تتعرض بسبب الأزمات للجوع، ولا تكون مجبرة على بيع أصولها المحدودة في مثل هذه الأوقات.
وشبكات الأمان هذه ربما تكون لها أهمية أكبر في البلدان التي يكون فيها الفقر وانعدام الأمن الغذائي متركزين في المناطق الحضرية. ويمكن أن تأخذ هذه الشبكات أشكالا مختلفة لكن يجب تصميمها بطرق لا تقوم على الاتكالية أو تسبب اختلالات في السوق وتحدد أهدافها بدقة بحيث يصل معظم المنافع إلى الأشخاص الذين هم في حاجة ماسة لها وحيث يمكن احتواء التكاليف. وهكذا فإن استئصال الجوع،
وبالتالي، تمكين الفقراء من المشاركة في العمليات الاقتصادية لا يمثل إنفاقا على الرفاه، بل هو بالأحرى، استثمارات لا يمكن لأي بلد، يطمح إلى تحقيق معدلات مرتفعة من النمو المستدام، إلا وأن يقوم بها.
وأصبحت البلدان الفقيرة والغنية، على السواء، تدرك بصورة متزايدة، أن وضع نهاية للجوع على النطاق العالمي ليس مسألة حقوق الإنسان فحسب، بل هو، فضلا عن ذلك، يصب في مصالحها الذاتية، ذلك لأن هذا من شأنه أن يحقّق عالما أكثر رخاء وأمنا.
وكانت رؤية الآباء المؤسسين للمنظمة أن المنظمة أنشئت نتيجة الاحتياجات المتبادلة إلى السلام وإلى التحرر من الفاقة: “التغلب على الجوع وسد الاحتياجات الأساسية لحياة لائقة ومحترمة” يجب أن يظل الهدف الأول للمنظمة.
من حسن طالع غالبية البشرية أن الطلبات العالمية على الأغذية وعلى المنتجات الحرجية لمعظم المجتمعات قد أمكن تلبيتها بنجاح طوال مسيرة المنظمة، لكن هذا قد تحقق على حساب تكاليف بيئية واجتماعية باهظة لم تؤخذ في الحسبان في حالات عديدة أو لم تتم تغطيتها. وهي مشكلة لها أهمية خاصة في الزراعة والغابات ومصايد الأسماك نظرا لاعتمادها الشديد على استخدام الموارد الطبيعية وعلى عمل العديد من الأفراد الأشد هشاشة بين سكان العالم.
وهكذا فإن مساحات شاسعة من الغابات الرئيسية قد تم قطعها على نحو مدمر أو حرثها أو تحويلها إلى مراع ذات كثافة محدودة، مما أدى إلى تقليل التنوع البيولوجي والثقافي وتدمير مواطن السكان الأصليين. فقد خضعت ملايين الهكتارات، التي كانت أراض خصبة، لنظم الري لكن دون إنفاق الاستثمارات الضرورية في مجال الري والصرف،
بحيث أصبحت هذه الأراضي تعاني من مشكلة التملح وأضحت غير منتجة. ويواجه العديد من البلدان نقصا حادا في المياه. وفي بلدان أخرى، أضحت الموارد المائية السطحية والجوفية ملوثة، بصورة متزايدة، بالنترات المتسربة من الأسمدة، كما أصبحت ملوثة بالمبيدات.
ومن المفارقات أن نجاح المزارعين ومربي الماشية في اختيار المحاصيل والحيوانات الأفضل إنما يسهم في تآكل التنوع البيولوجي الزراعي وفي تضييق نطاق الأصناف والسلالات التي ستعتمد عليها برامج التغذية في المستقبل. وتعرضت الأرصدة السمكية البحرية للنضوب بسبب الإفراط في الصيد. كذلك تسهم انبعاثات غاز الميثان من حقول الأرز المغمورة ونظم الإنتاج الحيواني المكثف في تغير المناخ.
ومن النتائج المهمة الأخرى للنمو السريع في الإنتاج الزراعي الهبوط طويل الأمد في أسعار السلع. وعندما تنعكس هذه الأمور على أسعار التجزئة بالتخفيض، فإن أعدادا كبيرة من المستهلكين ذوي الدخل المنخفض يستفيدون منها. وفي الوقت ذاته، فإن هذا الانحدار طويل الأجل في مؤشر الأسعار قد أدى إلى تآكل دخول المنتجين، خصوصا في البلدان النامية، الذين لم يستطيعوا، لأسباب بنيوية ومؤسسية، تحقيق تخفيضات مماثلة في تكاليف الإنتاج.
وفي السوق العالمية، يجد المزارع الذي يمتلك هكتارا واحدا من الأرض ويعتمد على الزراعة البدائية، نفسه منافسا مباشرا لمزارع يعتمد على تكثيف رأس المال ويمتلك مئات الهكتارات التي تعتمد على نظم الزراعة الآلية وغالبا ما يستفيد من إعانات الدعم ومن سائر الإجراءات التي تؤدي إلى الاختلال في الأسعار. وبالمثل، فإن محاولات بعض البلدان لحماية منتجيها من تطورات الأسواق العالمية، كالتخفيضات في الاتجاه العام للأسعار وتقلبات الأسواق، إنما تعني زيادة الأعباء على كاهل تلك البلدان والمنتجين الذين لا يستطيعون تحمل أعباء هذه السياسات. وقد ترتب على هذه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تأثير مدمر على العديد من المجتمعات الريفية.
كذلك فإن تزايد الاعتماد المتبادل يعني أيضا أن العديد من الموارد المشتركة، قد تستغل على نحو مفرط طلبا لزيادة معدلات النمو إذا ما لم تتم إدارتها تبعا للأساليب المتفق عليها فيما بين البلدان المعنية. وهذا ينطبق على العديد من الموارد ذات الأهمية الكبرى للأغذية والزراعة، بما فيها المياه والموارد البحرية والغابات والموارد البيئية والمناخ.
وهذه القضايا لها أهمية كبرى بشأن الاستدامة طويلة الأجل للنظم الإيكولوجية الهشة على كوكب الأرض وعلى ظروف المعيشة، وبخاصة بشأن السكان المحليين في المناطق الريفية، ومن ثم على معيشة المجتمع الإنساني في المستقبل، كما أقر بذلك الآباء المؤسسون للمنظمة. وتستلزم هذه القضايا تنسيق الجهود مع سائر هيئات منظومة الأمم المتحدة ومع مؤسسات البحوث الدولية ومع القطاع الخاص، لإرساء نظم الإنتاج والتصنيع والتوزيع التي تكون ذات طابع مستدام، حيث أنها، رغم تلبيتها لاحتياجات جميع سكان العالم، لا تؤدي إلى إتلاف أو نضوب الموارد الطبيعية في العالم، أو التعجيل في تغير المناخ، أو إفقار المجتمع الريفي من الناحيتين الثقافية والاقتصادية.
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان