الدين الإسلامي من الأديان السماوية التي حثت على الرفق بالحيوان، فهو دين الرحمة والإنسانية، ونصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة نصت على الرفق بالحيوان، فالحيوانات هي منفعة للفرد، فبعض الحيوانات تؤكل، وبعضها يستخدم للتنقل، كما نهى الله -عز وجل- ورسوله الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- عن ضرب الحيوانات، وأذاها، وتحريم تعذيبها، ونهى عن تحميلها بما يفوق قدرتها أو استخدامها هدفاً للصيد بهدف قتلها فقط، وأن الإنسان الذي يحسن معاملة الحيوانات ويرفق بها، ويحسن إليها، ويعتني بها، ويطعمها ويسقيها، ويحفظ حقوقها، له أجر وثواب كبير محتسب له عند الله.
خلق الله الإنسان وكرمه، وسخر له الحيوانات لتخدمه في قضاء حوائجه ؛ فيستفيد من لحومها وألبانها، ويرتدي الملابس من صوفها وجلودها، ويتخذ من بعضها زينة وطيبًا.
قال تعالى): والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون. وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم. والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون( (النحل: 5-8.)
الرفق بالحيوان عند ذبحه:
نصت الشريعة الإسلامية على مواصفات محددة يجب أن تتوفر في السكين الذي يستخدم في ذبح الأضحية، بهدف الرفق بالحيوان عند نحره وعدم تعذيبه.
وتحتفل الأمتان العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك يوم الثلاثاء 20 يوليو/تموز 2021، إذ تنطلق واحدة من الشعائر الدينية التي يتقرب بها العبد من الله تعالى وهي الأضحية.
فضل الأضحية وثوابها.. مغفرة من كل الذنوب
الأضحية سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية والإجماع.
ويستدل على مشروعية الأضحية في القرآن الكريم لقوله تعالى: “إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ” [سورة الكوثر]. وقال القرطبي في “تفسيره” (20/ 218): “أَيْ: أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْكَ”، كَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أيضا في السنة المحمدية ما يثب مشروعية الأضحية، إذ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه فمن ذلك: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: “ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) متفق عليه. وأجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة.
ولا بد أن تقدم الأضحية من الأنعام، وإن اختلف الفقهاء في النوع الأفضل بينها إلى 3 أقوال، أرجحها قول المالكية إن الأفضل الغنم (الضأن)، ثم الإبل، ثم البقر.
أمر الإسلام تطبيق عدد من القواعد عند ذبح الحيوانات التي حلل الله أكل لحمها، وتتمثل هذه القواعد في: تقديم الطعام الماء للحيوان الذي سوف يذبح لقول الحديث الشريف: ” إن الله كتب الإحسان على كل شيء “. عقد نية الذبح، ثم ذبح الحيوان بسكين حادة، وأن يذبحها بسرعة دون بطء. ذبح الحيوانات وهي ممدة على جانبها الأيسر موجهة رأسها إلى القبلة، باستثناء الإبل تذبح وهي قائمة.
وروي احمد وابن ماجة من حديث ابن عمر, قال: أمر رسول الله- صلي الله علية وسلم- بحد الشفار وان تواري البهائم اي لا تشاهد البهيمة اختها اثناء الذبح, وقال: إذا ذبح احدكم فليجهز.
المسلم لا يذبح الحيوانات ولا يصطادها إلا بسبب شرعي؛ وعليه حينئذ أن يلتزم تجاه هذه الحيوانات الرفق والإحسان. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولْيُحِدَّ أحدكم شفرته ولْيُرِح ذبيحته) [مسلم].
إذا كان الحيوان مما يُؤْكل، فإنَّ الرحمة به أن تُحدَّ الشَّفرة، ويُسقَى الماء، ويُراحَ بعد الذبح قبل السلخ “إنَّ الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدَّ أحدكم شَفْرته، وليُرِح ذبيحته”[مسلم وأبو داود ومالك والتِّرمذي].
بل إنَّ إضجاع الحيوان للذبح قبل إحداد الشفرة قسوةٌ لا تجوز؛ أضجع رجل شاة للذبح، وهو يحد شفرته، فقال له عليه السلام: “أتريد أن تميتها موتتان؟! هلاَّ أحددت شفرتك قبل أن تضجعها”[الطبراني، والحاكم]
شروط سكين ذبح الأضحية
تواترت الأسئلة عن شروط سكين ذبح الأضحية على مواقع الفتوى الإسلامية الشهيرة، وجميعها أفتى بضرورة أن تكون طاهرة وحادة تقطع بسرعة، لعدم تعذيب الحيوان عند الذبح.
واستشهد الفقهاء بحديث عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: “إنّ اللّه تعالى كتب الإحسان على كلّ شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته”، أخرجه مسلم.
دعاء ذبح الأضحية.. تعرف على الواجب والمستحب
شرعا، الآلة التي يكون بها الذبح هي كل ما ترتب عليه سيلان الدم باستثناء شيئين هما السن والظفر، بدليل ما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: “ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس السن والظفر وسأحدثك، أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة”.
وقال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: “وفي هذا الحديث تصريح بجواز الذبح بكل محدد يقطع إلا الظفر والسن وسائر العظام، فيدخل في ذلك السيف والسكين والسنان والحجر والخشب والزجاج والقصب والخزف والنحاس وسائر الأشياء المحددة، فكلها تحصل بها الذكاة إلا السن والظفر والعظام كلها”.
شروط ذبح الأضحية
ورد في نصوص السُنة النبوية الشريفة أن رسول الله قد أرشدنا إلى أمور ينبغي مراعاتها عند ذبح الأضحية، منها:
- متى ينتهي وقت الأضحية.. وما أفضل موعد للذبح؟
- وقت الأضحية يبدأ من بعد صلاة عيد الأضحى، وينتهى بغروب شمس الثالث عشر من ذى الحجة فنكون أيام الذبح اربعة، ويستحب توزيعها أثلاثا، ثلث للمضحى، وثلث للهدية، وثلث للفقراء.
- لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن.والمسنة من الغنم ما بلغت سنة و المسنة من الإبل ما بلغت خمس سنوات و المسنة من البقر ما بلغت سنتين و الجذعة من الضأن ما بلغت ستة أشهر إلى عشرة أشهر .
- ذبح الحيوان بآلة حادّة تمر على مكان الذبح بسرعة وبقوة.
- لا يتم شحذ السكين أمام الحيوان، ويتم الذبح بمجرد السيطرة عليه.
- إخفاء آلة الذبح عن نَظَر الأضحية عند ذبحها.
- من الشروط أيضا ألا تُذْبَح الأضحية أمام الأخرى.
- استقبال القبلة بالأضحية عند ذبحها.
- وضع الحيوان على جانبه الأيسر عند الذبح متجهاً نحو القبلة، فإن صعب ذلك ذبحها على جنبها الأيمن.
- يسن للمضحي أن يضع رجله على رقبتها ليتحكم بها
- لا يجوز من الأضاحي : العوراء واضحة العور ، و لا العمياء من باب الأولى ، العرجاء واضحة العرج ، و الكسيحة من باب أولى ، المريضة واضحة المرض، و الهزيلة شديدة الهزال .
- يستحب له أن يأكل من أضحيته ، و يدخر إذا شاء ، و يهدي الأهل و الجيران ، و يتصدق على الفقراء لقول الله تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } الحج: 28.
وكل عام والأمة الأسلامية طيبين وبخير
كاتب المقال مؤسس كلية طب بيطرى جامعة عين شمس والمشرف على وكالة الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ومشرف على تأسيس ورئاسة قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان- كلية الطب البيطرى- جامعة عين شمس