يجب علينا أن نتخلص من نزعة الانشغال بالماضى كثيرا ، وأن نقلع عن الالتفات إلى الوراء دائما ، فلا يجوز أن نحاول تبرير مساوئنا الحالية بنقائض أسلافنا الأقدمين ، ولا أن نسعى لالقاء مسئولية نكباتنا على عاتق تاريخنا القديم ، ولا يسوغ لنا – على وجه خاص – أن نستسلم إلى دواعى الخور والكسل ، وأن نتقاعس عن الكفاح والعمل ، بحجة أن الحالة الحاضرة نتيجة حتمية لطبائع الأمة ولمجرى تاريخها العام .
لا ريب فى أن حالتنا الحاضرة سيئة للغاية ، والنكبات التى منينا بها أخيرا كانت فى منتهى الفظاعة ، كما أن الاخطار التى تهدد مستقبلنا عظيمة جدا .
يجب علينا أن نعلم العلم اليقين أن أسباب ذلك لا تعود إلى طبائع أمتنا ، ولا إلى ماضينا البعيد ، بل إنما تعود الى أخطائنا نحن .
والأسباب التى أدت الى نكباتنا الأخيرة واستوجبت فشلنا الأليم ، ولن نبحث عن الأشخاص الذين يجب أن يعدوا مسئولين عن هذا الفشل وتلك النكبات ، هو : بقاؤنا بعيدين عن التفهم والتمثل لروح العصر الذى نعيش فيه ، وتقصيرنا فى التسلح بسلاح العلم الحقيقى .
وهناك سببا آخر ربما كان أبعد أثرا وأشد خطرا من كل ذلك : هو ضعف ايماننا بقضايانا ، وعدم إقدامنا على معالجة تلك القضايا بعزم وحزم .
إننا لم نستجمع قوانا المادية والمعنوية ، ونحشدها لتحقيق هدفنا الأسمى ، بل إنما عملنا بتراخ وتردد دون عزم قوى وتنظيم متين وإيمان عميق ، فأضعنا بذلك فرصا كبيره وانتهينا الى فشل ذريع .
إنه الإيمان العميق بإمكانات أمتنا ، والعمل الحازم المتواصل لتحقيق غايتنا ، والاستعداد التام للكفاح المقرون بروح التضحية الحقيقية ، المدعوم بالأمل الذى لا يقهر .
أما الافكار السائدة فى العالم الإسلامى اليوم فما هى إلا مزيج من الأفكار التى تعيق التطور والنمو وتتمثل فى الأفكار الميتة والأفكار القاتلة ، ورغم اختلاف مصدريهما إلا أن كلاهما يؤدى الى الهدم لا البناء .
انحراف الممارسة السياسية ، بحيث انفصلت السياسة عن القواعد والأسس العلمية التى تقوم عليها وتحولت إلى خداع ومكر وتضليل يمارسه بعض الدجالين لمغالطة أصحاب النوايا الطيبة والسذج من الجماهير ، واستخدام جماجم الضعفاء كجسر للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها .
تحطيم قدرات الإنسان من خلال الإنحراف بسلوكاته إلى ميدان الوقاحة والرذيلة وذلك من خلال محاربة القيم الأخلاقية بمختلف الطرق وتشجيع دعاة الانحلال بأسماء مختلفة ، ويهدف بذلك إلى تفكيك الروابط الأخلاقية لتمزيق شبكة العلاقات من جهة وإلى تغيير البنية الثقافية السائدة من جهة أخرى بالاضافة إلى المحافظة على حالة التخلف .
إن الشقاق وليد الأنانية ، والأنانية طبع غريزى فى الإنسان ، وجماح هذه الأنانية لا يكبحها إلا التربية الاجتماعية المتينة .
Fawzyfahmymohamed@yahoo.com