الجزء الثاني
تناولت في مقدمة سلسلة مقالات السقوط عن الحالات التي تعبر عن الحالة النفسية للمرضي وحال ذويهم ونظرة الموت القهري ولكنني سوف استعرض حالات من المرضي الذين ارتبطت بهم ارتباط وثيق بل كنت معهم في أضعف حالتهم وما أصعب أن يكون الإنسان اسير الشيطان وحينها تذكرت قول الله سبحانه وتعالي في سورة التين والزيتون حين قال بسم الله الرحمن الرحيم ( لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم ثم ردناه اسفل سافلين ( صدق الله العظيم وما أصعب أن يكون اولاد آدم في أسفل السافلين ..
المقدمة
يجب أن نعلم جميعا أن الحروب في عصرنا لم تعد حروب تقليدية بل إنها تجاوزت كل الاعراف والقوانين فهناك حروب الجيل الرابع والخامس وقد لاحظت من خلال تجاربي و معايشتي ان هناك أكثر الفئات هي الشباب وخاصة اولاد الطبقات الراقية ومن هنا كانت البداية…
البداية
اتصل بي الطبيب المعالج وابلغني بان أتابع حالة محمد وبدأت وانا استلم الملف وإقرأ في تفاصيل الحالة وكانت صدمتي الكبري حين رأيت صورة زميل الدراسة ولكني تأكدت من الاسم بعد الصورة وكانت صدمتي الكبري وكيف وهو ابن أكبر تجار البلد واسم والده اشهر من النار علي العلم .. والده يعتبر من أركان الاقتصاد في المحافظة التي نعيش فيها .. بدأت اتصفح الحالة وان كانت غير غريبة عني .. أسرته مكونة من اب ناجح تجاريا جدا وأم فاضلة حجت بيت الله وهم أربعة اخوات ثلاثة ذكور وبنت والبنت متزوجة من رجل ذي مركز مرموق في الدولة وترتيب إخوته أخوه الكبير هو المتولي أعمال والده التجارية وهو ترتيبه الثاني وبينه وبين أخوه الأكبر عامان فقط واخوه الاصغر طارق لكن أين الخلل واين الحلقات المفقودة ..
طلبت أن يحضر الي مكتبي وقابلته وكانت لحظات اللقاء التي تبكي القلب قبل العين رأيت وياليتني ما رأيت وانا أتذكر شكله ايام الدراسة اين طول القامة اين العيون التي كانت تلمع اين من كان يلعب كل أنواع الرياضة اين بطل كمال الاجسام رأيت أمامي رماد حطام انسان عيناه تكاد لا تري من هالة السواد حول عينيه وجسده أصبح نحيف مقوس مثل علامة الاستفهام …
بكيت بداخلي وانا احاول ان اتماسك و ذكرته بنفسي وتذكرنا الأيام الخوالي التي مضت وبعد فترة من التعارف جلس شارد حزين وقالت له احكي لي ليس بصفتي معالج بل بصفتي صديق فنحن هنا لسنا مؤسسة عقابية بل إننا نحاول أن نضع يدنا علي الحلول للخروج من حبال الشيطان ..
المأساة:
قال لي وهو شارد انا من اغتلت نفسي واغتالوني انا القاتل والقتيل انا المذنب والجاني وانا من أسلمت نفسي للشيطان وكانت البداية انا ابن الحاج فلان والكل يعرفه كان ترتيبي التاني في اخوتي بعد اخي الكبير واختي التي تليتي ثم اخي الصغير طارق الذي كان الطفل المدلل في البيت فان أبي قد تزوج وهو كبير في السن ..
وكنت اراقب تصرفاته فقد بدأت عليه علامات شحوب في الوجه وظللت اراقبه الي أن توصلت الي مكان كان يسهر فيه مع بعض رفقاء السوء ودخلت عليه فجأة وعندما رأني فزع من مكانه وانهرت عليه ضربا بالأفلام علي وجهه وظل يبكي ويتوسل لي أن لا أذكر ما حدث امام أحد أفراد العائلة وجاء الي بعض الجالسين في تلك السهرة فكلهم أبناء الطبقة الراقية من التجار وصمم احدهم علي أن أجلس واشرب كوب من الشاي وتناولت كوب الشاي وبدأت أشعر ببعض الدوخة وعرفت فيما بعد انهم قد وضعوا لي نوع خطير جدا من حبوب الهلوسة وكان هذا بايعاز من اخي كي لا افضح سره عن العائلة وتركت المكان وانا اترنح وقاد اخي سيارتي وذهبنا الي البيت وعندما دخلنا الي المنزل استيقظ والدي ثم بدأت حبوب الهلوسة تصيبني بحالة هياج … وعندها قال اخي لابي وامي واخواتي أن بعض من اصدقاءه قالوا له أن اخوك سهران وتعب من شرب المخدرات وحينها تحولت من أخ يخاف علي أخيه ومحافظ علي كيان الأسرة الي جاني وبدلا من أن يتم احتضاني أصبحت انا المنبوز وانا انظر الي اخي الصغير الذي سترت عورته وكشف هو عورتي .. وحينها قادتني قدماي الي وكر الشيطان الرجيم الي رفقاء السوء …
وسوف اكمل في الحلقة القادمة باقي المأساة