ثم أي..
ونمر..
كأننا لم نر مآتمنا تقام على شرف الفراق..
ونصطنع التجاوز كأننا لم نتألم..
وعلى غرار قولهم (أنا لا أكذب ولكنني أتجمل)..
نترك العنان للدموع في الخفاء..
يقودها الحزن ويقودنا في نهاية كل ليلة اشتياق..
إلى هاوية بعيدة..
قاعها حنين صادق جدا..
كافر جدا..
كلتا يديه سوطٌ أصم، يجلد ولا يرحم..
وقبور ضلوعِنا لوعةُ قلبٍ غررتْ به الدروب وخانه السفر..
والغياب حُجة تبدى للمرة الألف بعد أن سئمت الأعداد..
وكل غائب على قائمة الانتظار يعود إلا غائب قلب قبل أن يغيب الجسد..
أنا يا سيدي لا أكذب، لكنني أتجمل..
فإن أخبرتك أنني بخير جدا، فاعلم..
أن ذلك الخير بقايا انتظار يحترق كاحتراق غابة كبيرة في مضيق الروح..
أنا لا أكذب يا سيدي..
ولكنني أتجمل..
وحين لا تكفي المساحيق الموضوعة على وجهي..
لتخفي خلفها تلال الألم العميق المتراكمة على خريطة ملامحي..
فإني أكذب..
ولا بأس..
فقد اخترت لك من الكذب أرقاه..
ذلك الذي أتقمص فيه دور من لا يهتم، في حين أنني وصلت فصل الرماد..
ذلك الذي يبدأ بعد أن تخبو النار وتنطفئ..
ويدون للخسارات تاريخا يقبل التكرار ألف مرة..
بعد أن تنكفئ..
وها أنا..
أعبر غير آبه..
وأنا أنفض أقدامي من وعثاء الخذلان..
ثم أبحث عنك بين ذرات التراب..
رغم أنك لا تهمني..
أنا يا سيدي لا أكذب..
ولكنني أتجمل..
ترى، ما هو الأشد كذبا الآن..
كذباتي الكثيرة التي ذكرتها؟!..
أم صدقي الشديد بأنك لست على قائمة أوجاعي؟!..
ونسياني..
وأحزاني..
وكل أشيائي المزعجة..
أنك من أسس لها..
وجعل لها دولة وقانونا..
وفصولا للحصاد..
بدأت، حين بتُّ باكيا أول ليلة ولم تهتم..
وجاء بعدها الصباح وأنت تبتسم..
كأنك لم تصنع لي حزنا كبيرا..
ربما كنت أبالغ وقتها..
لكنني يا سيدي..
لم أكن أكذب..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..