من العادات المصرية القديمة انطباعنا على حب الخير ، ومساعدة المحتاج فلا يعيش بيننا جائع أو عار ، وإذا كرثت أحدنا كارثة هب الجميع إلى معونته .
هذه عادة من عاداتنا تراها فى الريف المصرى الجميل وتدركها فى الحى من المدينة وتلمسها على صفحات الجرائد .
ومن عاداتنا القديمة سجاحة طباعنا ، فلا نؤمن بالتعقيد ونكره الالتواء ونميل إلى الصفح والتسامح وبخاصة مع أنفسنا ؛ ومن هنا كانت ثورتنا الأخيرة بيضاء لم ترق فيها دماء حمراء .
ولا نأخذ بالتعصب ولا نميل إلى التزمت ففى روحنا سماحة الإسلام وسجاحة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
والمصريون مرحون بطباعهم ولعل هذا مرده إلى إيمانهم بالقضاء والقدر حلوه ومره ؛ خيره وشره ويتمثلون دائماً بمثل هذا القول ( ساعة لقلبك وساعة لربك ) ومن هنا أجادوا النكتة البارعة ، وفيهم جبابرة الفكاهة والسخرية اللاذعة .
والمجتمع المصرى ( كريم ) كما كان الحال مع أجداده العرب القدامى – فهو ( كريم ) فى وقته يتسامح فيه إلى أبعد حدود التسامح .
وهو كريم فى مطعمه ومشربه ؛ يفتن فى ألوان الطعام فإذا السفرة حافلة ، مع قلة روادها ، وإذا طعمت ونلت كفايتك أخذ الداعى أو الصديق فى التشديد عليك والحلف بأغلظ الإيمان لتزيد مما طعمت ، فإذا لم تسر فى تياره وتقبل إلحافه برم بك وضاق منك ورماك بعدم الوفاء والتكلف من غير أن يدرى أنك محدود الطاقة ، وإذا أكثرت من الطعام مرضت بأنواع من الأدواء التى يعانى منها أغلب المصريين .
ونحن مجتمع متدين يؤمن بربه ويقبل على دينه ويزاوج بين أداء الفرائض والترويح عن النفس فلا يطغى حظ أحدهما على الآخر كما يقول تبارك وتعالى 🙁 وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ) .
ومن هنا لم تعش بين ظهرانينا الجماعات المتطرفة المتعصبة .
والمطلوب اليوم من النخب ان تقوم بتجديد وتفعيل دور الفرد داخل المجتمع ويتطلب من الفرد الاستعداد التام لذلك التغيير معلنا البدء ببناء الذات وممارسة دوره الفعال فى المجتمع عبر قضاء الحرية وقمم المسؤولية والمواطنة لإرساء قواعد الديمقراطية ومواجهة التحديات الكبيرة التى تواجه المجتمع وللحفاظ على المكاسب الثورية والعمل على تنمية ثقافية وطنية راسخة من خلال ترسيخ القيم التى تساعد على بناء الوطن وتجعل دور الفرد دورا حضاريا ذا شخصية متوازنة وفعالة فى المجتمع يؤمن بالمشاركة والتشاركية التى تضمن للمجتمع الانتقال من العلاقة الرأسية بين السلطات والفرد الى العلاقة الافقية فى الانتماء الى الوطن .
والمجتمع المصرى على الرغم مما تعيش فيه من سلالات متباينه ومذاهب متفرقة ، وأنماط مختلفة قد صهر الجميع فى بوتقته وطبعهم بطابعه ؛ طابع محبة الخير والتسامح ولين الجانب وحسن المعاشرة .
فلهذا كان المجتمع المصرى أبعد المجتمعات عن أن تحترب فيه طبقات أو تخرج على أسلوبه جماعات ، فمن عاش فيه سرعان ما يتأقلم ، ويصبح ويمسى وكأنه عاش فيه منذ عشرات السنين .. إنه المجتمع المصرى .