إن هذه الرحلة فيها عظمة القدرة الإلهية متمثلة فى البداية بلفظ التسبيح ، وشرف البداية والنهاية (من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وسمو الهدف متمثل فى قوله سبحانه (لنريه من آياتنا) وحتمية العون الإلهى لعباده الداعين إلى منهجه ، من قوله سبحانه (هو السميع البصير) .
كان الإسراء بالنبى محمد عليه الصلاة والسلام من مكة الى القدس ثم العروج به الى السموات حدثا هاما فى تاريخ رسالته وفى منهجها .
ولقد سجل القرآن الكريم هذا الحدث فى افتتاح سورة الاسراء .. قال الله سبحانه : ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) .
ونحن – المسلمين – نؤمن بأن الرسول صلى الله عليه وسلم اسرى به ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى حيث امتطى البراق – وهو كائن يضع خطوه عند اقصى مد بصره – وكلمة براق تشير الى اشتقاقها من ( البرق ) اى تلك القوة الكهربية التى استخدمت فى هذه الرحلة ، اى ان الرسول صلى الله عليه وسلم ركب أداة تسير باقصى من سرعة الضوء التى اكتشفها العلم فى عصرنا ، انه صنع الله الذى اتقن كل شىء .
وفى صحيح السنة الشريفة ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى باخوته الانبياء ركعتين فى المسجد الاقصى فكانت هذه الامامة اقرارا عمليا من هؤلاء الأنبياء بان الاسلام كلمة الله الاخيرة الى الناس اخذت تمامها برسالة محمد عليه الصلاة والسلام بعد ان مهد لها رسل الله الاولون واستعدت الإنسانية وتأهلت لحملها .
إن الإسراء والمعراج وقعا كحدث هام فى فترة الرسالة قريبا من منتصفها التى استمرت نحو ثلاثا وعشرين سنة وكانت علاجا مسح متاعب ما انقضى ، ووضع بذور نجاح الرسالة فى المستقبل فرؤياه صلى الله عليه وسلم طرفا من آيات الله الكبرى فى ملكوت السموات والارض له اثره فى إزالة كيد الكافرين ، وتصغير جمعهم ، وكانت ايذانا بأن تلك الاودية والبلاد التى مر بها فى رحلة الإسراء سيكون اهلها من حملة هذا الدين ومعالمه .
وهذه الرحلة غيرت مسار الدعوة ، والأسلوب المتبع على طريقها ، إن النبى عليه الصلاة والسلام بعد تجربة الرحلة بين القبلتين حيث تنزل الوحى فى الرسالة المختلطة عير الخط الذى كان مسارا للرحلة المباركة وجدنا النبى عليه الصلاة والسلام يواصل مسيرة الدعوة بقلب مفعم بالأمل ، عامر بالثقة التى تؤكد حتمية النصر الذى وعد الله به رسله ، وسبقت به كلمته ؛ إذ قال جل شأنه : ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ، إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ).
انها رحلة تكريم وتثبيت واعانة على المصاعب رأى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى نذكرها لنستديم ذكره صلى الله عليه وسلم ، والصلاة والسلام عليه امتثالا لامر الله واعتزازا بالاسلام دينا نلتقى عليه ونعمل به حتى يجتمع امر هذه الأمة وتقوى فيها الاواصر وتتوثق العرى ، وحتى يعود اليها خلق التناصر والتعاون على البر والتقوى ، فتعود اليها وحدتها قلبا وقالبا وتكون كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد عبد الله ورسوله وخاتم الرسل والرسالات .