كتب التاريخ مليئة بالمواقف والدروس والتجارب ، وعلينا أن نقرأها ونستنتج منها ما يفيدنا في وقتنا الحاضر مع الأحداث المتسارعة الملتهبة المحيطة بنا فنحن نعيش في منطقة لم تشهد الاستقرار منذ وقت طويل للأسف الشديد ،مقاومة الشعوب من مشرقها وحتى مغربها لاحتلال معين أو ظلم حاكم مستبد كان دائما ينتهي بالنصر لصالح الشعوب في النهاية ، لكن الطرق تختلف وكذلك أعداد الشهداء الذين يستشهدون من أجل وطنهم وشعبهم وقضيتهم العادلة أما قليل أو كثير.
الاحتلال الفرنسي للجزائر الحبيبة نتج عنه أكثر من مليون شهيد وكانت ملحمة بطولية من أحرف من نور ، أما الاحتلال الأمريكي والبريطاني والقوات المتحالفة معهم للعراق نتج عنه أكثر من ستين ألف شهيد حسب احصائيات مختلفة وكانت هزيمة منكرة مرغت أنف هذين الجيشين بالتراب مما عجل بهروبهم خلال وقت قياسي رغم أنهم أعلنوا في بداية احتلالهم أنهم يريدون البقاء طويلا في العراق ، وجعله نموذجا خاصا من صنع أيديهم .
ومن أقذر طرق ضرب المقاومة الشعبية هو إبادة الشعب بأكمله ، لعدم قدرة الطرف الظالم على المواجهة وجها لوجه ، وأشهر ثلاثة أحداث و أشدهما دموية حدثت على يد الأمريكيين والثالثة على يد الرئيس العراقي السابق صدام حسين بحق أهلي الكورد ، والأمريكان والذين هم أكثرهم بكاء في وقتنا الحاضر على حقوق الإنسان والعدل والمساواة رغم أن أيديهم ملوثة بدماء الأبرياء منذ وقت طويل ، أولا إبادة الهنود الحمر والذين هم السكان الأصليين وأصحاب الأرض ، وثانيا القصف الذري المخيف في هيروشيما و وناجازاكي التي ألقيت على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية أيضا من قبل الأمريكان والتي جعلت هذا البلد يتحول إلى رماد ونتج عنها مقتل مائة وأربعين ألف في هيروشيما ، و ثمانين ألف قتيل في ناجازاكي.
أما الحدث الثالث فكما ذكرت سابقا على يد الرئيس العراقي السابق صدام حسين فلقد حاول إيقاف الرفض الشعبي له من قبل الكورد بشتى السبل لكنه فشل، فقرر قصفهم بالأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا وسميت بـ “حملة الأنفال” عام ألف وتسعمائة وثمانية وثمانين ،ونتج عنها تدمير ألفين قرية ، وكان يريد الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالاستمرار في إبادة الكورد لكنه توقف قليلا لأنه كانت لديه أطماع بغزو جارته دولة الكويت ولقد فعلها بعد أقل من سنتين عام ألف وتسعمائة وتسعين أي بعد أقل من عامين من ارتكابه “حملة الأنفال”.
والآن ما “أشبه اليوم بالبارحة ” ، الشعب الفلسطيني المكافح والمطالب بحقوقه المشروعة ، يتعرض إلى إبادة جماعية وحشية والعالم بأسره يتفرج ، وهو يذرف “دموع التماسيح ” ويتباهى ببيانات الشجب والاستنكار فقط لا غير ، تاركين الأطفال والنساء والكبار بالسن يموتون بصمت لأنهم يرفضون ما يقع عليهم من ظلم واضطهاد.