رغم ما يحيط بالدولة المصرية من تحديات وما تمر به من أزمات وما تواجهه من ضغوطات وما تحاول أن تلبيه من احتياجات ومتطلبات على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ إلا أنها بلاد تتسم بالصمود؛ فنراها تلبي نداءات الإغاثة الصادرة من جميع دول العالم الشقيقة منها والصديقة؛ فرصيدها الإنساني فاق رصيدها السياسي، رغم أهمية الثاني في تحقيق المصالح، وهذا ما جعلها في القلوب مستقرة يعشق ترابها أبنائها، ويتمنى غير منتسبيها زيارتها والتمتع بمزاراتها الفريدة؛ فشعوب العالم قاطبة تستشعر الدفء والأمن والأمان والراحة النفسية عند تواجدها على أرض المحروسة.
ونحن لا ريب نعيش في فترة زمنية تدور فيها رحى الحروب بالمنطقة وبمناطق أخرى عديدة بالعالم، وهذا ما جعل صورة الاستقرار الاقتصادي والمجتمعي نسبية لحد كبير؛ فتتوالى الأزمات وتتفاقم المشكلات جراء النوازل والحروب مجتمعة؛ إلا أن مصر الصامدة لا تتوقف عن مسار اتخذته وقررت في مخططاتها أن تصل إلى مبتغاها؛ إنها النهضة المشفوعة بالإعمار من خلال بناء وتنمية في شتى المجالات المختلفة؛ فالعثرات مهما كثرت لا تؤدي بحال إلى توقفها في طريقها النير.
لقد أراد بنا المتربصون أن يحدثوا فتنًا متوالية من الداخل والخارج؛ فلم ينالوا غايتهم، وما زالوا يطلقون الشائعات المغرضة ليل نهار؛ فما أحدثت أثرًا في نفوس الشعب الذي امتلك قراره وحدد مطالبه في استقرار يتلوه إعمار؛ فكانت هناك البنى التحتية القوية التي شكلت فارقًا في نمو الاقتصاد المصري، وساهمت في تسريع وتيرته، وأدت إلى جذب الاستثمارات المباشرة، كما استطاعت الدولة أن تبني مصانعها، وتعمر الصحراء، وتقدم خدمات صحية غير مسبوقة لتنهض ببناء الإنسان تزامنًا مع بناء الوطن؛ ليستطيع أن يضطلع بدوره ويشارك بفعالية في نهضة الوطن، ويحافظ على مقدراته، ويعيش الحياة الكريمة له وللأجيال القادمة التي سوف تواصل العطاء والنماء.
نوقن أن النهضة المصرية في ربوع وطننا الحبيب ما كانت لتحدث في ظل غياب الأمن والأمان اللذان يُعدانسياج المُناخ الاقتصادي والتنموي وعماد الاستقرار الاجتماعي والسياسي؛ ومن أجل ذلك صمدت الدولة أمام طوفان الفتن والشائعات، ودحرت المخططات المقيتة التي سعت لشق الصف المصري، ومن ثم إضعاف الهمة والعزيمة والدخول في نفق مظلم ينتج عنه مزيدًا من النزاعات والصراعات التي تذهب بمقدرات الدولة أدراج الرياح؛ لكن الفضل لله تعالى في أن وفق رجالًا حموا الحمى وبذلوا الدماء الذكية وقدموا أرواحهم الطاهرة من أجل فرض الاستقرار على أرض المحروسة.
إن ثورة الشعب التي تمخضت عن إرادته في العيش بحرية، وحماية الجيش الباسل لها، ورعاية قائد جسور قدم حياته فداءً لبقاء كيان الدولة، ومؤسسات وطنية جاهدت من أجل الوطن، كل ذلك يعبر عن معدن مصري أصيل في جملته؛ فقد هزم الإرهاب بالإرادة والشجاعة قبل السلاح؛ حيث أدركت جماعات الظلام أن بقائها في أرض الرباط بات دربًا من المستحيل، وأن رفض وجودهم قرار ترجمه تفويض شعب بأسره لقيادته الجسورة التي اتخذت من الإجراءات ما جعل محاربة الإرهاب لا ينفك عن مراحل بناء الوطن واستكمال مسيرته نحو الرقي والازدهار.
ويصعب أن ينكر عاقل صورة وحجم التحديات الضاغطة على المنطقة والعالم كله، ولا يقلل إلا جاحدًا الجهود الدبلوماسية المصرية الرئاسية منها وعلى مستوى الخارجية التي توصف بالحثيثة والمتواصلة في إنهاء الأزمات والحروب وعلى وجه الخصوص الحرب الجائرة والضروس على قطاع غزة من قبل العدوان الإسرائيلي المدعوم بقوى دولية تدعي العدالة وتنعق بماهية حقوق الإنسان، وتحاول على تفرض هيمنتها وسطوتها على الدول الضعيفة صاحبة العوز، وفي المقابل تسعى مصر بشكل دؤوب على عقد شراكات إقليمية تُسهم في تناول النزاعات والخلافات السياسية بطرق سلمية ودبلوماسية ذات جدوى.
ستظل بلادنا صامدة وراسخة كالجبال لا ينال منها كاره، أو حاقد، أو متآمر، أو خائن، وما عرضناه في السطور السابقة ما هي إلا ومضات وإشارات يصعب أن ندلل بشواهد لا حصر في صمود مصر؛ فللوطن عطاءات لا تنتهي، ومواقف عظيمة مشرفة، وستحيا بلادي ما دامت الحياة باقية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة – جامعة الأزهر