لابد أن تزيدوا حصيلة هذا الشهر كي تزيد حوافزكم ،تعلمون أنه على قدر ماتجمعون كلما زادت حصيلة كل منكم ، دوت كلمات المدير في ذهنه كصاعقة رعدية ،فهو بين شقي رحي مصاريف المدارس الخاصة لأولاده من جهة ، ومتطلبات البيت والمعيشة من جهة أخرى، وراتبه لايكفيه ، لكن حسم الأمر بينه وبين نفسه ،يعلم أن الجميع يعانون ،ولكن اختار أن يعمل بمبدأ أنا وبعدي الطوفان ، تفنن في التقدير الجزافي ، واعتبر كل الممولين لصوصا يحتالون للتهرب من الضرائب ، بدا وكأنه يتلذذ في الإيقاع بهم وصولا للحجز على ممتلكاتهم ،وتدور الأيام ليحيا في بحبوحة من العيش بعد أن ارتفعت حصيلته ،وألقى ضميره في غيابات الجب ، ليصبح أكثر زملائه حوافز متفوقا عليهم جميعا ، طموحاته تزيد واجتهد حتى جمع مبلغا كبيرا لشراء سيارة حديثة ، وبالفعل دفع فيها قسطا كبيرا يعادل ثلثي ثمنها ، خرج بها من معرض السيارات بعد أن أنهى أوراقها ، وتسلمها ليقودها وهو في قمة الفرح والسعادة متوجها إلى بيته ليصطحب زوجته وطفليه في نزهة ،وكانوا في انتظاره على نار ، وبينما يقودها يتدبر أمره ، يضع خططه ، كيف سيبذل قصارى جهده ليحاصر الممولين ليجمعها قبل موعد القسط الباقي ، وليجمع المبلغ المطلوب لعمل وثيقة تأمين للسيارة ، لكن لفت نظره بقعة كبيرة مثل بركة بعرض الطريق احتوتها المطبات ، لم يلق لها بالا وخاصة أن الوقت شتاء والإنارة خافتة ، ولم يدرك أنها بقايا عدة براميل من الزيت وقعت من سيارة نقل كبيرة ،لم يكن أمامه إلا أن يخوض فيها ليكمل طريقه ،لكن إطارات السيارت عامت وتمردت عليه ليصطدم بحاجز خرساني وتنقلب السيارة لتتحطم تماما ،وهو بداخلها ، يتم إنقاذه ، هاهو بغرفة العناية المركزة ، والجبائر على ساقيه ورجليه ،ومثبت للعنق حول رقبته ،محددة إقامته في سريره ، تطارده فواتير نفقات الإقامة بالمستشفى ،والقسط الكبير المتبقى عليه ، لم تك لديه حتى رفاهية التفكير فيما حدث له ، مستسلما لغيبوبة طويلة طويلة ممتدة لتلتحم بما سبق عندما ألقى ضميره في الجب.