لا يحتاج إلى إذنٍ ليدخل. يأتي مع ضجيج المترو …أو في صمت الليل المتأخر.!!! لا يحمل حقيبةً ولا يقدّم وعودا…كنه يترك آثار أقدامه على طاولات المقاهي… وعلى زجاج النوافذ . قد يكون رفيقًا ثقيلًا ، أو نسمةً لا تلبث أن تتبخّر. لا يسأل إن كنت مستعدًّا لاستقباله ، بل يفرش أوراقه العشوائية فوق حياتك المنظمة…ويذهب.
إنه ليس خيطًا ذهبيًّا يسحبك من المستنقع… ولا شمعةً تضيء النفق. الحلم أشبه بندبةٍ قديمة: تؤلمك حين يغير الطقس…لكنها تذكرك أنك ما زلت حيًا. نحمله في جيوبنا كعملةٍ نادرة….نلمسها بين الحين والآخر لنطمئنّ أنها لم تُسرق.. لكننا نرفض أن ننفقها. نخاف أن تكون آخر ما نملك.
لا يحتفي بالمنطق. ينام معك على وسادةٍ واحدة… فيهمس بأشياءَ مستحيلة: “اصنع كونًا خاصًا” “ابنِ سفينةً من ظلّك” “اكسر القواعد التي لم تخترها”! قد تضحك منه في النهار….وتتّهمه بالجنون….لكنك في اللحظة التي تخلع فيها حذاءك المُتعب تجد نفسك تُقلّب الأوراق سرًا أو تخطّط باهتمامٍ طفولي لشيءٍ لن تعترف به لأحد.
الأحلام لا تموت لأننا نرفضها بل لأننا نتوقف عن اللعب معها. تصير مثل رسائلَ لم نفتحها: نعرف أنها هناك في صندوق الذكريات…. تطالبنا بإجابة….أو باعترافٍ ما. لكننا نُحكم إغلاق الصندوق ونشرب قهوتنا بسرعة كأن شيئًا لم يكن.
في النهاية… لا بأس إن لم يتحقق الحلم. فالأحلام ، في جوهرها، ليست غايةً بل حيلة. نتمسك بها لنكون أكثر جرأة، أكثر هشاشة، أو ببساطة… أكثر حياة. وعندما يتعثر الواقع… عندما تضيق الأرض…نهمس في سرّنا: “على الأقل لديّ…” ثم نصمت. لأن الأحلام تُحب الصمت وتكره أن تُقال!!!