عالم جديد يتشكل ..دائما يخرج من رحم الحروب المستعرة في ارجاء المعمورة..الإنسانية الباحثة عن الاستقرار لا تكف عن الصراخ والمناداة والالحاح ان ارحموا الأرواح المزهقة والنفوس المتعبة والاقتصاديات المنهارة والاوطان التي انهكتها الات الحروب الجهنمية التي لاتبقي ولا تزر..
السؤال هل نحن على أبواب عالم جديد بالفعل ام ان المسالة مجرد اضغاث أحلام؟!
الإجابة يمكن الحصول عليها من القراءة الواعية والمستوعبة لما يجري على الخريطة العالمية شرقا وغربا..والحركة القلقة لتفاعلات القوى الإقليمية ومدى الاحترام للقانون الدولي والإنساني في المواجهات سواء الناعمة والأشد خشونة..
من المفارقات الموحية انه بينما تحتفل قوى دولية كبرى باعياد النصر على النازية..تدق قوى أخرى طبول حرب عالمية جديدة تقودها وتغزيها نازية-صهيونية جديدة هي الأشد خطرا والأكثر اجراما وانحطاطا وتجردا من أي قيم إنسانية..كثير من دول العالم المغلوب على امره تضع ايديها على القلب خشية الانفجار الكبير القادم في أي لحظة خاصة وان بعض الحرائق تشتعل ويخشى ان تجر الذيول الى أمور خارج السيطرة..
تاريخ المجازر يعيد نفسه وكأن مجرمي الحر ب على موعد جديد وجولة أخرى لامتصاص الدماء وازهاق الأرواح البرئية بكل جرأة وتحد سافر لكل القيم..شبح المجازر وعمليات الإبادة التي ارتكبت في الحرب العالمية ومن بعدها في البوسنة والهرسك حاضرة وبقوة في غزة..الجديد هذه المرة ان مجرم الحرب بنيامين نتياهو رئيس وزراء العدو الإسرائيلي وعصابته كان يستحضر ويستذكر جرائم الإبادة السابقة التي ارتكبت في الحرب العالمية وتدارس الامر مع الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن صراحة وهو ما كشف عنه بايدن شخصيا في حوار مع نتنياهو حين لفت نظره ذات مرة ان ما يفعله في غزة جريمة حرب..فيرد عليه النتن ياهو بانكم أي الامريكان فعلتم اكثر من ذلك في دريزدين الألمانية حين الحصار والابادة..والمح له انكم القيتم قنابل ذرية على هيروشيما وناجازاكي!
بدا الامر وكانه مناطحة ومعايرة لامريكا بانها ارتكبت ما هو افظع مما يحدث في غزة ولم يردعهم احد فلماذا لا تريدون للصهاينة إبادة الفلسطينيين والخلاص منهم؟!
لعل هذا ما يفسر أسباب الحماية لنتياهو حتى بعد ان صدر حكم المحكمة الدولية بادانته كمجرم حرب وطالبت الدول الأعضاء باعتقاله فور وصول أراضي أي منها..
قد يقول قائل ومعه حق ان ما حدث في الأمم المتحدة وما فعلته أمريكا والدول الغربية مع إسرائيل وإخراج المنظمة الدولية من الخدمة واصابتها بالشلل التام وعدم القدرة على فعل أي شيء ضد ما يهدد الامن والسلم الدوليين واجهاض حق الإرادة الدولية الرافضة لما يجري من إبادة وحصار وقتل للمدنيين وتجويع تحت الحصار وهدم ونسف كل المنشآت المدنية خدمية وصحية وتعليمية وغيرها..كل هذا عطل فكرة الحديث عن تغيير في نظام القطب الواحد والاتجاه نحو عالم متعدد الأقطاب..
هذا الطرح له وجاهته الا انه يتناسى ان تلك الأسباب هي نفسها الوقود الحقيقي المحرك نحو ضرورة وجود عالم متعدد الأقطاب بعد ان أصاب الفيتو الامريكى الامم المتحدة بالشلل لصالح كيان غاصب وللدفاع عن جرائم ضد الإنسانية وتوفير الحماية لمجرمي الحرب علانية..رغم انف القانون والروح الانسانية!
التوجه نحو عالم جديد يتشكل بدا بوضوح مع الاحتفالات الكبرى بأعياد النصر التي خطط لها ورعاها بعناية الرئيس الروسي بوتين في موسكو الأسبوع الفائت وحشد لها قادة القوى المؤثرة في العالم اقتصاديا وعسكريا وصناعيا وما يمكن تسميتهم باقطاب النظام العالمي الجديد..
المقارنة البسيطة والعفوية للصورة العامة والمقابلات في البيت الأبيض والصورة في الكرملين تكشف ابعادا حقيقية لما يجرى وملامح المستقبل المنظور..
صورة الكرملين واضحة ناطقة عالم يتجه بالفعل نحو بناء عالمي جديد
يعلن بوضوح رفضه لما يجري على الساحة برعاية ومشاركة أمريكية وتورط حقيقي ضد السلام وضد القانون الدولي وضد الروح الإنسانية ضد النازية الجديدة في ابشع صورها والتي يحتفلون بالنصر عليها وهزيمتها هزيمة منكرة منذ ثمانين عاما..
المشاركات لها دلالاتها وتبعث برسائل قوية للجميع بوتين كان في استقبال تاريخي لرؤساء الدول القوية والمفاتيح في النظام الجديد المحتمل بقوة فضلا عن الرئيس عبدالفتاح السيسي جاء الرئيس الصيني ورؤساء مجموعة البريكس ذات القوة والحيوية المنتظرة ورئيس كوريا الشمالية وغيرهم. لم يتوقف الامر على حضور الزعماء بل كان للمشاركات العسكرية دورها ورسالتها في العرض العسكري المهيب بمشاركة عشرة الاف جندي ومعدات حديثة ومتطورة ووحدات عسكرية من 13 دولة..
أمور قصدت منها روسيا التأكيد على اتساع العلاقات والانفتاح على العالم خاصة القوى الفاعلة على الساحة العالمية وأيضا لدحض الروايات الغربية حول عزلة روسيا ومحاولة خنقها اقتصاديا وعسكريا..
الصورة على الجانب الاخر في البيت الأبيض كانت تشي وتحمل علامات واشارات تخبط وترهل للقطب الواحد المسيطر ستقود حتما الى بداية التلاشي وتغيير عناصر معادلات القوة الدولية..إدارة ترامب تسارع الى عمليات ترقيع خروق كبيرة تتسع كل يوم اصابت العلاقات الامريكية مع العالم حلفاء وغيرهم..لقاءات تجري مع الموتورين من السياسة الامريكية والمتمردين والرافضين للقرارات الصهيو-ترامبية وتوجهاتها التجارية والسياسية والعسكرية على سبيل المثال لقاءات رئيس وزراء كندا ورئيس وزراء بريطانيا والرئيس الاوكراني.. محاولات للترضية وامتصاص الغضب والبحث عن علاقات ودية بعد هزات عنيفة كان لها صداها وتاثيرها المباشر على الصورة الامريكية..
في الاطار لم تخف الإدارة الامريكية حنقها وغيظها مما يجري في الكرملين واحتفالات النصر المبالغ فيها والحضور الدولي القوي وهوما بدا واضحا في تصريح ترامب القائل:نحن من صنعنا النصر ولم نحتفل!
انه يكذب ولا يتجمل لان الامريكان ارتكبوا مع النصر اكبر وافظع جريمة ضد الإنسانية في المسلسل الدموي الأمريكي شديد الاجرام والمستمر ويكفي الإشارة الى هيروشيما وناجازاكي!
العالم الجديد يتشكل وفجر الحرية آت وسيسطع النور قريبا يملأ الأرض بهاء وفرحا بعد ان جاوز الظالمون المدى ولم تعد الإنسانية قادرة على ان تتحمل جرائم ابعد مما وصل اليه النازيون الجدد.. العالم لن يعدم أحرارا يواجهون قوى الشر ويرفعون راية الحق ونصرة المستضعفين في كل زمان ومكان.
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com