نشأ وحيد والديه المشتغلين عنه دائما ، مدللا ، طلباته أوامر ،لكأن جني المصباح مسخر لخدمته في بيت مرفه معبق بنشوى السلطة والزهو والاختيال ، سلوكه متسلط عنيف يفرض سطوته على أترابه في النادي والكومبوند السكني والمدرسة ، لايحترم كبيرا ولاصغيرا ،يتعامل معه الجميع باحترام حتى مدرسيه اتقاء لشره ، كان يسعى دوما لافتعال مشاكل ليس مع مدرسيه فقط بل مع مدير المدرسة ، يقود ماشاء من سيارات أبيه بلا رخصة ، بل ويسعى أمام أصحابه لافتعال مشاجرة مع عساكر المرور كأنما يختبر قوته مستعرضا إياها أمام شلته ، ولم لا؟!! و كل حماقاته ونزواته الصبيانية تنتهي بكلمتي لوم وعتاب في عجالة من والديه المشتغلين دائما ، تفاقمت تصرفاته الطائشة بدءا من التنمر وصولا للشجار الذي ابتدأه باليد وصولا للضرب بالمضارب والعصي،ولسطوة والده وسلطانه كانت كل المحاضر تنتهى للاشيء، تفاقمت أعماله حتى باتت فعلا بلا رادع ، تتطور يوما فيوم حتى تشاجر مع أحد زملائه ليضربه ضربة على رأسه سببت كسرا بالجملة ونزيفا بالمخ ليرقد في حالة خطرة بغرفة الرعاية المركزة ، تم إيداعه بأحد دور رعاية الأحداث ، أخيرا لم تجد سطوة والده، ليجد نفسه بين مجموعة من الصبية المحكومين في جرائم مختلفة ،تعامل معهم بتأفف وتكبر ، وما إن فكر في استعراض قوته إلا ولقنوه درسا لا ينسى ،وأهانوه وأذلوه وجعلوا منه مسخرة وخادما للعنبر ، عرف الخوف من الغير ،دبت وتمكنت الرهبة منهم في قلبه ، داهمته نوبة بكاء شديد وإحساس بمرارة الذل والقهر ، جعلته يندم على ما فعله مع ضحاياه ،داهمه الاكتئاب ، صار قليل الكلام ،والأشد انصياعا لأوامر مشرفي الدار وقبلهم فتوات العنبر من الصبية معتادي الإجرام ، رفض أن يقابل والديه عند زيارتهما له ،حاول ان يتبرأ من ذكرياته السخيفة بقسوة أحداثها ، مدركا متيقنا أنه كان بركان أذي لمن حوله خاصة بعد علمه بموت زميله وصدور الحكم عليه كقاتل، يقبع شاردا وحيدا ذليلا ممتنعا عن الكلام ، ذبل ضعف نحف صار كظل بائس في ركن زنزانته ليستكمل مدة عقوبته في السجن العمومي .
